شبكة طريق الحرير الإخبارية/
ذكرى نَصير فلسطين والعَرب.. الشهيد العظيم يِفسِييف
الأكاديمي مروان سوداح
يفغيني يِفسيِيف، أحد أبرز الكتّاب والمتخصصين الروس السوفييت بنقد وتعرية الصهيونية فكراً وممارسةً، وأشهر المُستشرقين والمُستعربين في التاريخ الروسي. أسس “اللجنة الشعبية الاجتماعية السوفييتية المناهِضة للصهيونية”.
في العاشر من فبراير 1990، اغتالته يد الغدر والارهاب الصهيونية بسيارة سوداء اللون أمام منزله أثناء عبوره الشارع في قلب موسكو. كانت السيارة مطفأة الأنوار تماماً، ومُسرِعَةً بشكل جنوني، حيث مزَّقت جسده بعجلاتها جيئة وذهاباً عدة مرات، ولاذت بالفرار. ولهذه اللحظة، وبعد مضي 32 سنة على هذا الكارثة المروعة والمُخَطَّط لها بدقة متناهية بقتل مواطن دولة كُبرى، لم يتم الإعلان أطلاقاً عن العثور على هذه “السيارة القاتلة”، ولا على مَن كانوا فيها من المجرمين الصهاينة!!!
ـ آخر كلمات الأخ الحبيب يفسييف كانت: “قتلوني بسيارة سوداء”.
كان صديقي يفسييف أول من أعلن بكل صراحة وقوة وثبات معارضته التامة لاعتراف الاتحاد السوفييتي بالكيان الصهيوني في العام 1987، هذا الاعتراف الذي جرى بضغوط متتالية من أعضاء وأشياع حزب ال”بوند” الصهيوني في روسيا، وتنظيم ال”بوعالي تسيون” الصهيوني الدولي ومركزه في روسيا أيضاً، وهما تنظيمان اخترقا حزب البلاشفة، وشاركا في تأسيسه، وقيادته لأجل فرض سيطرتهم على روسيا بأكملها، وليلعب قادته من خلال ذلك أدواراً دولية غاية في التنوع الإجرامي ضد الشعوب، ولحرف الدولة الاشتراكية السوفييتية عن مسارها وعقيدتها لتتقارب ومن ثم لتتماهي مع الصهيونية والاعتراف بالكيان الصهيوني والصهيونية، وللتجسس على السياسات العربية والعلاقات العربية السوفييتية، والسوفييتية مع الدول الاشتراكية، من خلال القادة اليهود الصهاينة المنتشرين في القيادات السوفييتية، ونقل المعلومات عن كل شيء سوفييتي، وسوفييتي عربي، وسوفييتي دولي لواشنطن وتل أبيب.
المُعلم الشهيد يفسييف نشر باسمه الرسمي وباسماء أخرى مستعارة، منها الاسم المستعار “ف. أليسطين”، أي فلسطين، أكثر من 13 كتاباً يَفضح الأيديولوجيا الصهيونية وتوسعها الاستعماري الكوني بأردية براقة، وأعد المواد الوثائقية لثلاثة أفلام قصيرة في الاتحاد السوفييتي، تم عرضها على رواد المركز الثقافي السوفييتي (القديم) في منطقة الدوار الثالث، بجبل عمَّان، عمَّان، وهي: “الصهيونية في محكمة التاريخ”؛ “للفلسطينيين الحق في الحياة”؛ و “شارع الصهيونية”.
يِفسِييف كان أول من رفض قرار تقسيم فلسطين رقم 181 (II)، 1947، الصادر في 29 نوفمبر1947، وانتقد بحدة وعلانية اعتراف الاتحاد السوفييتي بالدولة الصهيونية، واستنكر وناهض واعترض على كل ما تبع ذلك من أحداث عام 1948، ضمنها إقامة الدولة الصهيونية الإمبريالية في فلسطين الكنعانية العربية، وواصل على الدوام صَعق المستمعين إليه ومناصِريه بجرأته وحدَّته السياسية ومواقفه المبدئية الواضحة والقاطعة بشأن استقلالية فلسطين بالذات، وانتقد ستالين لاعترافه بدولة الصهيونية، وأكد أن هذا الاعتراف مُستَنكَر ومُعيب ومُدان ولا يمكن تبريره، بخاصة إدعاءات المنظمات الصهيونية في روسيا بأن “إسرائيل” ستغدو دولة اشتراكية تساهم في مساندة ستالين وسياساته!!!.
وأكد يفسييف أن هذا الاعتراف كان ممكناً فقط في ظل الحكم الفردي لستالين، الذي، مع كل الاحترام لسياسات ستالين الاخرى، اتخذ قرارات غير مدروسة تتنافى مع النهج السوفييتي ومبادىء حقوق الانسان والحقوق الدولية المعتَرف بها للشعوب. تميَّز يفسييف بمواقف كثيرة عادلة حِيال القضايا التحررية العربية وعلى رأسها الفلسطينية.. وللحديث بقية.