صحيفة الشعب اليومية أونلاين/
تسبب فيروس كورونا الجديد في توقف جزء كبير من التبادلات الدولية، ودفع الناس أيضًا إلى مواصلة تعزيز بعض الأنشطة المهمة من خلال وسائل جديدة. وقد عقدت منظمة الصحة العالمية مؤخرا أول مؤتمر عبر الفيديو في التاريخ، وتكهن بعض بأن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تعقد اجتماعها في سبتمبر عبر الإنترنت. وفي 30 يونيو، أعلنت نيوزيلندا أن اجتماع أبيك لعام 2021 سيتم نقله عبر الإنترنت. ما جعل البعض يعتقدون أن الوباء سوف يسرع من رقمنة العمل الدبلوماسي، وأن التقنيات التي تدعم المؤتمرات البعيدة لن تستمر في الابتكار فحسب ، بل يمكن في المستقبل إجراء عمليات محاكاة مختلفة لتمارين بناء الموقف المحتملة عبر الإنترنت أيضًا. كما يعتقد البعض الآخر أنه بالنظر إلى خصوصية الدبلوماسية وتحديات الأمن السيبراني، سيعود العمل الدبلوماسي إلى حالته السابقة بعد السيطرة على الوباء.
يعتقد لو تشوانينغ، الأمين العام لمركز أبحاث الحوكمة الدولية للفضاء الإلكتروني بمعهد شنغهاي للدراسات الدولية، أن فيروس كورونا الجديد فتح السنة الأولى من الدبلوماسية الرقمية العالمية.
أولاً، بعد الوباء، ستستمر الدبلوماسية عبر الإنترنت في لعب دور كمكمل للدبلوماسية التقليدية. كما أن شكل الدبلوماسية على الإنترنت يزداد ثراءًا وقبولاً أكثر فأكثر. ومن خلال دبلوماسية الشبكة، يمكن للدول توفير الكثير من الميزانيات الدبلوماسية، وتقليل السفر الدولي، وتقليل الوقت والطاقة التي يستهلكها القادة في العمل الدبلوماسي، وتسهيل الاتصال بين القادة، والعمل كشكل مناسب من الدبلوماسية لتعزيز المزيد من تفاعل في العلاقات الثنائية ومتعدد الأطراف.
ثانيًا ، تتوافق الدبلوماسية عبر الإنترنت مع اتجاه الدبلوماسية والعلاقات الدولية المفتوحة بشكل متزايد. فمنذ العصر الحديث، تحول العمل الدبلوماسي من “دبلوماسية سرية” إلى نوع جديد من الدبلوماسية المفتوحة والشفافة لتلبية طلب عامة الناس للحصول على المعلومات الدبلوماسية. ليس ذلك فحسب، فإن وسائل التواصل الاجتماعي تزود الحكومات في جميع البلدان بمنصة دبلوماسية أكثر تكافؤًا وفعالية، وقد فتحت جميع المنظمات الدبلوماسية والدول المضيفة في دول العالم تقريبًا حسابات رسمية على وسائل التواصل الاجتماعي لتنفيذ الدبلوماسية عبر الإنترنت.
ثالثاً، يمكن للتكنولوجيات الناشئة عبر الإنترنت أن توفر حلولاً وأساليب جديدة للقضايا الدبلوماسية المتزايدة التعقيد. ولم تلعب البيانات الضخمة دوراً هاماً في التعاون الدولي في مجال الوقاية من الأوبئة ومكافحتها فحسب، بل استخدمت منذ فترة طويلة لمساعدة منظمات مثل الأمم المتحدة على محاربة الجرائم المنظمة مثل تهريب الأسلحة والاتجار بالمخدرات والاتجار بالنساء. وفي المستقبل، يمكن استخدام التقنيات الناشئة التي تمثلها البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي لتوفير المعلومات لصناعة القرار الدبلوماسي واختبار السياسة الخارجية والقرارات الاستراتيجية. وستصبح مساحة تطبيق التقنيات الناشئة أوسع وأوسع، وسيكون الانتقال من الدفاع الفني العسكري والدفاع الوطني إلى الدبلوماسية مناسبة للغاية.
المشاكل التي يواجهها تطوير الدبلوماسية عبر الانترنت
أولاً، يحتاج المجتمع الدولي إلى إرساء قواعد الدبلوماسية السيبرانية. وتحمي اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الأنشطة الدبلوماسية التقليدية، ولا تزال المعايير في مجال الدبلوماسية السيبرانية فارغة، وعرضة للنزاعات الدبلوماسية، مثل كيفية تحديد حسابات السفارات والدبلوماسيين على منصات وسائل التواصل الاجتماعي. وبسبب عدم وجود معايير واضحة للدبلوماسية على الإنترنت، من الصعب أيضًا التمييز بين نشر المعلومات الدبلوماسية العادية وما يسمى “حرب المعلومات”.
ثانيًا، تحتاج منصات الوسائط الاجتماعية إلى تنفيذ حماية خاصة للبيانات التي تم إنشاؤها بواسطة الدبلوماسية عبر الإنترنت، ويجب ألا تكشف عن معلومات حول هذه الحسابات لأطراف ثالثة. ومع تزايد الأنشطة الدبلوماسية عبر الإنترنت، سيكون للبيانات التي تنتجها تأثير كبير على القرارات الدبلوماسية والأمن القومي لمختلف البلدان. ويجب أن يكون لدى المجتمع الدولي لوائح مقابلة حول “من يملك المنصة ذات الصلة”، و”تمثل المنصة مصالح أي طرف”، و”أية مؤسسة مؤهلة للمشاركة في صياغة ونشاط قواعد الدبلوماسية عبر الإنترنت”، لضمان أن المنصة تضمن أمن البيانات الدبلوماسية وتحظر المشاركة مع أطراف ثالثة.
لن تعود دبلوماسية الإنترنت إلى نقطتها الأصلية بعد الوباء، ولكنها تتطلب من المجتمع الدولي صياغة المزيد من اللوائح لتعزيز تنميتها. وفي عملية انتقال المجتمع البشري من مجتمع صناعي إلى مجتمع معلومات ومجتمع ذكي، ستتواكب الدبلوماسية العصر .