بعد أكثر من 24 عاما منذ عودة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة إلى الصين، أثبتت صيغة “دولة واحدة ونظامان” أنها ليست الحل الأفضل لهونغ كونغ فحسب، بل أيضا أفضل ترتيب مؤسسي لازدهار المنطقة واستقرارها على المدى الطويل.
لطالما كانت إعادة توحيد البلاد الأمل المشترك لجميع الصينيين. وبعد الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الـ11 للحزب الشيوعي الصيني التي عقدت في عام 1978، سعى الشعب الصيني إلى تحويل الصين إلى دولة اشتراكية حديثة وإعادة توحيد البلاد ومعارضة الهيمنة.
واستخدم مفهوم “دولة واحدة ونظامان” الذي طرحه الزعيم الصيني الراحل دنغ شياو بينغ في حل قضية هونغ كونغ لأول مرة.
وكانت قضية هونغ كونغ قضية تاريخية سبّبها العدوان الاستعماري البريطاني على الصين. وفي ديسمبر عام 1981، اتخذت الحكومة المركزية الصينية قرارا بإعادة ممارسة السيادة على هونغ كونغ بداية من الأول من يوليو عام 1997، وعزمت على الحفاظ على استقرار المدينة وازدهارها بعد عودتها إلى الوطن الأم.
وفي سبتمبر عام 1982، جاءت رئيسة الوزراء البريطانية آنذاك مارغريت ثاتشر إلى الصين لبدء المفاوضات بين بلادها والصين بشأن قضية هونغ كونغ. وجادلت ثاتشر بأن ازدهار هونغ كونغ يعتمد على الحكم البريطاني، وأنه سيكون كارثيا للمدينة إذا تم إدخال تغير كبير في الإدارة البريطانية أو الإعلان عنه.
وفيما يتعلق بمطلب ثاتشر، كان دنغ واضحا – كانت قضية السيادة غير قابلة للتفاوض. وبعد 22 جولة من المفاوضات، وقعت الحكومتان الصينية والبريطانية على إعلان مشترك في ديسمبر عام 1984، والذي يؤكد إعادة السيادة إلى الجانب الصيني ممارستها على هونغ كونغ في أول يوليو 1997.
وفي 4 أبريل 1990، صادق المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني على القانون الأساسي لمنطقة هونغ كونغ، وهو دستور مصغر للمنطقة، بعد التماس الآراء من جميع مناحي الحياة، ليضع الإطار القانوني وحجر الأساس لسيادة القانون في المدينة.
وفي 11 ديسمبر 1996، انتخبت لجنة الانتخابات التابعة لحكومة هونغ كونغ تونغ تشي-هوا كأول رئيس تنفيذي للمنطقة بالاقتراع السري، والذي تم تعيينه رسميا لاحقا من قبل الحكومة المركزية في 16 ديسمبر. وتمت جميع الاستعدادات لعودة هونغ كونغ إلى الوطن الأم.
وفي منتصف ليلة 30 يونيو 1997، أقامت الحكومتان الصينية والبريطانية مراسم تسليم تاريخية في هونغ كونغ أعادت خلالها الحكومة الصينية رسميا ممارسة السيادة على هونغ كونغ.
وتذكرت ريتا فان هسو لاي-تاي، الرئيسة السابقة للمجلس التشريعي في هونغ كونغ قائلة: “أمطرت السماء بغزارة من مساء يوم 30 يونيو 1997 حتى أول يوليو. وجاء جيش التحرير الشعبي الصيني من مدينة شنتشن جنوبي الصين، وهم على متن شاحنات. وكان سكان هونغ كونغ في انتظارهم في الشوارع يلوحون بالأعلام الوطنية الصينية بأيديهم للترحيب بجنود الجيش الصيني”.
في تمام الساعة 0:00، تم رفع العلم الوطني للصين وعلم منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، إيذانا بنهاية الحكم البريطاني وإعلانا عن وضع الوطنيين في هونغ كونغ كسادة حقيقيين للمدينة.
وقالت فان: “خرج ثلاثة حاملي علم ببسالة وثبات حاملين العلم الوطني في أيديهم. وترك هذا المشهد انطباعا عميقا في ذهني. وفي تلك اللحظة، عرفت أنه يمكن للصينيين في هونغ كونغ أخيرا أن يصبحوا فخورين. ثم جاءت مراسم تأسيس منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، عندما كان من المفترض أن أقود أعضاء المجلس التشريعي المؤقت لأداء اليمين. وكنت متوترة قبل صعود المسرح، لأنني كنت قلقة من التكلم بلغة الماندرين. ولكن عندما كنت على خشبة المسرح، أدركت أنه تم إنشاء المنطقة الإدارية الخاصة وحان الوقت لرفع رؤوسنا عاليا، لذلك يجب أن أكون واثقة بغض النظر عن لهجتي”.
منذ يوم عودتها، أعيد دمج منطقة هونغ كونغ في نظام الحكم الوطني كمنطقة إدارية خاصة تخضع للحكومة المركزية مباشرة. وضمنت الحكومة المركزية التنفيذ الكامل والدقيق لمبادئ “دولة واحدة ونظامان” و”أهالي هونغ كونغ يديرون شؤون هونغ كونغ” ودرجة عالية من الحكم الذاتي، وتحكم المدينة وفقا للدستور والقانون الأساسي لهونغ كونغ.
ووفقا للقانون، احتوت الحكومة المركزية قوى “استقلال هونغ كونغ” وحافظت بحزم على المصالح الأساسية للصين وللمنطقة، وذلك لضمان اتساق ممارسة “دولة واحدة ونظامان”.
وأثناء حكم هونغ كونغ وفقا للقانون، قدمت الصين دعما كاملا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في هونغ كونغ وتحسين معيشة الشعب. وتحدد الخطة الخمسية الـ14 للصين طريقا واضحا للتنمية المستقبلية لهونغ كونغ، من التمويل إلى التقنيات المبتكرة، ومن الشحن والتجارة إلى الخدمات، ومن الملكية الفكرية إلى التبادلات الثقافية.
وتم تسليط الضوء بشكل كامل على الميزات الفريدة لهونغ كونغ، وخاصة دورها في ربط الأسواق المحلية والدولية.
وقال تشانغ شياو مينغ، نائب مدير مكتب شؤون هونغ كونغ وماكاو التابع لمجلس الدولة الصيني، في مؤتمر صحفي بعد أن اتخذت أعلى هيئة تشريعية في الصين قرارا هاما لتحسين النظام الانتخابي في هونغ كونغ: “إن الحزب الشيوعي الصيني مؤسس مبدأ (دولة واحدة ونظامان)، وكان يقوده وينفذه ويدافع عنه. ولا أحد يفهم قيمة (دولة واحدة ونظامان) أفضل من الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية اللذين يتمسكان بالغاية الأصلية له أكثر من أي طرف آخر. وسواء ضمان تنفيذ قانون حماية الأمن القومي في هونغ كونغ أو تحسين النظام الانتخابي للمنطقة والجهود المستقبلية، تهدف كل هذه الخطوات إلى تحسين الإطار المؤسسي لـ(دولة واحدة ونظامان) والسماح بتنفيذه الفعال”.
*المصدر: سي جي تي إن العربية.