شبكة طريق الحرير الإخبارية/
المشهد الصيني/
بقلم: د/ عادل عبد العزيز الفكي
تلاحظ في الآونة الأخيرة توجهاً من الصين لإعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية مع السودان، وذلك بعد نشوب الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على أسعار المواد الأولية، وعلى سلاسل الامداد في المواد الغذائية وعلى وجه الخصوص القمح.
تحرك الصين مؤخراً تجاه السودان تبلور في منشطين الأول هو زيارة المبعوث الصيني لشؤون الشرق الأوسط تشاي جيون للسودان نهاية مارس الماضي، ومقابلته لرئيس مجلس السيادة الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان، والثاني هو مقابلة السفير الصيني بالسودان ما شين مين للدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية والاقتصاد الوطني.
لقد أكد الوزير في هذا اللقاء ضرورة ان تلعب الصين دورا ايجابيا لمساعدة السودان في انتعاش اقتصاده حتى يتمكن من تسديد الديون ومنها الديون الصينية. وبخصوص المطار الجديد الواقع غرب ام درمان والذي كان السودان قد تعاقد فيه مع الصين في المرحلة الاولي، ثم تغير في مرحلة لاحقة لجهة أخرى. قال الوزير إن السودان يدرس كل الخيارات المتاحة مع الوضع في الاعتبار مصلحة الشعب السوداني.
وأكد الوزير على ضرورة تكثيف اللقاءات بين الطرفين للوصول الى صيغ مرضية، بجانب التعاون في مجال زيادة الإنتاج الغذائي في السودان ليسهم السودان في مجابهة النقص الحاد في الغذاء عالميا.
فيما أكد السفير الصيني ان بلاده تولي أهمية بالغة للسودان لدوره الإيجابي في استقرار المنطقة. وعبر عن رغبة بلاده في إعادة العلاقات في مجالات الاستثمار والتعاون وخاصة في قطاع النفط والتعدين والموارد الطبيعية الى وضعها الطبيعي بل وافضل من ذلك.
معلوم أن الصين من الدول التي استثمرت في السودان بحجم كبير في وقت كان السودان يعاني فيه من المقاطعة الامريكية والغربية القاسية.
ضخت الصين خلال العشرية الأولى من هذا القرن استثمارات تقدر بحوالي ٨ مليار دولار تركزت في قطاع البترول بصورة أساسية ونجم عنها وصول إنتاج السودان من النفط الخام حوالي ٤٥٠ ألف برميل يوميا قبل الإنفصال. وهذا ما أدى لاستقرار اقتصادي كبير في السودان خلال العشرية الأولى من هذا القرن، وتم رصد فائض في الميزان التجاري في بعض تلك السنوات.
كان البترول من السودان يغطي حوالي ٧% من احتياجات الصين من البترول، لهذا استمرت الصين في تمويل المنشئات النفطية والمصافي وخطوط الانابيب، من خلال القروض الميسرة، وكانت تسترد قروضها عن طريق شحنات النفط الخام.
بعد انفصال جنوب السودان، وانخفاض إنتاج السودان من البترول لأقل من ١٠٠ ألف برميل يوميا عجز السودان عن السداد العيني وتراكمت المديونية على السودان فتوقفت القروض والاستثمارات الصينية.
الظروف الدولية الجديدة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، وتوقع حدوث نقص في امدادات الغذاء على مستوى العالم، تمنح فرصة جيدة لعودة قوية للعلاقات الاقتصادية السودانية خصوصا في المجال الزراعي ومجال الثروة الحيوانية وقطاعات البنى التحتية في الموانئ والطرق والسكة الحديد في إطار استراتيجية الحزام والطريق الصينية.
بالإضافة لذلك تعتبر الاستثمارات والقروض الصينية في هذه الفترة بديل مناسب في ظل إيقاف البنك الدولي والدول المانحة لقروضها واستثماراتها بعد قرارات القائد العام في أكتوبر ٢٠٢١، حيث كان من المتوقع ضخ حوالي ٢.٧ مليار دولار لقطاعات الكهرباء والري والصحة والتعليم وبرنامج ثمرات لإعانة الأسر السودانية. الآن يمكن أن تغطي الاستثمارات والقروض الصينية الميسرة جانبا من هذه الاحتياجات.
علينا في السودان إعادة تصميم مشروعاتنا لتواكب المستجدات الدولية والإقليمية والمحلية. والله الموفق.