Friday 27th December 2024
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

تجربتي في التعرف على الصين والحزب الشيوعي الصيني

منذ 3 سنوات في 26/سبتمبر/2021

شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/

 

بقلم: يحيى علي جابر، يمني الجنسية، طالب دراسات عليا بجامعة قوانغشي الطبية

 

كيف بدأ اهتمامي بالصين؟

عندما تم احتلال العراق بقيادة أمريكا في العام 2003م شكل ذلك الحدث منعطفا هاما في العقل الجمعي العربي تجاه أمريكا وخاصة اليمنيين، كان والدي يحب العراق كثيرا، وكانت ثقافته محدودة وخلفيته عن الدول وقدراتها وحتى أسمائها محدودة أيضا، لكنه في أحد الأيام فاجأني بقوله: “كان عندي أمنية أن تكمل دراستك في أمريكا لكني كرهتها الآن، وأتمنى أن تكمل دراستك في الصين” أجبته: ولماذا الصين؟ أجاب وهو يتنهد ويتألم على المشاهد التي رءاها أثناء سقوط بغداد قائلا: “الصين دولة سلمية فلم نسمع يوما أنها غزت بلاد أخرى مثل أمريكا”. لم تؤثر في تلك الكلمات حينها كثيرا، لكني كنت أتذكرها باستمرار وخاصة بعدما تنامت معرفتي وزادت ثقافتي وعرفت مواقف الصين تجاه القضايا في المنطقة وبالذات القضية المؤرقة للشعوب العربية (قضية فلسطين) وعرفت أن الصين تعرضت للغزو من عدة جهات ولم تغزو أي بلد آخر؛ فكنت أفكر في نفسي كيف استطاع رجل قروي لا يفقه في السياسة شيء أن تقوده حكمته لاستشفاف هكذا معلومة، فكان ذلك الحوار المقتضب بمثابة نقطة تحول في تفكيري وفي تصوري عن الصين، فكنت كلما اسمع أي خبر متعلق بالصين تعود بي الذاكرة إلى تلك الجلسة وذلك الحوار.

بدايات التعرف على الصين

كنت مهتم بمتابعة الصحف والأخبار المحلية أثناء دراستي للبكالوريوس وخاصة عندما بدأت الاضطرابات في اليمن شماله وجنوبه، ولكن كانت التغطية الإعلامية بشكل عام لكل ما يتعلق بالصين محدودة للغاية، فظل التصور غير مكتمل لدي.

 خلال العقد الماضي زادت متابعتي للكثير من الوسائل الإعلامية الأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي، كانت الكثير من الوسائل الإعلامية تنقل صورة مغلوطة عن الصين والشيوعية، وكانت تلعب على وتر العاطفة الدينية التي تؤثر في الشارع العربي، وكان النشاط الصيني يتركز بقوة في مصر، فكان نصيبنا في بقية البلدان العربية قليلا، ولكن الصين فرضت نفسها بقوة في الشارع العربي أثناء أحداث الربيع العربي، رغم الاضطرابات التي خلفتها تلك الأحداث، فتبنت الصين مواقف داعمة للاستقرار والسلام في كل البلدان وبوضوح، على عكس القوى الغربية التي كانت تظهر للشارع العربي خلاف ما تضمر، وأحالت دول الربيع العربي إلى جحيم من خلال تقويض عمليات السلام وإطالة أمد الأزمات وكأنها تعاقب الشعوب العربية.

كانت هناك وسيلة أخرى مهمة عرفتنا على الصين وهي تزايد رواد اللغة الصينية من اليمنيين الذي ارتفع باطراد مع زيادة المبتعثين للدراسة؛ فكانوا ينقلون الحقائق التي عايشوها بين المجتمع الصيني، كما أن رواد اللغة العربية من الصينيين أرتفع بسبب زيادة فتح اقسام اللغة العربية في الجامعات الصينية وتزايد أعداد الخريجين من تلك الأقسام ومن المبتعثين للدول العربية، فكانوا أيضا وسائل هامة لتعريف العرب بالصين والتصدي للحملات الإعلامية الموجهة.

