جريدة الدستور الأردنية/
يلينا نيدوغينا*
لم نَعد نعرف طعم الراحة والسكينة في المَرض والشفاء.. لا في ساعات النهار ولا في أَوَائِلِ اللَّيْلِ، فكل الأيام والأزمان أصبحت مُستباحة لتلويث الأجواء بضجيج سيارات وحافلات وباعة، يزعقون بملء أفواههم وبمكبرات الصوت، ويتسابقون فيما بينهم لشراء وبيع كل شيء، وكأن السماء والأرض والبَني آدميين مُلكٌ لهم وحدهم، ولا مِن رقيب ولا حَسيب لردعهم وقوننة حِراكاتهم هذه، ولو من باب التَحْذِير والتَخْوِيف لاحترام خصوصيات المواطنين.
هؤلاء الباعة، وما أكثرهم، لا يأبهون لمريض في فراش، ولا لطفل باكي أيقظوه من نومه، ولا لجلسات عائلية تطغى عليها مكبرات الصوت بأقصى ما عندها من عزمٍ بصراخٍ يُنغّص سعادة المجتمِعين وهدوء الهادئين ونوم النيام في بيوتاتهم.. هؤلاء لا يلتزمون بالقوانين واحترام المواطن والمواطنة، لذلك يجب إلزامهم بسلوكيات متحضرة في ترويج بضائعهم وخدماتهم.
ذات مرة حضر مندوبو فضائية أجنبية إلى منزلي لأخذ لقاء صحفي مصور وطويل، وقد اضطررنا لإعادة التسجيل عدة مرات بسبب هؤلاء الباعة الذين اقتحموا عنوةً أجواءنا، منادين بالغاز والخردة وغيره، وكأنهم يصولون ويجولون في الصحراء الأفريقية الكبرى، وليس في عمّان الأردنية العريقة للدولة الأردنية المتحضرة والشهيرة، التي يتَغنّى تاريخ البشر بها ويصفها بأجمل الكُلم والصور.
في التجارب الناجحة للدول المتقدمة، يُعلّق مواطنوها على واجهات عمائرهم صوراً كبيرة الحجم يتم ملاحظتها بجلاء، على شكل جرة غاز، أو خضار وفاكهة، أو غيره، ما يَعني رغبتهم في شراء أو بيع هذه أو تلك من السِّلع، وهي أسهل طريقة وأنفعها، وتريح مختلف أطراف المُعَادلة، وتضفي السكينة على مُحتاجي الراحة والهدوء.
أضع في مقالتي هذه ملاحظات أمام المسؤولين المعنيين، علّهم يجدون الحلول الأنسب لهذه المشاكل التي تؤرق المواطن، وتعطي انطباعاً سلبياً عن الأردن، وتؤشّر على لا قانونية سلوكيات البعض على الطرقات الداخلية، وكلي آمل بحل هذه المسألة حلاً لائقاً ومناسباً لجميع الأطراف، بما يُحقّق مصالحهم في إطار التحضّر وسمعة الأردن البهية في دول العالم الأول.
thestarrus@yahoo.com