بحيرات صافية تعكس السماء الزرقاء، وأنهار تتعرج عبر الجبال الخضراء، وأراض كانت مهددة بالتصحر تحولت إلى اللون الأخضر، ومناظر طبيعية خلابة تتخللها الألواح الشمسية وتوربينات الرياح.. تعد مقاطعة تشينغهاي بشمال غربي الصين نموذجا ناجحا لجهود البلاد الدؤوبة للحفاظ على البيئة الطبيعية والتنمية الاقتصادية عالية الجودة خلال العقد الماضي.
إن المقاطعة التي يبلغ عدد سكانها 5.94 مليون نسمة، غنية بالموارد الطبيعية بفضل موقعها الجبلي وأكثر من 3000 ساعة من ضوء النهار كل عام. وتعد المقاطعة التي يطلق عليها اسم “برج المياه الصيني” منابع لثلاثة أنهار صينية رئيسية – نهر اليانغتسي والنهر الأصفر ونهر لانسانغ.
وتنقل المقاطعة أكثر من 60 مليار متر مكعب من موارد المياه إلى الروافد الدنيا للأنهار كل عام، لتصبح مصدرا مهما لموارد المياه العذبة للصين.
وعلى مر السنين، تحملت المقاطعة مسؤوليتها لضمان الأمن البيئي للصين، وقادت برامج عديدة للتنمية الخضراء. وفي عام 2016، أطلقت المقاطعة مشروعا تجريبيا لإنشاء المنتزه الوطني لمنابع الأنهار الثلاثة، أول مشروع تجريبي لنظام المنتزهات الوطنية في جميع أنحاء البلاد.
ومع التركيز على بناء المنتزه، بذلت المقاطعة جهودا ملحوظة في الحماية والاستعادة المتكاملة للجبال والمياه والغابات والحقول والبحيرات والمراعي والصحاري والهضاب الثلجية، من بين مشاريع أخرى لاستعادة النظام البيئي.
وخلال العام الماضي، تم إنشاء المنتزه الوطني لمنابع الأنهار الثلاثة الذي يمتد الآن ستة أضعاف مساحتها الأصلية، بعد ست سنوات من البناء، مما يمثل علامة فارقة في تنمية الحضارة الإيكولوجية للصين. وبفضل التحسن في البيئة الطبيعية، أرسلت منابع الأنهار الثلاثة في العام الماضي أكثر من 76.5 مليار متر مكعب من المياه إلى الروافد الدنيا للأنهار.
كما زادت أعداد الحيوانات البرية بشكل ملحوظ. وتم تدريب ما يصل إلى 17.2 ألف من الرعاة وترخيصهم من قبل السلطات المحلية كحراس للبيئة الطبيعية، مما يعكس الجهود المحلية في زيادة الوعي العام بحماية البيئة الطبيعية.
وعلى مر السنين، كرست المقاطعة 75% من إنفاقها المالي لتحسين معيشة الناس، وإطلاق 4591 مشروعا اجتماعيا، وتعزيز مشاريع الإسكان وخدمات الرعاية المنزلية للمسنين، وإنشاء 46 مجتمعا طبيا على مستوى المحافظات.
وكرست المقاطعة جهودا كبيرة لتعزيز الوحدة القومية، التي تعد شريان الحياة لجميع المجموعات العرقية للصين، وبناء نفسها لتصبح مقاطعة نموذجية للوحدة القومية تضم 110 مجتمعات سكنية نموذجية تجمع بين الناس من مجموعات عرقية مختلفة.
وقالت ليو تسوي تشينغ، مديرة لجنة الحزب الشيوعي الصيني لأحد المجتمعات السكنية بمدينة شينينغ للمقاطعة “نضع المجتمعات السكنية في مقدمة جهودنا لتعزيز الوحدة القومية، ونهدف إلى تفعيل دورها في بناء منطقة حضرية صالحة للعيش والعمل”.
ساعدت المزايا الجغرافية الفريدة لمقاطعة تشينغهاي على إحراز تقدم سريع في تنمية الطاقة النظيفة خلال العقد الماضي، مما وضع المقاطعة على طريق التنمية عالية الجودة ذات الخصائص المحلية.
وفي أكتوبر من العام الماضي، بدأ بناء مشروع قاعدة الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح في المقاطعة، كجزء من خطة الحكومة المحلية لبناء منشآت كبيرة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وبقدرة مركبة إجمالية تبلغ 10.9 مليون كيلوواط، يعد المشروع جزءا من مشروع قاعدة الطاقة المتجددة واسعة النطاق بقدرة مركبة تبلغ 100 مليون كيلوواط.
وفيما يتعلق بنمو الناتج المحلي الإجمالي، ازداد ناتج المقاطعة بأكثر من ضعف خلال عقد من الزمان، حيث قفز من 152.8 مليار يوان في عام 2012 إلى 334.7 مليار يوان (47 مليار دولار أمريكي) في العام الماضي.
وخلال العام الماضي، وصل إجمالي قدرة الطاقة المركبة للمقاطعة إلى 42.86 مليون كيلوواط، أو ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما كان عليه في عام 2012. وشكلت القدرة المركبة بالطاقة النظيفة والطاقة الجديدة 90.83% و61.36% من الإجمالي على التوالي، لتحتل المرتبة الأولى في الصين.
وتجاوزت مساحة المياه لبحيرة تشينغهاي 4625 كيلومترا مربعا، وزادت بمقدار 220 كيلومترا مربعا خلال السنوات العشر الماضية. وتحتل المقاطعة المرتبة الأولى في الصين من حيث مساحة الأراضي الرطبة وتبلغ نسبة جودة مياه الأنهار الممتازة فيها 100 بالمائة.
وقال تشانغ نا جيون، مدير لجنة التنمية والإصلاح بالمقاطعة “سنوحد جهودنا لبناء مقاطعة تشينغهاي لتصبح مركزا لبناء الحضارة البيئية، من خلال إنشاء نظام للتنمية الخضراء منخفض الكربون يركز على بناء قاعدة عالمية لصناعة البحيرات المالحة، ومركز وطني لصناعة الطاقة النظيفة، وجهة دولية للسياحة البيئية، ووجهة لتصدير المنتجات الزراعية والرعوية الخضراء”.