شبكة طريق الحرير الإخبارية/
جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية ترد العدو إلى جُحْرهِ
ـ معالجة وتدقيق وتقديم الأكاديمي مروان موسى سوداح حامل الأوسمة الكورية وشهادة رسمية عليا باللقب الكوري الرسمي: “الصحفي الفخري لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية”؛ والأكاديمية المتخصصة سياحياً، المهندسة الروسية – الأردنية، الكاتبة يلينا ياروسلافوفنا نيدوغينا، الحائزة على الأوسمة والنياشين وشهادات التقدير الكورية.
نشرت صحيفة “رودونغ سينمون” الشهيرة في بيونغيانغ، والتي تتحدث باسم الدولة الكورية الاشتراكية الحليفة، تعليقاً مهماً بتاريخ يوم أمس، الجمعة، الـ17 من مارس/آذار 2023م، عالجت فيه بعمق، السبب الكامن وراء الوضع الراهن في شبه الجزيرة الكورية، الذي قالت الجريدة بأنه “على وشك الانفجار”.
تاليا، نضع بين أيادي القراء الأعزاء نص التعليق – المقالة الكاملة، والتي تحمل العنوان التالي: “تعليق على سبب الوضع في شبه الجزيرة الكورية الذي على وشك الانفجار”، مع تعليقنا عليها.
يندفع الوضع في شبه الجزيرة الكورية من وقت لآخر إلى حالة بالغة الخطورة غير قابلة للسيطرة عليها، إذ يتابع العالم بنظرة من القلق العميق تلك المواجهة الحادة بين الدول النووية الكبرى، والتي وصلت إلى مرحلة ما قبل اندلاع الحرب.
هذه الحالة الخطيرة نجمت كلياً عن تصرفات الولايات المتحدة الأمريكية والقوى التابعة لها، بالتصرفات المسعورة الرعناء والغاشمة لتدمير جمهوريتنا.
كذلك، يعرف العالم برمته، بأن جمهوريتنا ظلّت تركّز كل جهودها منذ مطلع هذا العام على تخفيف حدة التوتر العسكري، وللحفاظ على السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة، تحدوها الرغبة في إحداث تطور وتقدم جديد في مسار بناء الاقتصاد وتحسين معيشة الشعب.
وبالمقابل، تلجأ القوى المعادية بزعامة الولايات المتحدة بعناد هذا العام أيضاً، كما كانت عليه في العام الماضي، إلى الأعمال العدائية المُثيرة للقلق، لأنها تعتدي بفظاظة على سيادة ومصالح وأمن دولتنا، وهذه الأعمال تبلغ حدوداً لا تُغتَفر بعد الآن من حيث وبالها وخطورتها.
في كانون الثاني/ يناير الأخير، لم يتوان وزير الدفاع الأمريكي أثناء زيارته لمنطقة جنوبي كوريا، عن كشف الميل لاستخدام السلاح النووي ضد دولتنا، متشدقاً بنشر عدد أكبر من مقاتلات ستيلث من الجيل الخامس، وحاملات الطائرات وسائر الأصول الإستراتيجية، بينما الخائن العميل يون سوك يول المهووس بمواجهة أبناء جلدته، تحدَّثَ بصخب عن “ترسيخ حالة التأهب” و”التأديب” في الملجأ تحت الأرض!
لقد أعلن دُعاة الحرب المجانين عن قدرتهم الباطلة وغرورهم أنهم سيجرون أكثر من 20 مناورة عسكرية مشتركة مشددة، تفوق مستوى المناورة العسكرية المشتركة السابقة “النسر”، التي جرت في النصف الأول من العام الجاري، ولجأوا مسعورين إلى المناورات الحربية لغزو الشمال التي تفوح منها رائحة البارود، مثل التدريبات على التسلل إلى أراضينا، والضرب المشترك لمنشآتنا الإستراتيجية والأهداف المحورية الرئيسية.
كما تحدثت الولايات المتحدة عن المرابطة المُستَدَامة للقدرة الرادعة الموسعة، زجت في منطقة جنوبي كوريا بالأسلحة الإستراتيجية الجوية المحورية، بدءاً بالقاذفة الإستراتيجية النووية من طراز “بي – 1 بي”، ومقاتلات ستيلث من طرازي “أف – 22″، و”أف – 35 بي”، وغيرهما بحلول شباط/فبراير، بغرض إجراء التدريبات الجوية المشتركة لعدة مرات ضدنا في أجواء بحر كوريا الغربي مع عملائها في جنوبي كوريا.
