صحيفة الشعب اليومية أونلاين/
لقد مر التاريخ البشري دائما بتقلبات كثيرة، ولكن السلام والتعاون والتنمية كانوا دائما الطرق الصحيحة. لقد فاجأ فيروس كورونا المستجد العالم في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ولم تتمكن الدول والشعوب من الفرار من براثنه. إن هذا الوباء سلاح ذو حدين، في آن واحد محك ومرآة كشافة الشياطين. خلال هذه الفترة شهد المجتمع الدولي تحديات مختلفة مناهضة للخط الأساسي للحضارة الإنسانية، وعملت هذه التحديات على تقويض النظام الدولي وعرّضت التضامن والتعاون الدوليين للخطر، ولكنها أيضا عززت الاعتقاد بالعمل المشترك والتغلب على الصعوبات والإيمان بالحفاظ على الوطن الواحد. وفي مواجهة هذه الأزمة ساعدت الصين ودول غرب آسيا وشمال إفريقيا بعضهما البعض على تنفيذ مفهوم مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية من خلال إجراءات ملموسة. مما يدل على الصداقة العميقة والصداقة طويلة الأمد بين الجانبين.
في 23 يناير 2020 تم إغلاق مدينة ووهان بسبب الوباء، وبصفته أول وزير خارجية في العالم يتضامن علنا مع الصين، غرد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يوم 24 باللغة الصينية ” أبناء آدم كأعضاء الجسد الواحد وجوهرهم واحد، عندما يصاب أحد الأعضاء بالألم تتأثر باقي الأعضاء”. كما أشار إلى المثل الصيني الذي يقول ” كيف تقول أنه لا توجد عندك ملابس؟ سأشارك رداءي معك”. مؤكدا بأن إيران ستبقى بقوة إلى جانب الصين مهما كان المكان والزمان.
وأعرب الزعماء السياسيون لـ23 دولة من غرب آسيا وشمال إفريقيا بكل وضوح عن دعمهم للصين ووقوفهم معها وأعربوا عن تضامنهم ودعمهم عبر الرسائل والاتصالات الهاتفية. وقد أضاء اللون الأحمر والنجوم الخمسة الصفراء للعلم الصيني المباني الشهيرة مثل برج خليفة في دبي وقلعة صلاح الدين في القاهرة ومعبد الكرنك في الأقصر، وبرج الحرية في إيران إلى غير ذلك من المعالم، في إشارة إلى دعمهم ومساندتهم للصين في حربها على الفيروس. كما عبر شعوب دول المنطقة عن دعمهم وتشجيعهم للشعب الصيني من خلال الفيديوهات والهتاف له على سبيل “تشجعي يا ووهان، اصمدي يا صين!”.
إذا تعرض أحد الأطراف لمشكلة فيجب على الآخرين مساعدته. لقد تبرعت إيران وتركيا والإمارات العربية المتحدة والجزائر ومصر والمملكة العربية السعودية والبحرين وقطر ودول أخرى بأقنعة وقفازات وملابس واقية ودفعات أخرى من مواد المساعدة التى عبَرَت الصحراء الكبرى والمحيط الهندي، مما خفف حاجة الصين الملحة في تلك اللحظة الحرجة من وطأة الوباء.
في منتصف فبراير انتشر الفيروس بسرعة في غرب آسيا وشمال إفريقيا وكان الوضع في إيران وبلدان أخرى سيئا جدا. قال الصينيون “من أعطاني ثمرة حين كنت محتاجا أردّ على صداقته باليشم ” الأمة الصينية أمة امتنان وعرفان وشكر. لقد تحدث الرئيس الصيني شي جين بينغ مع قادة مصر وإيران والسعودية ودول أخرى للتعبير عن تعازيه ودعمهم لهم، وقال في القمة الاستثنائية لقادة مجموعة العشرين في مارس بأن العديد من أعضاء المجتمع الدولي قدموا إلى الصين المساعدات والدعم حين مرت بأصعب الأوقات، وهذا ما لن ننساه أبدا وسنظل نتذكره ونعتز به.
وقد أكد الرئيس شي جين بينغ مرات عديدة بأن الصين تتمسك بمفهوم مجمتع ذي مصير مشترك للبشرية وترغب في تقديم المساعدة في حدود قدراتها إلى البلدان الأخرى، وتدعو المجتمع الدولي إلى تعزيز الثقة والعمل معا لكسب هذا الكفاح البشري ضد الأمراض المعدية الرئيسية.
“كن صادقا مع الأصدقاء والتزم بوعدك”. تمارس الصين حكومة وشعبا مفهوم مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية من خلال الإجراءات العملية. في 3 مارس أرسلت الحكومة الصينية طائرة مليئة بالأقنعة والكواشف والملابس الطبية الواقية وأجهزة التهوية وإمدادات طبية أخرى إلى إيران. بعد ذلك غادرت الطائرات الصينية الواحدة تلو الأخرى المطارات الصينية وهي محملة بالمواد المضادة للوباء وتحُفّها مشاعر الصداقة وحب الشعب الصيني وتضامنه مع بقية الشعوب، وتوجهت إلى دول غرب آسيا وشمال إفريقيا حيث حطت بكل من مصر والعراق وسوريا ولبنان والجزائر وتونس والسودان ودول أخرى. وبمجرد انتصار خبراء مكافحة الأوبئة في الصين على الفيروس لتوّهم في هوبي، لم يتمكنوا من أخذ قسط من الراحة وحملوا حقائبهم وسافروا إلى إيران والعراق والسعودية والكويت وبلدان أخرى للمساعدة في توجيه التشخيص والعلاج المحلي ومكافحة الوباء.
