شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
يلينا نيدوغينا*
ما أزال أذكر كيف خرّبت “قيادة” الاتحاد السوفييتي وحزبه علاقاتها مع جمهورية الصين الشعبية وحزبها الشيوعي الحاكم خلال حقبة المُحرّر والباني ماوتسي تونغ، وكيف كان المُهرّج نيكيتا سيرغييفيتش خروتشوف “مبادراً!” إلى عملية ضرب المقومات السوفييتية الصينية، مما أدى إلى انكشاف خاصرة الاتحاد السوفييتي جيوسياسياً، وتوسيع مشاعر العداء الدولي نحو موسكو التي ناصبتها غالبية الدول الغربية عداءً لا حدود له بأوامر أمريكية، تكاثرت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، هدفت إلى تأكيد إدّعاءات بـِ “الدور الرئيس لأمريكا والغرب في تحقيق الانتصار على النازية والفاشية”، و “نجاعة” محاصرة “الكتلة الشرقية”.
أنا اليوم وإلى جانبي مَن هم في عمري من المواطنين الروس والصينيين، نستذكّر بسعادة اليوميات والإضافات الوازنة للحقبة المزدهرة للعلاقات السوفييتية الصينية، والتعاون الواسع الذي طبع صِلات الشعبين والبلدين: أولاً، لتحرير الصين من الاستعمار المتعدّد الاشكال؛ وثانياً، لإنهاض الصين وروسيا وتنميتهما ولتأكيد عظمتهما تاريخياً ورفعة شعبيهما؛ وثالثاً، لتعميق تحالفاتهما الثنائية المُثمرة.
ابتعاد المحور السوفييتي – الروسي الصيني عن بعضهم بعضاً، وإبعاد خروتشوف بلادنا عن الصين، كان مؤلماً جداً وضربة سكين في خاصرة كِلا البلدين والامتين ومصالحهما، وصبَّ بلا أدنى شك في صالح الأعداء الذين حققوا هدفهم بكل بساطة، وبدون أي عناء تفتيتاً للتضامن بين بلدين كبيرين وعريقين، فلم يُكلّف تفشي العداء بين موسكو وبكين، بجريرة خروتشوف، أي من خصومهما العالميين كابيكاً (فلساً) واحداً..!
كان المدعو نيكيتا خروتشوف؛ (المولود في “كالينفوكا”/ أوكرانيا، بتاريخ 15 نيسان/ أبريل 1894م) غبياً في غالبيته سياساته؛ أهوجاً وسطحياً ولا منهجاً يحكم “قفزاته” السياسية والحزبية؛ ومتناقضاً في تفكيره وقراراته؛ ولا خبرات قيادية أو حزبية حقيقية لديه، وكان نهجه غير منطقي ولا يستند إلى دراسات وأبحاث موضوعية مُسبقة. المنطق يقول أن الانسان السّوي يُحافظ على مكاسبه المُتحققة ويعمل على تعظيمها، و “الصديق للصديق وقت الضيق” وفي وقت الازدهار أيضاً، ومن غير المنطقي أن يستعدي الصديق صديقه بغض النظر عن سبب الاستعداء الذي هو في العادة لا يرتقي إلى العقلانية ومستوى المسؤولية التاريخية.
خروتشوف كان “فخوراً!” للأسف الشديد بعدائه غير المُبرر للصين برغم أن نصره المزعوم هذا كان خسارة ضخمة لبلادنا، فقد قوّى وعمّق جبهة الاعداء وتكاتفهم ضدنا وتكتلهم لمزيدٍ من تحقيق القفزت الواسعة في ستينات القرن الماضي لاضعافنا. عداء خروتشوف لموسكو كان مُكلفاً لنا كثيراً على كل الأصعدة، وخسرنا بسببه الكثير في كل الحقول، ناهيكم عن خسارتنا في مجال الصداقة الكفاحية والأخوّة التاريخية والعميقة مع الصين، والتي عمّدتها سني العمل المشترك في البناء السلمي وعلى جبهات القتال والتحرير، وعلى الجبهة الدبلوماسية الدولية، ولجهة حماية بعضنا البعض، وتبادل المعلومات والخبرات السياسية والأمنية والاقتصادية والحزبية وغيرها الكثير.
العداء الخروتشوفي – الشخصي “السوفييتي” للصين دولةً ونظاماً وشعباً، سَهّل للجبهة العالمية لقوى الغرب الاستكبارية والكيان الصهيوني عملية كبرى ومنظمَّة وعميقة للنيل من الأطباء والخبراء الصحيين الصينيين في أفريقيا وآسيا، والذين ابتعثتهم الصين إلى دول القارتين لانقاذ الشعوب هناك من الأوبئة والأمراض، ولانهاض مستوى العلاج ودقّته ونتائجه لدول القارتين والمحافظة على حياة الناس فيهما.
ختاماً، بودي أن أستشهد بتصريح “ليو ناى يا”، الباحث في الشؤون الأفريقية في أكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية، الذي يُشير إلى أنه وبعد عقود من الإصلاح والانفتاح, تجد الصين نفسها “اليوم”، في وضع لتقديم ما تحتاجه الدول الأفريقية.. تكنولوجيا معقّدة تناسب الأحوال الأفريقية بتكلفة متدنية نسبياً؛ وخبرات فى مجال التخفيف من مستوى الفقر ولأجل تسريع التنمية الاقتصادية، لاسيّما أن الصين لديها رغبة جامحة لنقل تقنياتها, وجعل منتجاتها العالية التكنولوجيا فى متناول أكثر سهولة من المُنتجات الغربية إلى الدول الافريقية.
في عام 2013، نقلت وكالة أنباء “شيخوا” الرسمية الصينية وجريدة “الشعب” الصينية، وهي الجريدة الأولى في الصين، تصريحاتي التي تأكَدَ صحتها تاريخياً، بأن الصين تتقدّم وتنتصر، وها هي تؤكد نفسها ومبادئها الشريفة وجاذبية أهدافها إستناداً لديمقراطيتها التي تُضفي صلابة على المجتمع الصيني، وتضع حداً لكل مِن تسوّل له نفسه الإضرار بها وبمستقبلها وسيادتها وتوجهاتها، وها قد فشلت محاولات محاصرة الصين والتدخل في شؤونها.
ان كل هذا وغيره من خطوات تصر عليها الصين لانقاذ العالم وأفريقياً، هو في الواقع عرض لحقيقة أن عهد إخراج الصين من آسيا والقارة السوداء ولّى ولن يعود مجدداً، فقد طوى التاريخ صفحته، وعودة الصين وآسيا وأفريقيا لبعضهما بعضاً، بغض النظر عن العقبات التي تستحدثها بعض دول الغرب ومَن يرتبطون بها “بصداقات عميقة”، أصبح واقعاً مُعاشاً وضمن التحالف العميق الروسي الصيني والصداقة الراسخة للشعبين الصيني والروسي، ومساعدتهما لبعضهما بعضاً في كل شأن خاص وعام، وفي ظل الإرادة والتفاهم والصداقة التي تربط بيم الرئيسين، الروسي (فلاديمير بوتين)، والصيني (شي جين بينغ).
*#يلينا_نيدوغينا: رئيسة تحرير “الملحق #الروسي” في جريدة “ذا ستار”/ “الدستور” اليومية سابقا؛ وعضو مؤسس وقيادي في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) #الصين.
*التدقيق اللغوي والتحرير الصحفي: الأكاديمي مروان سوداح.
*المراجعة والنشر: أ. عبد القادر خليل.