وعلى وجه الخصوص، استدعى الإمبرياليون الأمريكيون هؤلاء العملاء إلى الولايات المتحدة في النصف الثاني من شباط/ فبراير الأخير، لإجراء “مناورات استخدام القدرة الرادعة الموسعة” باتخاذ الهجوم الاستباقي النووي علينا أمراً واقعاً، ورفعوا عقيرتهم بالصراخ عن نشر الأصول الإستراتيجية النووية دائماً في شبه الجزيرة الكورية في المستقبل أيضاً.
إن هذه التصرفات المتهورة للمواجهة العسكرية والأعمال العدائية دفعت بالوضع في منطقة شبه الجزيرة الكورية إلى خط الخطر، حتى أصبح على وشك الانفجار مع حلول مارس/آذار الجاري.
لقد أرسلت الولايات المتحدة باستمرار الغواصات النووية ومدمرات “إيجيس”، التي تدرج ضمن الأصول الإستراتيجية الرئيسية للبحرية الأمريكية، إلى منطقة جنوبي كوريا، في مسعى خبيث لزيادة الضغوط العسكرية علينا.
في اليوم الأول من مارس/ آذار، قامت الولايات المتحدة ودعاة الحرب العملاء في جنوبي كوريا بالأعمال التجسسية، باستخدام طائرة “آرسي – 135 أس”، وسائر الأصول الاستطلاعية، عقب جلب أحدث السفن لتعقب الصواريخ “هاورد لورينجين” للبحرية الأمريكية إلى بحر كوريا الشرقي، وفي اليوم الثالث، أجروا التدريبات الجوية المشتركة للمرة الرابعة هذا العام في أجواء بحر كوريا الغربي، بتعبئة القاذفة الإستراتيجية “بي – 1 بي”، وطائرة الهجوم القتالي بلا طيار “أم كيو – 9 ريبر” السيئة الصيت بـِ”طائرة الاغتيال الجوي”، وغيرهما من الأعتدة الإستراتيجية بشتى أنواعها.
وفي الوقت نفسه، تجوَّلَ رئيس هيئة الأركان المشتركة العميلة لجنوبي كوريا، في ساحة تدريب العمليات الخاصة، التي تجري فيها “عمليات قطع الرأس”، التي تهدف إلى الضرب المباغت لنقاط الارتكاز الإستراتيجية في جمهوريتنا، بالتواطؤ مع سيده الولايات المتحدة، و وحدات الجيش العميل القريبة من الجبهة، وهو يُثير جنون المواجهة إلى أقصى درجة، قائلاً: “إن استفزاز العدو بدأ مسبقاً” و”إنهم سيؤدبونه !”.
حتى في وضع خطير ازداد فيه الوضع العسكري والسياسي سوءاً في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة، شرعت الولايات المتحدة بالتدريبات الجوية المشتركة الخامسة في يوم 6 من مارس/ آذار، بتعبئة القاذفة الاستراتيجية النووية “بي – 52” مجدداً، وأقدمت منذ يوم 13 على المناورات العسكرية الأمريكية والكورية الجنوبية المشتركة “فريدوم شيلد” على نطاق واسع.
يدل الواقع بجلاء، على أن خطر اندلاع الحرب النووية في شبه الجزيرة الكورية ينتقل من المرحلة الوهمية إلى المرحلة الواقعية.
إن جميع المناورات العسكرية التي تجريها الولايات المتحدة مع عملائها في جنوبي كوريا، تكمن خطورتها في أنها مناورات عملية استفزازية لغزو الشمال، وحرب نووية تمهيدية تحاكي الحرب الشاملة علينا.
أما بخصوص تدريبات الإنزال المشتركة “سانغريونغ” وحدها التي تهدف “احتلال بيونغ يانغ”، فهي تبعثها بعد التوقف عنها خلال 5 أعوام، وتتحدث بصخب علناً عن أنها تجريها على أعلى المستويات من حيث نطاقها وحجمها.
يُغطي الإمبرياليون الأمريكيون طبيعة مناوراتهم الحربية بستار “الدفاع”، إلا أن ذلك ما هو إلا سفسطة وقحة تمّوه الحقائق.
