CGTN العربية/
قبل 2500 عام، قال الفيلسوف الصيني الكبير كونفوشيوس: “لا تفرض على الآخر ما لا ترضاه لنفسك.” لماذا لا يتوقف بعض الساسة الأمريكيين وأجهزة الإعلام الغربية عن ربط الصين بفيروس كورونا الجديد لوصمها وشيطنتها، رغم تحذير منظمة الصحة العالمية مرارا من هذه الأفعال، متجاهلين أن الصين ضحية الفيروس مثل بقية دول العالم ولعبت دورا بارزا في دعم الدول المتضررة من الوباء؟
منذ استخدام الرئيس الأميركي دونالد ترمب عبارة “الفيروس الصيني” في إشارة إلى فيروس كورونا الجديد في 16 من مارس الماضي، وجهت آلة الدعاية الغربية اتهامات باطلة ضد الصين، حيث باتت نظريات المؤامرة تتردد على مسامع الناس، مثل “الصين مصدر الفيروس” أو” تسرب الفيروس من مختبر في مدينة ووهان”. هل هذه هي الحقيقة فعلا؟ من الواضح أنها ليست إلا شائعات وأكاذيب أمريكية. والسبب بسيط، أنها لا تقوم على أي أدلة علمية قاطعة وتنطوي على دوافع سياسية.
ربما هناك من انزلقوا وراء تلك الشائعات، لكن عليهم أن يعلموا أيضا أن مجلات طبية عالمية ذاتَ مصداقية مثل «The Lancet» و «Nature Medicine» قد نشرت أبحاثا علمية أكدت أن فيروس كورونا الجديد طبيعي المنشأ وليس من صنع البشر، علما بأن الفحوصات الجديدة أشارت إلى ظهور حالات إصابة بفيروس كورونا في ولاية نيو جيرسي الأمريكية منذ نوفمبر الماضي، وأول إصابة في فرنسا كانت في أواخر ديسمبر الماضي، تقريبا نفس تاريخ أول إصابة في الصين. فلماذا يتم تجاهل كل هذه الحقائق؟ وتوجيه أصابع الاتهام إلى الصين فقط؟
أعتقد أن إدارة ترمب شنت هذه الحملة ضد الصين لأسباب عدة: أولها أن أزمة كورونا كشفت إخفاق أميركا في مكافحة الفيروس على الرغم من أن المنظومة الصحية الأمريكية هي الأقوى في العالم. وقد وضع هذا الإخفاق إدارة ترمب في قفص الاتهام، وما زاد الطين بلة أن الأزمات الناجمة عن جائحة كورونا مثل التراجع الاقتصادي الحاد، انكماش الاقتصاد الأمريكي بنسبة 4.8% في الربع الأول من هذا العام؛ وارتفاع معدلات البطالة، أكثر من 38 مليون أمريكي يطلبون الآن إعانة بطالة، وكذلك انهيار الأسواق المالية، كل هذه الأزمات جعلت الرئيس ترمب يتعرض للانتقادات اللاذعة، ولذلك يحاول بهذه الحملة على الصين تحميلها مسؤولية انتشار الفيروس، وأن يصدر الأزمات ويبرّر فشله وعجزه أمام شعبه ويتملص من مسؤوليته.
ثانيا، نظرا لأن التجربة الصينية قد أثبتت جدارتها في السيطرة على فيروس كورونا، فتعد هذه الحملة بمثابة هجوم أمريكي استباقي على الصين، استعدادا لصراع ما بعد كورونا، وسط تكهنات بتغير موازين القوى في العالم بعد انتهاء أزمة كورونا، وأحاديثَ كثيرة عن أن الصين سوف تتقدم لتحتل مكانة متقدمة في النظام العالمي الجديد على حساب قوة ومكانة أمريكا.
إذن متى سيعود ترمب إلى رشده ويتخلى عن عقلية الحرب الباردة والتحيز الأيديولوجي التي تحكم رؤيته دوما للعالم؟ ومتى سيحوّل ثقل عمله إلى تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الفيروس بدلا من إصراره على اتهام الصين؟ يجب أن يعلم أنه قد يستطيع أن يخدع كل الناس بعض الوقت أو يخدع بعض الناس في كل الوقت، لكنه لا يستطيع أن يخدع كل الناس في كل الوقت.