بقلم تشاو تشي جيون، صحفي صيني
خلال الدورة السنوية التي استمرت أسبوعا كاملا للجنة الوطنية للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، أعلى هيئة استشارية سياسية للبلاد، جاء أكثر من 2000 عضو باللجنة من مختلف الدوائر ومن جميع أنحاء البلاد إلى بكين، لتقديم مقترحاتهم بهدف بناء الصين لتصبح دولة أقوى وأكثر انفتاحا.
شاركت في تغطية هذا الحدث وأجريت مقابلات مع العديد من الأعضاء وبعض السفراء العرب المشاركين فيه، وأغتنم هذه الفرصة لأطلعكم على معلومات حول التعاون الصيني العربي ومبادرة “الحزام والطريق” التي تعلمتها خلال عملية إعداد تقاريري.
ويصادف العام الجاري الذكرى السنوية العاشرة لمبادرة “الحزام والطريق”. وطرح العديد من المستشارين السياسيين مقترحات حول كيفية تعزيز بناء هذه المبادرة.
وقال عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني تشين قانغ في مؤتمر صحفي عقد مؤخرا إنه في السنوات العشر الماضية، حفزت مبادرة “الحزام والطريق” استثمار ما يقرب من تريليون دولار أمريكي، وأنشأت أكثر من 3000 مشروع تعاون، ووفرت 420 ألف فرصة عمل للدول المشاركة، وانتشلت نحو 40 مليون شخص من الفقر.
وفي العام الجاري، ستنتهز الصين الفرصة لاستضافة الدورة الثالثة لمنتدى “الحزام والطريق” للتعاون الدولي، للعمل بشكل مشترك مع الأطراف المعنية للدفع لتحقيق نتائج أكثر إثمارا في إطار المبادرة.
وأضاف تشين أن الصين لن تقبل أبدا تهمة ما يسمى بـ”فخ الديون” بأي حال من الأحوال، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة رفعت أسعار الفائدة بسرعة كبيرة وغير مسبوقة منذ العام الماضي، مما أدى إلى تدفق مبالغ ضخمة من أموال الدول الأخرى إلى الخارج، وفاقم مشكلة الديون في الدول المعنية. وتسعى الصين لتجاوز الصعوبات التي تواجه هذه الدول.
وحول كيفية تشجيع الشركات الصينية على المشاركة في البناء عالي الجودة لـ”الحزام والطريق”، قال المستشار السياسي شيوي شي لونغ، رئيس مجلس إدارة شركة “جيوهربور” ومقرها شانغهاي، في اقتراحه إن الشركات الصينية تواجه تحديات عديدة في الأسواق الخارجية.
وعلى سبيل المثال، لم تتعاون بعض الشركات الصينية عن كثب مع محليات الدول المشاركة في مبادرة “الحزام والطريق”، ولم تنشئ آليات تعاون فعالة على المدى الطويل، مما قد يترك انطباعا بانعدام المسؤولية الاجتماعية على السكان المحليين. وتفتقر بعض الشركات الصينية إلى فهم القوانين والعادات المحلية عندما تشارك في مشاريع الدول الأخرى.
ولذلك، اقترح شيوي إنشاء منصة خدمات للتنمية عالية الجودة لمبادرة “الحزام والطريق”. وستخصص هذه المنصة لتزويد الشركات بالسياسات والاستشارات حول الدول المشاركة في المبادرة، وتعزيز التواصل بين الحكومة والشركات.
ومن الضروري تعزيز تدريب المواهب المتعلقة بالمبادرة وجذب المواهب من الدول المشاركة للقدوم إلى الصين للدراسة والتواصل، والسماح لهم بالعمل في الشركات الصينية لتعزيز التنمية عالية الجودة للمبادرة بشكل مشترك.
وقال تشانغ بوه لي، الرئيس الفخري لجامعة تيانجين للطب الصيني التقليدي ونائب بالمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، أعلى هيئة تشريعية للبلاد، إن بعض الدول النامية لديها طلب كبير على الطب الصيني التقليدي. ولذلك اقترح أن العاملين الطبيين الصينيين الذين يرغبون في العمل في الخارج يجب أن يعززوا تعلمهم للغات الأجنبية مثل العربية والإسبانية وغيرها.
ومن خلال هذه المقترحات، يمكننا أن نرى أن الصين تدرك تماما أن تعزيز بناء مبادرة “الحزام والطريق” ليس بالمهمة السهلة. ويفكر الخبراء والعلماء من جميع مناحي الحياة في القدرات التي تحتاجها الصين لتحسينها لتعزيز تنمية المبادرة وإفادة شعوب المزيد من الدول النامية، بما فيها بالطبع الدول العربية.
وخلال السنوات الخمس الماضية، تلقت اللجنة الوطنية الـ13 للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني ما مجموعه 29.3 ألف اقتراح. وحتى نهاية فبراير الماضي، تم الرد على 99.8% منها. ويعد العام الجاري هو العام الأول الذي تتولى فيه اللجنة الوطنية الجديدة مهماتها، وأتطلع إلى مواصلة الاقتراحات لتعزيز الإصلاح والانفتاح للصين وتعزيز التعاون الدولي.
وأعتقد أننا سنرى تحولات ستحدث في المستقبل القريب.