لن ترفض الولايات المتحدة أيضاً، أن القاذفة الإستراتيجية النووية “بي – 52 أتشي”، والقاذفة الإستراتيجية فوق الصوتية “بي – 1 بي”، وحاملة الطائرات والغواصة الهجومية النووية، ومقاتلات ستيلث “أف – 35” التي تجلبها من حين لآخر إلى شبه الجزيرة الكورية والمنطقة المحيطة بها هذا العام، ناهيك عن العام الماضي، إنَّمَا هي أعتدة عسكرية أكثر هجومية تنفِّذ مهام الضرب الاستراتيجي البحت، لا بقصد العمل الدفاعي.
ليس ثمَّة في العالم مَن يصدق أن الانتشار الدائم للأصول الإستراتيجية النووية الأمريكية في شبه الجزيرة الكورية، وتدريبات الوحدات الخاصة على الهبوط بالمظلات، والتغلغل، والتدريبات على الإنزال المباغت، والزحف، تتصف بالطبيعة “الدفاعية”، تلك التي تجري وفقاً للسيناريوهات الحربية، التي تهدف إلى “تدمير السلطة”، و”عمليات قطع الرأس”، و”احتلال بيونغ يانغ”.
الآن، تتشبث القوى المعادية بالمغامرة العسكرية بالغة الخطورة، وفي الوقت نفسه تسعى بشراسة لعزل وخنق جمهوريتنا بممارسة العقوبات الجائرة ضد الإنسانية، بتهمة حتى “موضوع حقوق الإنسان” المزعوم.
تلِّفق الولايات المتحدة والقوى التابعة لها وتنشر كل ألوان الإدعاءات بـِ”التهديد” في محاولة “لشيطنة” جمهوريتنا في الأمم المتحدة وسائر المسارح الدولية، وتتصرف تصرفاً دنيئاً لمنع دخول قطعة واحدة من اللوازم الملحة للحياة اليومية لشعبنا إلى أراضينا من خلال إلصاق الترجمة السخيفة مثل “الكماليات” عليها.
عندما استحال عليها أن تعزلنا بعد الآن على الصعيد الدولي باستخدام الملف النووي، تلجأ واشنطن إلى المكائد والدسائس ضد جمهوريتنا على الحلبة الدولية، بحشد كل ما هبَّ ودبَّ من القوى التابعة لها.
إن الأثر السلبي الناجم عن مؤامرات الولايات المتحدة وسائر القوى المعادية لتدمير جمهوريتنا، لا يقتصر البتة على شبه الجزيرة الكورية وحدها.
تحرِّض الولايات المتحدة جنوبي كوريا واليابان إلى أقصى حد على زيادة التسلح المثير للقلق، وذلك تحت لافتة تنفيذ “إستراتيجية الهند – الباسفيك”، التي تهدف إلى الحفاظ على الهيمنة الإستراتيجية العسكرية في المنطقة، وتبذل المحاولات من جميع النواحي لتحويل التوازن العسكري في شبه الجزيرة الكورية ومنطقة شمال شرقي آسيا لصالح نظام الحلف بزعامة الولايات المتحدة، التي تتفرغ كذلك لإنشاء التكتل العسكري الجديد مثل “النسخة الآسيوية من الناتو” في منطقة آسيا والباسفيك، وتحاول تحقيق أهدافها للهيمنة بتشكيل شبكة حصار الدول الكبيرة في المنطقة، وعزلها، وإضعافها باضطراد من خلال إرساء “أوكوس”، وغيرها من “القدرة الرادعة المتكاملة”، التي تشمل القدرات العسكرية للدول الدائرة في فلكها.
تبيّن أعمال جنوبي كوريا لتطوير وإدخال “الصاروخ البالستي عالي القدرة” نيَّتِها لإطلاق قمر الاستطلاع العسكري، وامتلاك الغواصة النووية، ومؤامرات اليابان لإدخال الصاروخ المجنح “توماهوك”، لتوفير “القدرة على مهاجمة قاعدة العدو”، وتطوير الصاروخ فرط الصوتي. إن تحركات الولايات المتحدة والقوى التابعة لها لزيادة التسلح إنما تتجاوز الحدود الخطرة التي لا تُغتفر.
اليوم، تتحول شبه الجزيرة الكورية إلى أكبر مستودع بارود في العالم، وساحة للمناورات الحربية، جرَّاء مؤامرات التضخم العسكري المسعور للولايات المتحدة والقوى التابعة لها.
