شبكة طريق الحرير الإخبارية/
أجرى رضا شنوف صحفي بجريدة الخبر اليومية الجزائرية حوارا مع السيد تشيان جين القائم بأعمال سفارة الصين بالجزائر ، تعيد شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية نص الحوار:
1- شكل موقف الصين من الحرب في أوكرانيا محل جدل حول وجوب حيادتيها، كما طالبت به الدول الغربية على رأسها الولايات المتحدة، ما حقيقة الموقف الصيني من هذه الحرب؟ما حقيقة الموقف الصيني من هذا الحرب؟ ما موقفكم من التهديدات التي وجهت لكم في حال دعمكم روسيا؟
تطور الأوضاع في أوكرانيا حتى يومنا هذا، إن أسبابه تاريخية ومعقدة،لم تصبح فقط نتيجة التراكم طويل الأمد للتناقضات الأمنية الأوروبية، وبل نتيجة عقلية الحرب الباردة ومواجهة بين كتل عسكرية. إن موقف الصين في القضية الأوكرانية واضح، نقف على جانب السلام بدلا من الحرب، وعلى جانب الحوار بدلا من العقوبات الأحادية، على جانب إخماد النيران بدلا من إشعال النار وصب الزيت. ونظن بأنه من ضرورة احترام وحماية السيادة وسلامة الأراضي لجميع البلدان، والالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والاهتمام بالشواغل الأمنية المعقولة لكل الدول، ودعم جميع الجهود تساهم في حل الأزمة سلميا.
إن الصين ليست طرفا في القضية الأكرانية، وتلتزم بموقف موضوعي وعادل وتتوصل إلى استنتاجها بشكل مستقل بناء على حقائق وخصائص للقضية وتتعامل مع القضية باحترام المبادئ والقواعد لميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية، ونرفض الاتهامات غير المبررة والتحذيرات ضدنا.
2-كيف تنظرون إلى للعقوبات المفروضة على روسيا؟ وهل الصين مستعدة للتعاون مع روسيا في ظل العقوبات المفروضة عليها؟
نرفض حل الأزمة على طريق فرض العقوبات، ونرفض جميع عقوبات أحادية غير لها أساس في القانون الدولي. لم تكن العقوبات وسيلة فعالة لحل المشاكل بشكل جوهري، فهي لن تؤدي إلا إلى اشتداد التناقضات والتعقد للاوضاع، ويصبح الأكثر تضررا هم الشعوب العاديون. جعل دولًا وشعوبًا ليست أطرافاً بدفع ثمن النزاع أنه الأمر غير عادل وشرعي. أكثر من 140 دولة من بين أكثر من 190 دولة عضو في الأمم المتحدة امتنعت عن المشاركة في العقوبات المفروضة على روسيا، في إشارة إلى أن معظم الدول تعاملت مع قضية العقوبات بطريقة حكيمة ومسؤولة.
لكل الدول الحق في تقرير سياساتها الخارجية بشكل مستقل. أن العلاقة بين الصين وروسيا صمدت أمام الاختبار المتمثل في المشهد الدولي المتغير، ولدى الجانبين رغبة أقوى في تعزيز العلاقات الثنائية، وثقة أشد في دفع التعاون في مختلف المجالات، الصين ستواصل تعاونها الاقتصادي والتجاري الطبيعي مع روسيا على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة والاحترام المتبادل.