كيفية معرفة الحزب الشيوعي الصيني

أتيحت لي الفرصة في العام 2017 للدخول للصين من خلال المنح التي تقدمها الصين عبر مجلس المنح الصينية (CSC) لإكمال الدراسات العليا، فكانت خلفيتي الآنفة الذكر، وحب الاستطلاع الذاتي، والصورة الذهنية أيام الطفولة مثيرات هامة ولدت عندي الرغبة في الانغماس بقوة بين المجتمع الصيني، والتركيز بشدة على سلوكيات المجتمع؛ فأثناء الدراسة كانت المواد التي تستهلك مني الكثير من الوقت والجهد هي تلك المواد المتعلقة بالثقافة والآداب والتاريخ. كان كلما يمر عيد من الأعياد الصينية- وهي كثيرة- أبحث حولها لأعرف اسماءها ومعناها ودلالاتها، وعندما تطورت لغتي الصينية كنت أسأل كثيرا عن العادات والتقاليد والأعراف، كما أني كنت استغرب من حفاظ الصينيين على المورثات الثقافية القديمة وحرصهم على إحيائها بشكل لافت.

كان ولا يزال كل من يعرفوني من رجالات الدولة في اليمن يتواصلون معي ويلحون علي باستمرار للاستفادة من بقائي في الصين والتعرف عن قرب على أسرار تقدم الصين وعلى عوامل القوة التي امتلكها الحزب الشيوعي الصيني والتي أنتجت التطور المستمر في البنية التحتية والتقدم المدهش في الاقتصاد والصناعة والتكنولوجيا، فكان ذلك -بالإضافة إلى حبي الذاتي- عوامل فرضت علي التساؤل عن وسائل وأليات الحكم التي تدير دفة هذه الكثافة السكانية باقتدار وتحقق هذه الإنجازات بين شعب متنوع الأعراق الأعراف وحتى المعتقدات الدينية ورغم التباعد الجغرافي والتنوع المناخي، كل هذا أثار اهتمامي للتعرف على الحزب الشيوعي الصيني، فتابعت إعلامه بشغف، وتتبعت ردود أفعاله في معظم القضايا وخطابه الموجه للداخل والخارج.

 عندما أرى أستاذ أو دكتور جامعي نشيط وخبير وناجح أدخل موقع الجامعة التي يعمل فيها للبحث عن سيرته الذاتية، فألاحظ أن معظمهم أعضاء في الحزب الشيوعي الصيني، ويمكن للمتابع الاطلاع في كل المؤسسات الصينية وسيعرف هذه الحقيقة، قادني ذلك لقراءة النظام الأساسي للحزب وشروط العضوية فيه ووجدت أنه يحق لأي صيني- بغض النظر عن عرقه (قوميته) أو دينه أو أي اعتبارات أخرى- أن ينضم للحزب بناء على رغبته الذاتية والتزامه بشروط العضوية التي تجعل من التضحية أولوية لها وتفرض على العضو أن يكون شخصا فاعلا في المجتمع، متحررا من الاهتمام بمصالحه الخاصة مقابل الحقوق العامة، ومتفانيا في خدمة المجتمع وغير ذلك من الشروط.

