المواطنون والأصدقاء،
اليوم، نحتشد هنا على نحو يليق بعظمة المناسبة، للاحتفال بالذكرى الـ٢٥ لعودة هونغ كونغ إلى الوطن الأم، وإقامة مراسم تنصيب حكومة فترة الولاية السادسة لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة.
بادئ ذي بدء، أتقدم بخالص تحياتي إلى جميع المواطنين في هونغ كونغ، وأحر التهاني لجون لي، الرئيس التنفيذي الجديد، وكبار المسؤولين، وأعضاء المجلس التنفيذي لحكومة فترة الولاية السادسة لمنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة. كما أود التعبير عن شكري القلبي للمواطنين داخل البلاد وخارجها والأصدقاء الأجانب على دعمهم لقضية “دولة واحدة ونظامان”، وازدهار واستقرار هونغ كونغ.
تُدون في سجل التاريخ لحضارة الأمة الصينية الممتدة لأكثر من خمسة آلاف سنة الحياة الزراعية الجادة لأسلافنا على أرض لينغنان (جنوب التلال الخمسة). كما يُدون في سجل تاريخ الصين المعاصر الذلُ الكبير الناجم عن التنازل اضطرارا عن هونغ كونغ، ناهيك عن النضال الشاق الذي خاضه أبناء الشعب الصيني بغية انتشال الوطن في الأوقات العصيبة. وكذلك تُدون في سجل التاريخ للكفاح العظيم الذي قاد الحزب الشيوعي الصيني أبناء الشعب الصيني للمشاركة فيه والذي استمر لما يقرب من قرن المساهمات الاستثنائية والمهمة التي قدمها المواطنون في هونغ كونغ. فمنذ فجر التاريخ، لطالما شارك المواطنون في هونغ كونغ مع الوطن الأم في السراء والضراء وارتبطوا بها ارتباط الدم باللحم.
واستهلت عودة هونغ كونغ إلى الوطن الأم حقبة جديدة في تاريخ المنطقة. وعلى مدى الـ٢٥ سنة الماضية، وبدعم الوطن الأم الكامل والجهود المشتركة من قبل حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة ومختلف الأوساط الاجتماعية، حققت ممارسات “دولة واحدة ونظامان” نجاحا معترف به عالميا.
— بعد عودتها إلى الوطن الأم، ولمواكبة تيار الإصلاح والانفتاح في البلاد، تقدمت هونغ كونغ إلى الطليعة، ولعبت دورا رياديا، وربطت البر الرئيسي للوطن الأم وبقية العالم بكونها جسرا ونافذة، بما قدمت مساهمات لا بديل لها في خلق معجزة التنمية الاقتصادية السريعة والمستقرة والطويلة الأمد للوطن الأم. كما عملت هونغ كونغ بنشاط على الاندماج في المنظومة العامة للتنمية الوطنية والمواءمة مع الإستراتيجيات التنموية الوطنية، ومواصلة الحفاظ على المزايا المتمثلة في درجة عالية من الحرية والانفتاح والتوافق مع القواعد الدولية، مما لعب دورا حيويا في تشكيل نمط جديد لانفتاح أوسع نطاقا وأفسح مجالا وأعمق بعدا على العالم الخارجي. وعلى صعيد متصل، تم توسيع مجالات التبادل والتعاون بين المنطقة والبر الرئيسي بشكل شامل، وتم تحسين الآليات ذات الصلة على نحو مستمر، فأصبحت منصة ريادة العمل وإحراز الإنجازات للمواطنين في هونغ كونغ أكثر رحابة.
