شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
د.كريمة الحفناوى
*الكاتبة: عضو لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة وعضو حملة الحريات النقابية وحقوق العمال في مصر، وصديقة مقربة iمن الأتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحلفاء #الصين وناشطة في صفوفه.
مصر العربية- بعبقرية موقعها- قلب العالم كله، فهى ملتقى حضاراته وثقافاته ومفترق طرق مواصلاته واتصالاته، وهى رأس إفريقيا المطل على المتوسط، ومصب أعظم أنهارها «النيل»، فى مطلع التاريخ لاح فجر الضمير الإنسانى وتجلى فى قلوب أجدادنا العظام فاتحدت إرادتهم الخيرة وأسسوا أول دولة مركزية، ضبطت ونظمت حياة المصريين على ضفاف النيل، وأبدعوا أروع آيات الحضارة، وتطلعت قلوبهم إلى السماء قبل أن تعرف الأرض الأديان السماوية الثلاثة».
بدأ دستورنا «الذى أجمع عليه المصريون عام ٢٠١٤ وأقسم على العمل به كل المسئولين بالدولة» بهذه الكلمات العظيمة، كما شمل الدستور عدة مواد بخصوص الحفاظ على نهر النيل ومنها المادة (٤٤) فى الفصل الثانى «المقومات الاقتصادية» من الباب الثانى «المقومات الأساسية للمجتمع» وتنص هذه المادة على: «تلتزم الدولة بحماية نهر النيل والحفاظ على حقوق مصر التاريخية به، وترشيد الاستفادة منه وتعظيمها، وعدم إهدار مياهه أو تلويثها، كما تلتزم بحماية مياهها الجوفية، واتخاذ الوسائل الكفيلة بتحقيق الأمن المائى ودعم البحث العلمى فى هذا المجال، وحق كل مواطن فى التمتع بنهر النيل مكفول، ويحظر التعدى على حرمه أو الإضرار بالبيئة النهرية، وتكفل الدولة إزالة ما يقع عليه من تعديات، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون».
ومن المعروف أن حد الفقر المائى للمواطن هو ١٠٠٠ متر مكعب سنويًا، ولقد وصلنا لـ٥٥٠ مترًا مكعبًا سنويًا، أى أننا نعانى من الفقر المائى الآن، وبالطبع سنصل لأقل من ذلك فى حالة استمرار التعنت الإثيوبى فى إدارة ملف سد النهضة الإثيوبى ومضاره على حصة المياه المصرية بالانتقاص منها، ما يضر الشعب المصرى ومشاريعه التنموية.
وبالطبع هذه المشكلة ترجع أسبابها إلى سنوات مضت فى نهايات القرن الماضى وهى إهمال ملف النيل مع دول حوض النيل بجانب إهمال ملفات مهمة تخص قضايا التصحر والجفاف والمياه وحرب المياه المقبلة، والتى حذر منها علماء وخبراء كثيرون.
يعتبر نهر النيل من أطول الأنهار فى العالم ٦٦٥٠ كم يجرى من الجنوب للشمال نحو مصبه فى البحر الأبيض المتوسط فى الجزء الشمالى الشرقى من القارة الإفريقية وينبع من بحيرة فيكتوريا التى تبلغ مساحتها ٦٨ ألف كم٢ والدول المطلة عليه إريتريا- أوغندا- إثيوبيا- السودان- جمهورية الكونغو الديمقراطية- جنوب السودان– بوروندى- تنزانيا- راوندا- كينيا- ودولة المصب مصر.
ولنبدأ معًا القراء الأعزاء والقارئات العزيزات بـ:
القواعد والأطر المنظمة لاستخدام مياه الأنهار.
مياه الأنهار العابرة للحدود هى تلك التى تقع فى المجرى المائى الدولى الذى يعبر حدودًا دولية لأكثر من دولة أو يفصل الحدود بينها، فتصبح تلك المياه مشتركة بين الدول المتشاطئة بغرض الملاحة والشرب والرى، وهذا ما تعارفت عليه دول الأنهار العابرة للحدود، فلم تدع دولة أنها تمتلك النهر وتمنع الدول الأخرى من استخدامه لأن فى ذلك تعديًا على حقوقها.
وقبل أن نتناول الاتفاقيات التى تعمل على تنظيم استخدام مياه نهر النيل، ومنها اتفاقية ١٩٢٩ واتفاقية ١٩٥٩ ومبادرة حوض النيل فى فبراير ١٩٩٩ واتفاقية عنتيبى فى ١٤ مايو ٢٠١٠، والتى لم توقع عليها مصر لأسباب سنتناولها حينها.
وقبل أن نتناول تفصيلات هذه الاتفاقيات تنبغى الإشارة إلى أن هناك اتفاقات دولية تحكمنا جميعًا تشمل مبدأين مهمين فى القانون الدولى.
التوارث الدولى للمعاهدات وهو مبدأ معروف أكدته مجموعة من الاتفاقيات والأعراف الدولية، وعلى رأسها اتفاقية فيينا ١٩٧٨، والتى أكدت فى المادتين ١١ و١٢ أن المعاهدات الخاصة برسم الحدود الدولية أو بالوضع الجغرافى والإقليمى لا يمسها التوارث الدولى، وتظل تلك المعاهدات سارية المفعول، وتظل تمثل التزامًا وقيدًا على الدولة الوارثة، إذ لا يمكن تعديلها أو إلغاؤها إلا باتفاق الدول الموقعة عليها.
الحق التاريخى المكتسب، وهو أحد المبادئ المستوحاة من اتفاقية فيينا ١٩٦٦.
وهذه الأعراف والاتفاقيات الدولية هى التى تستند إليها مصر، فيما تصر على مخالفتها دولة إثيوبيا فى التعامل مع ملف سد النهضة. وللحديث بقية.