3- أوكرانيا تطالب بدور أكبر من الذي تقوم الصين به حاليا، ما الذي يمكن ان تفعله الصين في الحرب في أوكرانيا؟ هل قامت الصين بأي مبادرات وساطة من أجل دفع الحل السياسي على حساب العسكري في أوكرانيا في ظل دعواتها المتكررة إلى التوصل إلى حل سياسي للنزاع؟
إن موقف أساسي للصين في حل الأزمة الأوكرانية هو تهدئة الوضع ودفع السلام وتعزيز الحوار. وبعد اندلاع الأزمة الأوكرانية، تعمل الصين بطريقتها الخاصة على تهدئة الوضع وتحقيق السلام في وقت مبكر، حيث أجرى القادة الصينيون مؤخرًا محادثات هاتفية ومقابلات مكثفة مع نظرائهم لروسيا والولايات المتحدة وأوكرانيا وبريطانيا وفرنسيا وألمانيا والاتحاد الأروبي وغيرها من كثير من الدول الأخرى. إن دور الصين لحل الأزمة يتمثل في محاور تالية:
اولا، نلتزم بالاتجاه الصحيح المتمثل في بذل المساعي الحميدة ودفع المفاوضات، والدعوة إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع، ودعم إجراء الحوار المباشر بين الجانبين الروسي والأوكراني. ثانيا، نلتزم بالدفاع عن القواعد الأساسية للعلاقات الدولية، والدعوة إلى احترام مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والسيادة وسلامة الأراضي لجميع الدول، ونرفض إقحام الدول الصغيرة والمتوسطة في الألعاب الجيوسياسية. ثالثا، نلتزم بمنع عودة عقلية الحرب الباردة، وعدم الانسجام مع المواجهة بين معسكر الأعداء ومعسكر الأصدقاء، والدعوة إلى مفهوم الأمن المشترك والتعاوني والمتكامل والمستدام، واحترام ومراعاة الشواغل الأمنية المعقولة لجميع الأطراف. رابعا، نلتزم بدعم جهود الدفاع عن الحقوق والمصالح المشروعة لجميع الدول، ونرفض العقوبات الأحادية التي لا أساس لها في القانون الدولي، والدعوة إلى حماية سلاسل التصنيع والإمداد الدولية لتجنب الإضرار بالتبادلات الاقتصادية والتجارية العادية وبحياة الناس. أما بالنسبة الى الأزمة الانسانية في أوكرانيا، قد طرحت الصين مبادرة من ست نقاط، وقدمت عدة دفعات من المساعدات الإنسانية الطارئة لأوكرانيا ووفرت مساعدة لدول الجوار لأوكرانيا على توطين النازحين الأوكرانيين.
تشيد الصين بالجهود الجزائرية الرامية إلى حل الأزمة الاوكرانية ومستعدة للعمل مع الجزائر وغيرها من أعضاء المجتمع الدولي لمواصلة الدعوة إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، وتعزيز محادثات السلام، ومنع الأزمات الإنسانية واسعة النطاق، وفتح الباب أمام السلام.
4-منذ تفجر الحرب في أوكرانيا، تم ربط الوضع بالصين وإمكانية تحركات عسكرية في تايوان، ما تعليقكم؟
تختلف قضية تايوان اختلافًا جوهريًا عن القضية الأوكرانية، حيث خلفتها الحرب الأهلية الصينية، وتعد تايوان جزء لا يتجزأ من أراضي الصين، فقضية تايوان من الشوؤن الداخلية الصينية بحتا. بل القضية الأوكرانية هي نزاع بين دولتين روسيا وأوكرانية. يقارن بعض الاشخاص في الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية بين قضية تايوان والقضية الأوكرانية عن عمد، وينتهزون الفرصة لتشويه الصين ومهاجمتها، وذلك لدوافع خفية لديهم، وهدفهم هو محاولة خلق أزمة جديدة في مضيق تايوان لخدمة المصالح الجيوستراتيجية والاقتصادية لهم على حساب الشعب على جانبي مضيق تايوان والسلام والاستقرار الإقليميين. جدير بالذكر، أن بعض الاشخاص يؤكدون على مبدأ السيادة في القضية الأوكرانية، إلا أنهم يمسون بسيادة الصين وسلامة أراضيها فيما يتعلق بقضية تايوان، ويعد ذلك معيارا مزدوجا مفضوحا.
إن سياسة الصين في قضية تايوان واضحة، نتمسك بمبدأ الصين الواحدة و”توافق عام 1992″ ، ونعارض بحزم النشاطات الانفصالية الساعية الى “لاستقلال تايوان”، ونعزم تعزيز التنمية السلمية للعلاقات عبر المضيق وإعادة التوحيد للوطن الأم. إننا صبورون ومستعدون للسعي من أجل إعادة التوحيد السلمي بأقصى قدر من الإخلاص والجهود، ولكن سيتعين علينا إتخاذ إجراءات صارمة إذا واصلت القوات الانفصالية “استقلال تايوان” الاستفزاز، أو حتى تجاوزت الخط الأحمر.