كما قام خبراء الوقاية من الأوبئة في الصين بعقد مؤتمرات عبر الفيديو عن بعد مع نظرائهم من دول غرب آسيا وشمال إفريقيا من أجل المساهمة في التعريف بالبرامج الصينية وحكمتها وقوتها في مكافحة الوباء. مدت الحكومات المحلية الصينية والشركات والوكالات العامة والقطاعات الأخرى أيديها لتقديم المساعدة إلى دول المنطقة تعبيرا منهم عن الصداقة التي يكنها الشعب الصيني لشعوب هذه الدول. إن هذه الإجراءات الصادقة والقوية لا تساعد السكان المحليين على الشفاء من المرض فحسب، بل تزيد وتعزز أيضا ثقة دولهم في دحر المرض.
منذ فترة قصيرة وإلى الآن قام عدد قليل من الأشخاص المصابين بـ “الفيروسات السياسية” بتشويه الحقائق وتزييفها وخلق الشائعات وإرباك الناس لأغراض سياسية خفية وهاجموا بقوة جهود الصين في مكافحة الوباء حتى أنهم حاولوا استخدام الوباء لـ “الابتزاز”، ما يتناقض مع الحد الأدنى من الأخلاق البشرية. لكن ومع كل هذا فإن الأشخاص المُمَيِّزِين يدركون جيدا أن الصين كانت هي خط الدفاع الأول وجعلت العالم يفوز بوقت ثمين كي يتمكن من محاربة الوباء. ويمكن القول بأن الصين قدمت مساهمات هائلة في التعاون العالمي لمكافحة المرض وقضية الصحة العامة العالمية، وقد تم الاعتراف بكل هذا بشكل كامل وأثنى عليها المجتمع الدولي وبلدان المنطقة بشكل واسع. في مواجهة التيار المعاكس لمحاولة وصم جهود الصين في مكافحة الوباء، أصدرت دول غرب آسيا وشمال إفريقيا صوتا عاليا ودافعت عن الحقائق ودعمت الصين وصانت العدالة الدولية.
قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن مصر حكومة وشعبا تدعم الصين بقوة وتؤمن إيمانا راسخا بأن الصين، الحضارة القديمة يمكنها التغلب على المرض بسرعة، الشعب الصيني شعب متحد وعظيم. وقال العاهل السعودي الملك سلمان بأنه يقدر تقديرا عاليا الإجراءات القوية التي اتخذتها الحكومة الصينية تجاه الوباء ويعتقد أن الصين ستفوز بالتأكيد في حربها على الفيروس. تحت كل الظروف المملكة العربية السعودية تقف بكل حزم مع الصين.
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الصينية لمكافحة الوباء مثيرة للإعجاب، إن الحكومة والشعب الإيراني على استعداد للتعاون مع الصين في هذا الوقت العصيب للقضاء على الوباء بشكل كامل. قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن محاربة الوباء حرب مشتركة تواجهها البشرية معا. بعد الجهود البطولية هزم الشعب الصيني هذا المرض وضرب مثالا مشجعا للعالم. كما أن الصين تبذل قصارى جهدها لتوفير المواد الطبية للعالم الأمر الذي ألهم العالم بشكل كبير. في قمة دول عدم الانحياز التي عقدت في أوائل مايو أشاد الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني بالأفعال الصالحة التي قامت بها الصين لتوفير المواد المضادة للوباء بشكل فعال وتبادل الخبرات مع الموريتانيين، كما عارض أي سلوك يعمل على تشويه سمعة بلدان محددة ونتائج المنظمات الدولية مؤكدا أنه فقط من خلال توحيد وتعزيز التعاون يمكن للمجتمع الدولي التغلب على الوباء بشكل كامل. ويقدر رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك دور الصين النشط في التعاون الدولي في مكافحة الوباء ويعارض أي وصم لدول محددة.
وخلال محادثاته مع عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي، أشاد وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد بمآثر ومساهمات الصين في مكافحة الوباء، مشددا على أن نجاحها في التغلب على الفيروس قد وضع معيارا لجميع البلدان وجلب الأمل لشعوب العالم. من دون جهود الصين ومساهماتها لكان انتشار الفيروس في العالم أسوأ.
وقال السفير الجزائري لدى الصين أحسن بوخالفة إن دعم الصين للجزائر لمحاربتها الوباء هي ممارسة ملموسة لمفهوم مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية. وقال سفير السودان لدى الصين إن مكافحة الصين للوباء لم تحمها هي فحسب، بل حمت أيضا أولئك الذين لا يفهمون الوجه الحقيقي لهذه المعركة وكل شعوب العالم المُهَددة بالخوف.
الصداقة الحقيقية لا تهتز بغض النظر عن المحن والعواصف. على الرغم من تهديد فيروس كورنا المستجد وتهديد “الفيروسات السياسية” الأخرى، فإن الصين ودول غرب آسيا وشمال إفريقيا تبقيان دائما في نفس القارب، وتساعدان بعضهما البعض وصداقتهما أقوى من كل شيء. نحن واثقون أنه بعد زوال هذه الأزمة ستكتسب فكرة بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية بين الصين والدول العربية وبين الصين والدول الإفريقية دعما أعمق في الصين ودول غرب آسيا وشمال إفريقيا وستتجذر شجرة الصداقة بين الصين ودول المنطقة أكثر فأكثر.