CGTN العربية/
في وقت سجلت فيه ((بي أم دبليو)) انخفاضا بنسبة 12.5 في المائة في مبيعات سياراتها الجديدة في جميع أنحاء العالم في الأشهر التسعة الأولى من العام بسبب تراجع الطلبات وسط الركود جراء الوباء، ارتفعت مبيعاتها بنسبة 6.4 في المائة في الصين، أكبر سوق خارجي لعملاق السيارات الألماني.
ويمثل نهوض السوق الصيني نعمة ليس فقط بالنسبة لشركة ((بي أم دبليو))، بل أيضا للشركات في جميع أنحاء العالم التي تكافح من أجل البحث عن فرص تجارية والنجاة من هذا المأزق الاقتصادي العالمي غير المسبوق.
ونظرا لأن الشركات من جميع أنحاء العالم قد جلبت سلعها وخدماتها إلى مدينة شانغهاي الصينية، فإن معرض الصين الدولي الثالث للواردات لا يبني فقط جسرا بين تلك الشركات القلقة والفرص التي تشتد الحاجة إليها في الوقت المناسب، ولكنه يبث حياة جديدة في الاقتصاد العالمي المترنح.
إن استضافة أكبر معرض حول الاستيراد في العالم على النحو المخطط له يشكل بالفعل تحديا خطيرا، وخاصة في وقت مازال فيه وباء فيروس كورونا الجديد يعيث الفوضى.
وبفضل حملة بكين الصارمة والفعالة لاحتواء الوباء، يتعافى اقتصاد الصين مرة أخرى، ويزداد دفء تجارته الخارجية، وتجري فعاليات معرض الواردات حتى الآن بشكل آمن وسلس ومنتج، مما يعزز ثقة العالم في موثوقية ومرونة ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر سوق استهلاكي فيه.
وكانت القوة الجاذبة التي لا يمكن مقاومتها للسوق الصيني شديدة الوضوح على خلفية الوباء المتفاقم. وأظهر أحدث تقرير أنه في الوقت الذي من المتوقع أن ينخفض الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي بنسبة تصل إلى 40 في المائة في عام 2020، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق إلى البر الرئيسي الصيني، في الاستخدام الفعلي، زاد بنسبة 25.1 في المائة على أساس سنوي ليصل إلى 14.9 مليار دولار أمريكي في سبتمبر، وهو الشهر السادس على التوالي من النمو الإيجابي للاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد.
ويمكن للاستثمار الأجنبي المباشر المتنامي أن يقدم لمحة عن الإمكانات الهائلة للسوق الصيني المنفتح باستمرار والذي يضم 1.4 مليار نسمة ومجموعة متوسطة الدخل يزيد عددها عن 400 مليون. وتقدر واردات البلاد من السلع بأكثر من 22 تريليون دولار في العقد المقبل، وفقا لبيانات رسمية.
وفي الوقت نفسه، بدأت الصين مؤخرا في تبني نمط تنمية جديد هو “التداول المزدوج” الذي يتخذ من السوق المحلي دعامة أساسية مع تعزيز السوقين المحلي والدولي لبعضهما البعض. إن ما تتصوره الصين ليس حلقة إنمائية خلف الأبواب المغلقة، بل هو تداول محلي ودولي أكثر انفتاحا.
وعلاوة على ذلك، وبما أن بكين اقترحت هدفا طويل الأجل على مدار الخمسة عشر عاما القادمة لرفع التنمية عالية الجودة وبناء اقتصاد سوق عالي المستوى في الجلسة الكاملة الخامسة التي اختتمت للتو للجنة المركزية الـ19 للحزب الشيوعي الصيني، فإن الشركات في جميع أنحاء العالم يمكن أن تتأكد من المزيد من فرص الاستثمار والتعاون في الصين.
وفي خطابه الرئيسي في حفل افتتاح الدورة الثالثة من معرض الصين الدولي للواردات، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مجموعة من مقترحات الانفتاح الجديدة، بما في ذلك دعم رواد جدد للانفتاح، وإتباع طرق مبتكرة لنمو التجارة الخارجية، وتحسين بيئة الأعمال لديها وتعزيز تعميق التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف والإقليمي.
وقد بعثت المقترحات، المصممة لبدء جولة جديدة من الانفتاح على مستوى أعلى في الصين، مرة أخرى برسالة قوية وصريحة حول التزام البلاد بالانفتاح والتعاون المربح للجميع.
وفي حين تبذل الصين كل ما في وسعها للوفاء بوعدها بالانفتاح من خلال اتخاذ إجراءات جوهرية وتقاسم فرصها الإنمائية مع العالم الأوسع، فإن التحديات المعقدة المتمثلة في تفشي فيروس كورونا الجديد، الذي لا يزال مستشريا، وتزايد الحمائية التجارية والانعزالية، تهدد بسحب اقتصاد العالم المتعثر إلى عمق هاوية الركود. وللتغلب على عصر الأزمات هذا، فإن هناك حاجة إلى مدخلات من الجميع.
وأشار شي في خطابه يوم الأربعاء إلى أنه “على كل الدول أن تتكاتف لمواجهة المخاطر والتحديات بشكل مشترك، وتعزيز التعاون والتواصل، وتبني المزيد من الانفتاح”.
ولا يفتقر التاريخ إلى ملحمية أوديسية توضح شجاعة البشرية وحكمتها في المضي قدما عندما تواجه تحديات تبدو مستعصية ونكسات خطيرة. ولاستعادة النمو العالمي في أقرب وقت ممكن وبناء اقتصاد عالمي أكثر مرونة، ينبغي على المجتمع الدولي أن يتكاتف بشكل أكثر إحكاما هذه المرة. وفي خضم هذه العملية، ستكون الصين كما هي الحال دائما على استعداد للقيام بدورها.