جريدة الأنباط الأردنية/
يلينا نيدوغينا
*كاتبة وإعلامية أُردنية روسية متخصصة بالتاريخ والسياحة الأُردنية، ورئيسة تحرير صحيفة «الملحق الروسي»، في صحيفة «ذا ستار» سابقاً.
قد نعوّل كثيراً على السياحة الدولية والجذب السياحي الكبير إلى المملكة، لرفد الميزانية الحكومية والتشغيلات المختلفة، لكن ذلك يبدو مستحيلاً في “عصر كورونا” والإغلاقات المتواصلة. وقد نهتم بالسياحة الداخلية للمواطنين “العاديين”، إلا أننا قد لا ننتبه إلى أهمية ما يمكن أن نطلق عليه تسمية “السياحة الداخلية للمُتجنّسين والأجانب”، المُقيمين مؤقتاً أو بشكل دائم في بلادنا. هذا الشكل، أو لنقل هذه الصورة من السياحة، يمكن أن يُصبح قِيمة كُبرى مُستدامة ورافعة حقيقية لجذب أعدادٍ مُتكاثرة من السياح، وبالتالي تشغيل الأيدي العاملة ومرافق أخرى كالمطاعم والفنادق المتوسطة والصغيرة، ومحال التحف الشرقية وغيرها الكثير.
قبل فترة، تلقيت طلباً من مجموعة كبيرة ومتجانسة من السيدات الناطقات بالروسية، مواطنات مختلف بلدان الإتحاد السوفييتي السابق، والمُقيمات في الأُردن، ويَحملن الجنسية الأُردنية، ومتزوجات من مواطنين أُردنيين، لمرافقتهن في جولة سياحية ميدانية لمدة يومين، تشمل مواقع سياحية وأثرية وترفيهية، رغبةً منهن بمعرفة تاريخ الأردن وشوؤنه وشجونه، وللإستمتاع بالأجواء الصيفية. لكن، وللأسف الشديد، صدر قبل يوم من بدء الرحلة توجيه بمنع الجلوس في المطاعم، فـ”أُغلقت” الرحلة، وتلاشى أمل عشرات السيدات بمعرفة الأُردن وتلمّس صفحات تاريخه وتراثه “في عين المكان”، وليخرجن من حالة العُزلة التي خيّمت على الجميع في زمن الفيروس الخبيث.
الناطقات بالروسية، وأنا أيضاً، لم نتوقع حصول ما حصل، وكذلك الأمر لأقاربهن في بلدانهن الأصلية، إذ أن سيداتنا حَزمن أمرهن لإجتذاب أقاربهن ومعارفهن للسياحة في المملكة، بعدما يَطّلعن هنَ عليها أولاً. يقيناً، أن شعوب البلدان الناطقة بالروسية تُعدُ ضمن الروافع الأساسية لترويج الأُردن سياحياً وسياسياً وإنسانياً، والتواصل الهادف مَعها يُعتبر مهمة ذات أُفق إنساني سياحي وازن.
من الطبيعي أنه لا يمكن لرحلة سياحية – ثقافية أو جذب سياحي من الداخل أو الخارج، أن ينجح في ظل إغلاقات المطاعم والمرافق السياحية والترفيهية، وجلوس ألوف الأيدي العاملة وراء أبواب بيوتهم الموصدة. عِلماً أن القطاع السياحي بكل أجنحته لم يُصَب بكورونا، بل كانت الفنادق وما تزال بيوتاً للكثيرين أسبغت عليهم الصحة والعافية، وأماكن حانية لتعافيهم من الوباء بهمةِ ورقي تعامل العاملين فيها، متمنين لهم وللسياحة المحلية الثمينة، التي تُعتبر رافعة اقتصادية وقيمة إنسانية وحضارية هامة جداً للمملكة، التوفيق والنمو والتقدم والازدهار.
هذا هو حال قطاع السياحة في البلاد العربية، رغم أهميتها اجتماعيا واقتصاديا إلا أن السياحة لا تزال في حاجة لمزيد من الاهتمام والترشيد من طرف المسئولين العرب….
السياحة المحلية في حاجة الى منظومة وعي متكاماة لتطيرها، وإلى جانبهعا مختلف القطاعات التي ترفدها و/أو تروّج إليها..
من المفترض في كل الجوائح، التخطيط العميق لتطوير الدخل المحلي للدولة ومختلف القطاعات، دون إغلاقات متواصلة، تجعل من قطاع السياحة، على سبيل المثال لا الحصر، في حالة شلل شامل، وتدفع بالسياحة المحلية للتهرب منه وبالتالي سنحتاج إلى جهود مضاعفة لإعادته إلى سابق عهده دون التقدم به إلى مراتب أكثر تقدماً..