تونس (شينخوا)/- أجمع سياسيون وخبراء تونسيون على أن رفع أمريكا لشعار الدفاع عن حقوق الإنسان، ليس سوى مظلة للتغطية عن انتهاكاتها الخطيرة لحقوق الإنسان التي تجاوزت كل الحدود في الداخل الأمريكي وفي بقية دول العالم.
وأكدوا في تصريحات لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن سجل انتهاكات أمريكا لحقوق الإنسان حافل بالممارسات الشنيعة التي جعلت مسؤولي الإدارة الأمريكية يتعرضون في العديد من المناسبات إلى موجات متواترة من الانتقادات الحادة داخل أروقة الأمم المتحدة.
ورغم ذلك، لا تتورع الإدارة الأمريكية في استخدام ملف حقوق الإنسان للضغط على الدول الأخرى، وذلك وفق سياسة الكيل بمكيالين، وازداوجية المعايير، الأمر الذي عمق قلق المجتمع الدولي الذي كثيرا ما استنكر الممارسات الأمريكية المتصلة بهذا الملف.
وفي هذا الصدد، اعتبر زهير المغزاوي، الأمين العام لحركة الشعب التونسية، أنه بقدر ما كانت الولايات المتحدة مستعدة لإطلاق تهمة عدم احترام حقوق الانسان في وجه كل دولة ترفض الخضوع لهيمنتها، فإنها لا تتوانى في أحيان كثيرة عن ممارسة أبشع الجرائم في هذا المجال أو السكوت عنها إذا كان الأمر يتعلق بممارسات يتورط فيها حلفاؤها .
وقال في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وخروج أمريكا من عزلتها القارية، بدأ العالم يلاحظ ازدواجية المعايير التي تتعامل بها مع سائر شعوب العالم، حيث أنه بقدر ما يكون صوتها عاليا وأدوات ضغطها صارمة مع الدول التي ترفض هيمنتها، تكون لديها قدرة لا محدودة على تبرير جرائم حلفائها وغض الطرف عنها .
وتابع” السجل الأمريكي في مجال انتهاك حقوق الإنسان أكبر من أن نحيط به في هذا المجال، لكن الشعوب الحرة وقواها الحية في كل العالم، لا في الشرق الأوسط فقط، أصبحت أذكى من أن يقنعها الدفاع الأمريكي الكاذب عن القيم الكونية وفي مقدمتها حقوق الإنسان”.
ولفت في هذا السياق إلى أن الجرائم الأمريكية في هذا المجال لم تقتصر على منطقة الشرق الأوسط ، بل شملت أيضا آسيا وأمريكا اللاتينية ولا شك أن ذاكرة الإنسانية لن تنسى الصور البشعة للفظاعات التي أرتكبت في فييتنام وكمبوديا، وقبل كل ذلك تظل جريمة إلقاء القنبلتين الذريتين على مدينتي هيروشيما و ناغازاجي اليابانيتين وصمة عار على جبين الولايات المتحدة الأمريكية.
ويشاطر هذا الرأي، غالبية من يهتمون بملف حقوق الإنسان الذين لا يترددون في القول إن أمريكا تحاول أن تبيع للعالم أجمل الصور عن حقوق الإنسان رغم مذابح وفظائع فيتنام وانقلابات ومؤامرات في أمريكا اللاتينية والعالم العربي، وخاصة منها تلك التي دارت في أقبية سجن أبو غريب بالعراق.
ويعتبر ما تم الكشف عنه في سجن أبو غريب بالعراق، مثالا صارخا على انتهاك حقوق الإنسان وكرامته ومعتقداته من قبل الإدارة الأمريكية، كما أن ما حدث ويحدث في أفغانستان لا يختلف كثيراً عن ذلك، ثم أن معتقل غوانتانامو يبقى من أكثر الأدلة على استهتار الإدارة الأمريكية بحقوق الإنسان.
وفي هذا الإطار، قال الناشط السياسي التونسي، هشام الحاجي، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن الادعاءات الأمريكية حول دعم حقوق الإنسان في العالم لم تعد قادرة على إقناع الأطفال فما بالك بمن يملك الحد الأدنى من المعرفة بتاريخ الانتهاكات الأمريكية لكل أنواع حقوق.
وأوضح أنه “…لا شك أن العالم قد استحضر مطلع هذا الشهر ذكرى إلقاء قنبلة هيروشيما النووية و التي تمثل أكبر استهداف للحق الأول الذي لا حقوق بدونه وهو الحق في الحياة، و لا يمكن نسيان ما فعله الأمريكان في كوريا و فيتنام و ما ارتبط بغزو العراق و احتلاله من انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان”.
واعتبر أن السياسات الأمريكية تقوم بشكل منهجي على ضرب حقوق الإنسان بل تتجاوز ذلك إلى جعلها شعارا فضفاضا و كاذبا لإخفاء قبح سياساتها والوجه البشع لعملائها.
ولا شك أن هذا السلوك الأمريكي يفقد عنصر استخدام حقوق الإنسان آليته وفاعليته من أجل استخدامه كعامل من عوامل السياسة الخارجية وهدفه الضغط على الدول التي لا تشاطر الولايات المتحدة الأمريكية نفس التوجه أو السياسة.
وعليه، قال خالد عبيد، الأكاديمي التونسي المختص في الشؤون السياسية، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن الانتهاكات الأمريكية لحقوق الإنسان تعد مسألة قديمة متجددة، تتعامل معها الإدارة الأمريكية بمنطق الكيل بمكيالين، ذلك أنه عندما يتعلق الأمر بمصالحها أو بما تعتبره تهديدا لأمنها القومي، فإنها لا تتردد في القيام بأي شيء مخالف للقانون الدولي.
ورأى أن ما حدث في فييتنام وكوريا والعراق وغيرها من دول العالم خير دليل على ذلك، حيث لم يقتصر الأمر على عدم احترام الشرعية الدولية وضربها في الصميم، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حتى وصل الأمر إلى احتلال دول وتدميرها، وارتكاب أبشع الجرائم التي ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية.
وشدد خالد عبيد، على أن الذرائع والتبريرات التي تقدمها الإدارة الأمريكية في هذا المجال لم تعد تنطلي على أحد، لأنها واهية، ومع ذلك لاتزال أمريكا تستخدم هذا الملف، وتلجأ إلى كل الاكاذيب والافتراءات عندما يتعلق الأمر بغيرها.