صحيفة الشعب اليومية أونلاين/
يمكن القول بأن حياة تطبيق تيك توك باتت على المحك في الولايات المتحدة. لقد قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الجمعة بأنه سيقرر حظر هذا التطبيق في يوم السبت الماضي بالتوقيت المحلي. وعلى الرغم من أنه لم يفعل ذلك، إلا أنه وضع المزيد من الضغوطات على المفاوضات بين الشركة الأم لهذا التطبيق وهي “بايت دانست” الصينية وشركة مايكروسوفت. ووفقا لوكالة رويترز للأنباء يوم 2 أغسطس، حسب قول شخصين مطّلعين، فقد وافق ترامب على منح شركة بايت دانس 45 يوما للتفاوض على بيع التطبيق إلى شركة مايكروسوفت. كما أضافا بأن المفاوضات بين الشركتين ستشرف عليها لجنة الاستثمار الأجنبي التابعة للحكومة الأمريكية والتي لديها الحق في منع أي اتفاق.
في الليلة الماضية، أصدرت “بايت دانست” الصينية بيانا على حسابها الرسمي، أعلنت فيه أنها تتعرض إلى حملة تشويه ضدها من قبل شركة فيسبوك. النص الكامل للبيان كما يلي:
تلتزم شركة بايت دانس بأن تصبح شركة عالمية. وخلال هذه العملية، نواجه جميع أنواع الصعوبات المعقدة التي لا يمكن لأحد تصورها، بما في ذلك البيئة السياسية الدولية المتوترة وصراع الثقافات المختلفة والسرقات الأدبية وحملة التشويه ضدنا من قبل شركة فيسبوك. لكن ومع ذلك، مازلنا نتمسك برؤية حول العولمة كما أننا نواصل زيادة الاستثمار في الأسواق في جميع أنحاء العالم بما في ذلك الصين، والهدف هو تحقيق قيمة للمستخدمين العالميين. نحن نلتزم بشكل صارم بالقوانين المحلية، وسنستخدم بنشاط الحقوق الممنوحة لنا بموجب القانون لحماية الحقوق القانونية للشركة.
أشارت جلوبال تايمز وهي إحدى الوسائل الإعلامية المنضوية تحت راية صحيفة الشعب اليومية في افتتاحيتها اليوم، الى أن الحكومة الأمريكية وشركات التكنولوجيا الفائقة الأمريكية ومن دون أي شك يتشاركن في عملية صيد تيك توك واختطافه. إن الأمن القومي بالمعنى الضيق ليس بالتأكيد هو أهم اعتبار بالنسبة للولايات المتحدة، لأن قدرة شركة هواوي وتيك توك على تحدي هيمنة صناعة المعلومات الأمريكية فائقة التكنولوجيا هو ما يزعج واشنطن حقا. لذلك إذا كان هذا هو الأمن القومي الذي يخافون عليه، فهذا يعني بأن أمنهم القومي معادل للهيمنة.
كما أشار التعليق إلى أن الصين تشهد من خلال هذا الحادث الصورة البشعة التي أظهرتها الحكومة الأمريكية وعمالقة التكنولوجيا الفائقة ذات الصلة. وتعد فيسبوك الشركة التي تتأثر من قبل تيك توك، حيث أن رئيسها التنفيذي مارك زوكربورغ أهم شخصية في مجتمع التكنولوجيا الأمريكي الذي يسعى الى اسقاط تيك توك. وعندما رفض الرؤساء التنفيذيون لثلاثة شركات إنترنت عملاقة أخرى في الولايات المتحدة التأكيد على أن الصين سرقت التكنولوجيا الأمريكية، زعم زوكربورغ علنا بأن لديه “أدلة كافية” على أن الصين هي التي فعلت ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مستخدمي تيك توك هم في الغالب من المراهقين الأمريكيين وكثير منهم لا يحبون الرئيس ترامب. لذلك، يعتقد العديد من المحللين أن إيقاف هذا التطبيق قبل الانتخابات هو ما يريده الفريق الرئاسي.
في الواقع، لم تمنع الصين أبدا الشركات الأمريكية فائقة التكنولوجيا من ممارسة أعمالها التجارية على أراضيها، لكن الشيء الذي طلبته منهم هو أن تتوافق أعمالهم هذه مع القوانين الصينية. إلا أن هذه الشركات أصرت ورفضت الامتثال للقوانين الصينية. لقد كانت شركة غوغل محتلة نسبة كبيرة داخل السوق الصيني، إلا أنها قررت الانسحاب قبل عشر سنوات حسب رغبتها. أما الشركات الأخرى التي صممت بشكل فردي إصدارات مناسبة للسوق الصينية فقد تم معارضتها في الولايات المتحدة واتهموها بالخضوع للصين، ونتيجة لذلك، لا تعمل عمالقة الانترنت الأمريكية حاليا في الصين.
يعمل تيك توك في الولايات المتحدة تماما وفقا لقوانين الولايات المتحدة وهو معزول تماما عن نسخته الصينية “دوين”. لذلك لا يمكن للمستخدمين في البر الرئيسي الصيني التسجيل في تطبيق تيك توك. وبعبارة أخرى لم ينتهك تطبيق تيك توك أي قانون للولايات المتحدة وتعاون بشكل كامل مع الإدارة الأمريكية. إن ادعاء الولايات المتحدة بأنه يهدد أمنها القومي هو مجرد افتراض صريح وتهمة لا مبرر لها، وهي تماما نفس الادعاءات التي يوجهونها إلى شركة هواوي على أنها تقوم بجمع معلومات استخباراتية للحكومة الصينية. وهذا يختلف اختلافا جوهريا عن رفض الصين للنسخة الأصلية من فيسبوك وتويتر حين دخولها للسوق الصيني، حيث طالبتها الحكومة مسبقا بالعمل وفقا للقوانين الصينية عند بداية تسجيلها للعمل.
إن الصين تحمي أمنها القومي بالمعنى التقليدي، وهي تطلب من الشركات الأمريكية تخزين معلومات المستخدمين الصينيين على الخوادم الموجودة في الصين، وتطلب منها إدارة المحتوى المنشور على منصاتها الالكترونية وفقا للقوانين الصينية. وهذا هو المنطق الذي تعمل به الصين وفقا لقوانينها فيما يتعلق بالتحكم في الفضاء السيبراني. أما فيما يتعلق برغبة الولايات المتحدة في حظر تطبيق تيك توك فنحن نتساءل ما هو القانون الأمريكي الذي انتهكته هذه الشركة؟ ما هي الإدارة التي لم تتعاون معها في الولايات المتحدة؟ الحقيقة هي أنها تريد فقط استئصال تيك توك من جذوره. أين هي العدالة والأخلاق التي تتباهى بها الولايات المتحدة إذن أمام هذا النوع من القضايا؟