— بعد عودتها إلى الوطن الأم، صمدت هونغ كونغ أمام العديد من التقلبات والتحديات، ومضت قدما بخطوات ثابتة. وسواء أكانت الأزمة المالية العالمية أو جائحة كوفيد – 19 أو الاضطرابات الاجتماعية الشديدة، كلها لم تحل دون تقدم هونغ كونغ صوب الأمام. على مدى الـ٢٥ سنة الماضية، شهد اقتصاد هونغ كونغ تنمية مزدهرة، وتوطدت مكانتها كمركز دولي للمالية والشحن البحري والتجارة، ونهضت صناعة العلوم والتكنولوجيا المبتكرة فيها بوتيرة سريعة، وأصبحت في صدارة مدن العالم من حيث مدى الحرية والانفتاح، وهيأت بيئة الأعمال التجارية على المستوى العالمي، كما تم الاحتفاظ بالتشريعات القديمة التي تحتوي على القوانين العادية وطرأ عليها تطور جديد، وأحرزت جميع المشاريع الاجتماعية فيها تقدما شاملا، وحافظ الوضع الاجتماعي على الاستقرار العام. ونالت حيوية هونغ كونغ إعجاب العالم كله باعتبارها إحدى كبرى المدن الدولية.
— بعد عودتها إلى الوطن الأم، أصبح المواطنون في هونغ كونغ سادة للمنطقة، ومع تطبيق مبادئ “أهالي هونغ كونغ يديرون شؤون هونغ كونغ” ودرجة عالية من الحكم الذاتي، دخلت هونغ كونغ فعلا إلى حقبة الديمقراطية. وعلى مدى الـ٢٥ سنة الماضية، جرى النظام الدستوري للمنطقة الإدارية الخاصة على أساس الدستور والقانون الأساسي بصورة مستقرة وسليمة، وتم تطبيق الولاية القضائية الشاملة للحكومة المركزية على أرض الواقع، وتمت ممارسة حق المنطقة الإدارية الخاصة في الدرجة العالية من الحكم الذاتي بشكل صائب. وإن سن قانون الأمن القومي في هونغ كونغ، وإنشاء نظام حفاظ الأمن القومي في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، وتعديل وتحسين نظام الانتخابات في هونغ كونغ، كل هذه التدابير وفرت ضمانا لوضع مبدأ “الوطنيون يديرون شؤون هونغ كونغ” موضع التنفيذ. ويتماشى النظام الديمقراطي في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة مع مبدأ “دولة واحدة ونظامان”، ويتوافق مع الوضع الدستوري للمنطقة، وسيساهم في ضمان الحقوق الديمقراطية لأهالي هونغ كونغ، والحفاظ على ازدهار المنطقة واستقرارها، وله آفاق مشرقة.
المواطنون والأصدقاء،
ويعتبر مبدأ “دولة واحدة ونظامان” إبداعا عظيما غير مسبوق، ومقاصده الأساسية هي حماية سيادة الدولة وأمنها ومصالحها التنموية والحفاظ على الازدهار والاستقرار الدائمين في هونغ كونغ وماكاو. وكل ما تفعله الحكومة المركزية هو لصالح البلاد، ولصالح هونغ كونغ وماكاو، ولصالح المواطنين في المنطقتين. وفي التجمع الاحتفالي بالذكرى العشرين لعودة هونغ كونغ إلى أحضان الوطن الأم، لقد ذكرت أن الحكومة المركزية تلتزم دائما بتنفيذ مبدأ “دولة واحدة ونظامان” بكل ثبات وعزم لا يتزعزع، وستضمن تطبيقه بصورة كاملة وسديدة ودون تشويه. واليوم، أريد أن أؤكد مرة أخرى على أن مبدأ “دولة واحدة ونظامان” الذي تم اختباره خلال الممارسة مرارا وتكرارا يتفق مع المصالح الأساسية للبلاد والأمة والمصالح الأساسية لمنطقتي هونغ كونغ وماكاو، ويحظى بتأييد كامل مما يزيد عن 1.4 مليار من أبناء شعب الوطن الأم، ودعم مشترك من جانب أهالي هونغ كونغ وماكو، وكذلك اعتراف واسع النطاق من قبل المجتمع الدولي. لذلك، لا مبرر لتغييره بل يجب الالتزام به لفترة طويلة نظرا لكونه نظاما سليما.
