*2020/02/06 / صحيفة الشعب اليومية أونلاين/
هشام جابر صالح واصل*
عصر يوم امس قادتني ثلاجتي الفارغة إلى الخارج… اكثر من أسبوع لم أغادر فيه شقتي التي تحولت إلى شبه منفى فلم أعد أرد على أحد ولا أرغب في استقبال أحدا في غرفتي صديقًا كان أم زميلا…
في الخارج وجدت الصين التي لا أعرف….صينا أخرى …فالطرق شبه خالية … والمتاجر والمحلات جلها مغلقة… مليار واربعمائة مليون لا يكاد يرى منهم أحد…
الفحوصات لاحقتني من بوابه العمارة أثناء الخروج من البوابة وأثناء العودة… فحص حراري لكل شيء الرأس ، الجبين، اليد،،، إلخ….
الأجهزة الحرارية المباشرة تفحص والكاميرات تراقب كل ما يدب على وجه الارض وتصدر منها التوجيهات …
توجهت مسرعًا نحو أكبر بقالة بالحي وقد تم فحصي قبل الدخول اليها -كانت التوجيهات بايقاف كل من درجة حرارته تقترب من ال٣٨ درجة مئوية..
دخلت السوق وكنت متوقعًا ان أجد أزمه في المأكولات أو نقصًا في بعض الأصناف أو أرتفاعا بالأسعار كأي بلد يمر بوضع صعب كهذا. لكن كل شي كان كعادته: الأسعار، وفرة السلع، جودة الخدمة والمعروض،على الرغم من قلة أعداد المتسوقين مقارنة بالأيام العادية.
اثناء العودة الى المنزل دارت في خاطري افكار عديدة ومقارنات عاصفة. عندها تذكرت قول أحد الفلاسفة، أنك قبل ان تحكم على دولة او مجتمع عليك أن تفهم موقفهم من الحياة. فالصينيون حكومة وشعبا يعظمون الحياة ويتعاملون مع كل شيئ بمنطق العلم وبمستوى عال من الانضباط والمسؤولية.
قبل أن أفتح باب شقتي عائدا من رحلة التسوق تلك تبادر إلى ذهني سؤال اخر، مفاده لماذا لا أبحث عن آثار وإفرازات هذا الوضع؟ وماهو الوجه الايجابي لهذه الأزمة فكما قيل قديمًا، “في قلب كل مأساة خطوط من البهجة.”
بعد ليلة طويلة من التفكير أكتشفت خلالها كيف أظهرت هذه الأزمة قدرة الصين العجيبة على التعامل مع وباء كورونا. وكيف نجحت في عزل المرضى وتطبيق الحجر الصحي بأساليب علمية. فأي دولة في العالم بإمكانها أن تعزل عشرات الملايين خلال٢٤ ساعة، وتبني مستشفى في عشره أيام غير الصين.
واكتشفت حجم التعاضد الكبير بين رجال الأعمال والمجتمع المدني الصيني والحكومة والمواطنين. وهو ما يمثل خير دليل على عظمه قيادة هذا الشعب وإيمان المواطنين بقيادتهم والتزامهم لها. وإثبات أخر على ان الشعب الصيني يتمتع بقدرات جبّارة في مواجهة الكوارث.
لقد ولّدت بداخلي هذه الأزمة حافزا قويا للبحث عن مواطن الجمال داخل في الصين. وحتى وسط هذا الذعر والخوف من المرض والموت، رأيت الكثير من الجمال في هذا البلد، وأصبحت لدي ثقة أكبر في مستقبل هذا البلد.
*(متابعة ونشر: عبد القادر خليل)