إنه لمِن الحقائق الواضحة أن تتعرض بيئة الأمن في المنطقة للخطر، وتتزعزع أسس السلام والأمن الدوليين أيضاً إلى أبعد الحدود، بسبب مساعي الولايات المتحدة للهيمنة، والتي تحث على الانقسام والمواجهة، وتعرقل عملية الاستقرار والتطور.
من الطبيعي أن لكل الأمور سبباً وعلَّة
كما يُقدِّر المجتمع الدولي بصواب، أن السبب في بلوغ الوضع بشبه الجزيرة الكورية هذه الحالة الراهنة يعود إلى أن الولايات المتحدة ترفض التجاوب مع الإجراءات الإيجابية لدولتنا، بل تمضي باطراد في تشديد الضغوط على كوريا وتهديدها بالقوات المسلحة.
لقد أوضحنا بجلاء أكثر من مرة في هذا العام وحده؛ أن التدريبات المشتركة المتكررة للولايات المتحدة وعملائها في جنوبي كوريا، الذين يزيدون وضع المنطقة سوءاً بتحديد هدف غير واقعي وبالغ الخطورة، مثل “تدمير السلطة” للدولة ذات السيادة، واستخدام مختلف أنواع العبارات المهدِّدَة الشديدة؛ تكون سبباً في إدامة الحلقة المفرغة للوضع في شبه الجزيرة الكورية، فقد طالبنا بلهجة قوية بإيقاف التصرفات العدائية العسكرية دون إبطاء، والتي تسيء إلى السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة.
وعلى الرغم من ذلك، تتجاهل الولايات المتحدة مراراً وتكرارًا المطالب العادلة منَّا ومن المجتمع الدولي، وتدفع بالوضع في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة إلى نقطة قصوى لا يمكن أن “نتفرّج” عليها مكتوفي الأيدي بعد الآن.
لمواجهة تدهور الحالة الخطير التي تتعرض فيها سيادة دولتنا الكورية وأمنها للتهديدات إلى حد لا يمكن السماح به بعد الآن، اضطر حزبنا وحكومة جمهوريتنا إلى اتخاذ إجراءات حازمة وحاسمة لكبح التهديدات العسكرية من القوى المعادية بشكل كامل، والدفاع عن السلام والأمن في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة.
من الضروري الإعلان عن أن قواتنا المسلحة النووية يمكنها أن تستخدم في أي وقت عند الاقتضاء، لتأدية الرسالة المقدسة للدفاع الوطني، ويأتي استخدامها الاستباقي في أي لحظة، وذلك بموجب المقاصد الإستراتيجية عند وقوع الاصطدام المؤدي إلى الحرب الخطيرة.
إن التدريبات على إطلاق الصاروخ البالستي العابر للقارات “هواسونغبو -17” الجارية في هذه المرة، هي إيعاز واضح على ذلك.
سنواصل إحباط أعمال الاستفزاز العسكري الطائشة للولايات المتحدة والقوى التابعة لها بقوتنا المتفوقة.
ينص القانون الخاص بسياسة القوات المسلحة النووية لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بوضوح، على المبادئ والظروف لاستخدام الأسلحة النووية في الأحوال المختلفة، من أجل الرد على التهديد والهجوم العسكري الذي يوجهه بلد آخر إلى دولتنا.
إذا أراد أحد أن يمس بسيادة جمهوريتنا وأمنها، ستؤدي قواتنا المسلحة النووية رسالتها الخطيرة على أفضل وجه.
وإذا تم التغاضي عن تحركات الاستفزاز العسكري الخطير للولايات المتحدة وجنوبي كوريا باستمرار على شاكلة ما يجري هذه الأيام، فلا ضمانة لعدم نشوء اشتباك فيزيائي محتدم في منطقة شبه الجزيرة الكورية، حيث تنتشر القوات المسلحة الضخمة للطرفين بكثافة وتتواجه بصورة حادة.
وإذا نقل هذا الاشتباك إلى حيِّز الواقع؛ فسيقع أمن الولايات المتحدة أيضاً ناهيك عن أمن المنطقة؛ في حالة كارثية لا مرد لها.
ينبغي على الولايات المتحدة أن تتوقف فوراً عن الاستفزازات العسكرية المحمومة والمناورات الحربية ضدنا.ة