المواطنون والأصدقاء،
كما يقول المثل الثائر: باستذكار الدرس القديم تحصل على إلهام جديد، وبمراجعة ما هو الفائت تعرف ما هو القادم. لقد تركت الممارسات الغنية لـ”دولة واحدة ونظامان” في هونغ كونغ الكثير من الخبرات القيمة والإلهام العميق. وتعلمنا الممارسات خلال السنوات الـ25 الماضية أنه لا يمكن ضمان مواصلة تطور قضية “دولة واحدة ونظامان” نحو الاتجاه الصحيح بثبات، إلا من خلال الفهم العميق والاستيعاب الدقيق لقوانين ممارسته.
أولا، يجب تنفيذ مبدأ “دولة واحدة ونظامان” على نحو شامل ومحكم. ويعد مبدأ “دولة واحدة ونظامان” منظومة متكاملة، وإن حماية سيادة الدولة وأمنها ومصالحها التنموية هي أعلى المبادئ في إطار “دولة واحدة ونظامان”. وعلى هذا الأساس، ستحافظ هونغ كونغ وماكاو على نظامهما الرأسمالي القائم لفترة طويلة، وفي نفس الوقت، تتمتعان بدرجة عالية من الحكم الذاتي. والنظام الاشتراكي هو النظام الأساسي لجمهورية الصين الشعبية، وقيادة الحزب الشيوعي الصيني هي أهم المميزات الجوهرية للاشتراكية ذات الخصائص الصينية، فيتعين على جميع أهالي المنطقتين الإداريتين الخاصتين احترام النظام الأساسي للبلاد وحمايته بوعي. وإن التنفيذ الكامل والمحكم لمبدأ “دولة واحدة ونظامان” سيخلق مساحة لا حدود لها للتنمية في هونغ كونغ وماكاو. وكلما ازدادت متانة مبدأ “دولة واحدة”، تتضح مزايا “نظامان” أكثر جلاء.
ثانيا، يجب التمسك بالولاية القضائية الشاملة للحكومة المركزية مع ضمان الدرجة العالية من الحكم الذاتي للمنطقة الإدارية الخاصة. وبعد عودة هونغ كونغ إلى الوطن الأم، تمت إعادة إدراجها ضمن منظومة الحوكمة الوطنية، وإنشاء فيها نظام دستوري خاص للمنطقة الإدارية الخاصة يتخذ “دولة واحدة ونظامان” مبدأ توجيهيا أساسيا له. وتدعم الولاية القضائية الشاملة للحكومة المركزية إزاء المنطقة الإدارية الخاصة حقَ المنطقة في الدرجة العالية من الحكم الذاتي. وفي الوقت نفسه، تحترم الحكومة المركزية بشكل كامل هذا الحكم الذاتي الذي تتمتع به المنطقة الإدارية الخاصة وفقا للقانون وتحافظ عليه بثبات. إن إنفاذ الولاية القضائية الشاملة للحكومة المركزية وضمان الدرجة العالية من الحكم الذاتي في المنطقة الإدارية الخاصة جانبان لا يتجزآن من نفس السياسة، وإنه فقط من خلال ضمان كليهما يمكننا أن ندير المنطقة الإدارية الخاصة بشكل جيد حقًا. وتتمسك المنطقة الإدارية الخاصة بتطبيق نظام سياسي تقوده الأجهزة التنفيذية، وتؤدي الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية واجباتها وفقا للقانون الأساسي والقوانين المعنية الأخرى، وتقيّد الأجهزة التنفيذية والتشريعية بعضها بعضا وتتعاون بعضها مع البعض في آن واحد، بينما تمارس الأجهزة القضائية سلطتها القضائية المستقلة وفقا للقانون.