5-كيف ترون مواقف الدول الغربية تجاه الصراع الروسي- الأوكراني وموقفها من القضية الفلسطينية وباقي النزاعات خاصة في الشرق الأوسط وإفريقيا؟
تدعو الصين دائما ألا ينبغي للمجتمع الدولي أن يتبنى معيارا مزدوجا سواء في القضية الفلسطينية أو في غيرها من القضايا الدولية والإقليمية الأخرى. ومن غير المقبول الكيل بمكيالين للتعاطف مع اللاجئين في أوكرانيا بالتزامن مع تجاهل اللاجئين من دول في الشرق الأوسط وأفريقية. ومن غير المقبول الكيل بمكيالين وتسمية إيذاء المدنيين في أوكرانيا جرائم حرب مع السماح بإيذاء المدنيين في فلسطين والعراق وأفغانستان وجمهورية يوغوسلافيا الاتحادية. ومن غير المقبول الكيل بمكيالين للهجمات على أوكرانيا تقوض مبدأ احترام السيادة مع الهجمات على سوريا وأفغانستان مشروعة. ومن غير المقبول الكيل بمكيالين للتأكيد على أن السيادة غير قابلة للانتهاك في القضية الأوكرانية مع الادعاء بأن حقوق الإنسان تسبق السيادة عندما يتعلق الأمر بقضية العراق وغيرها. ولا يمكن معالجة القضايا الإقليمية الساخنة بطريقة عادلة وتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط وأوروبا وأماكن أخرى من العالم إلا أن يتم الكف عن معيار مزدوج.
أود التأكيد بأن القضية الفلسطينية لا يجب أن تُهمش أو تُنسى، حالة اللامبالاة من جانب دول الغرب تجاه القضية الفلسطينية مرفوضة من المجتمع الدولي، إن الصين ستواصل الوقوف بقوة مع الفلسطينيين، لن توقف دعمها لقضية الشعب الفلسطيني العادلة حتى يتم حل القضية الفلسطينية.
6- صرح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأن بلاده رفقة الصين وشركائكم ستتحركون “معاً نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب وعادل، بناءً على نتائج المرحلة الخطيرة التي يمر بها تاريخ العلاقات الدولية”، كيف ترى الصين هذا التوجه نحو عالم متعدد الأقطاب؟
من الحتمي في تقدم التاريخ أن تحل تعددية الأطراف ودمقرطة العلاقات الدولية محل نزعة الأحادية والهيمنة، وأصبحت عقلية الحرب الباردة وتشكيل التحالف والمواجهة الجيوسياسية شيئا منبوذا منذ الزمان. لا يزال عالم اليوم بعيدا عن الأمن والأمان، اندلعت الأزمة الأوكرانية في الوقت الذي لم ننتصر فيه على جائحة فيروس كورونا المستجد بشكل نهائي. في العالم الذي يشهد الاضطرابات والتحولات، ستواصل الصين الالتزام بتعددية الأطراف الحقيقية والدفاع بحزم عن المنظومة الدولية التي تكون الأمم المتحدة مركزا لها وصيانة القواعد الأساسية للعلاقات الدولية التي تقوم على أساس ميثاق الأمم المتحدة ورفض الهيمنة وسياسة القوة، والعمل على الدفع بتعددية الأطراف ودمقرطة العلاقات الدولية والدفع بتطور منظومة الحوكمة العالمية نحو اتجاه أكثر إنصافا وعدالة والدفع بإقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
7- هناك تشابه في مواقف الصين والجزائر حيال الوضع في أوكرانيا، وآخرها التصويت ضد قرار تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان، ما تعليقكم؟
الصين والجزائر لديهما مواقف متشابهة للغاية من القضية الأوكرانية، حيث قام وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة بزيارة عمل وصداقة إلى الصين قبل أسابيع قليلة، ونشر الجانبان الصيني والجزائري بيانا مشتركا بما فيه الموقف المشترك من القضية الأوكرانية. شدد الجانبان على ضرورة التمسك بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة واحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها، مع التمسك بمبدأ الأمن غير القابل للتجزئة ومراعاة الانشغالات الأمنية المعقولة للأطراف المعنية، وضرورة الالتزام بحل النزاعات سلميا عبر الحوار والتفاوض، وعدم إساءة استعمال العقوبات الأحادية الجانب التي لا تستند إلى القانون الدولي، وتفاديا لانتهاك القواعد الدولية والمساس بالظروف المعيشية لشعوب الدول، وضرورة التخفيف من حدّة الانعكاسات الإنسانية التي قد تنجم عنها، ويحرص الجانبان على بذل جهود مشتركة في هذا الصدد. الأمر المهم الأخر الذي أود الإشارة إليه هو كلا من الجانبين الصيني والجزائري يرفضان اتباع ازدواجية المعايير في القضايا الدولية، لأن الأمر سيؤدي إلى الإضرار بسمعة ذاتية وتقويض إنصاف وعدالة النظام الدولي وإضرار المصالح العامة للمجتمع الدولي.