الحزب الشيوعي الصيني وجائحة كوفيد-19

شكلت جائحة كورونا اختبارا صعبا للصين وفي الصدارة الحزب الشيوعي الصيني، كان العالم يقف بين متضامن ومتجاهل ومتشفي عندما بدأت الجائحة، بل إن بعض الجهات الغربية لم تكتف فقط بالتشفي في الصين بل جعلت من الجائحة فرصة لتصفية الحسابات الاقتصادية والسياسية مع الصين بعيدا عن أي مراعاة للجوانب الإنسانية التي تتغنى بها دوما، ولكن الحزب الشيوعي الصيني كان عند مستوى التحدي، حيث انتفض أعضاؤه كخلية نحل واستطاعوا تجييش الشعب عامة- وحتى الأجانب- وعملوا كل من موقعه، كانوا يواجهوا الجائحة بروح الواثق والمنتصر، وكأنهم على موعد قريب مع النصر، فكانوا يشحذون فينا الهمم، ويرفعون لدينا المعنويات، كان بعض الأقارب والأصدقاء يتواصلون معنا وينصحونا بمغادرة الصين، فكنا نستمد الثقة من الشعب الصيني ونرد عليهم بأن خيار المغادرة لدينا غير وارد ولو كلفنا البقاء حياتنا، وما هي إلا فترة حتى تحولت حياة الناس في الصين عامة من الذعر والفوضى إلى النظام الدقيق، فقد تم تجنيد الكثير من المتطوعين والمراقبين ومعظمهم من أعضاء الحزب.

استطاعت الصين توظيف التكنولوجيا بشكل مذهل فلم يكن يحتاج المريض الذي يشعر بالحمى أن يذهب بنفسه للمشفى، بل كان عبر برامج محددة مثبته في الموبايلات يتم من خلالها رصد حالته وتحديد مكانه عن طريق نظام التموقع عبر الأقمار الصناعية، وما هي إلا لحظات حتى يأتي المتطوعون الذين يكونون على استعداد وجاهزية خلال 24 ساعة ليتولوا الأمر ويتم اسعافه وتعقيم منزله، ثم إرسال إشارات لكل المنظومة الاجتماعية المحيطة بالحالة بالابتعاد عن المكان، ثم يتم الربط للحالات التي يتم اكتشافها بالنظام لمتابعة التشخيص الفوري وتحديد التقدم في الوضع الصحي لكل حالة.

 تم إيقاف جميع وسائل النقل العامة- بشكل متفاوت حسب انتشار الجائحة- وفرض التباعد الاجتماعي والحجر المنزلي في أماكن انتشار الوباء، وبهذا استطاعت الصين أن تسجل جدارا مناعيا صعب على الفيروس اختراقه، وقدمت تجربة رائدة في كبح جماح الوباء، والآن يعيش السكان بشكل طبيعي وآمن.

 لم تكتف الصين بهذا بل قدمت المعونات للدول الأخرى ومنها الدول العربية ودعمت مراكز الأبحاث وشركات الأدوية لإنتاج اللقاحات الفاعلة، وبالفعل تنافس بعض اللقاحات الصينية على المركز الأول عالميا بينما يجري في الأثناء تطوير لقاحات أخرى.

كان الحزب الشيوعي الصيني على موعد مع الشعب في القضاء على الفقر قبل الذكرى المئوية لتأسيسه، وكان العذر أمامه جاهزا لترحيل هذا الهدف للمرحلة القادمة بسبب ما خلفته الجائحة من تعثر كبير في الإنتاج وما سببه من ركود اقتصادي عالمي كبير، وكان الشعب سيتفهم هذا العذر، إلا أن الحزب فاجأ الجميع بإعلان نجاحه في تحقيق هذا الهدف الأبرز والمعجزة التي لو لم يحقق إلا هي للشعب الصيني لكفته، حيث أعلن الرئيس الصيني والأمين العام للجنة المركزية للحزب (شي جين بينغ) في فبراير المنصرم من هذا العام 2021 انجاز الحزب لهذا الهدف، بل وحرص الحزب- كعادته في نقل تجاربه للأخرين- على تقديم خلاصة حول آلياته ووسائله في تحقيق هذا الهدف لكل الجهات التي ترغب في الاستفادة من هذا النموذج.

الحزب الشيوعي الصيني والأزمة اليمنية

تعتبر الأزمة اليمنية الأكثر تعقيدا في المنطقة، نظرا لأهمية الموقع الجغرافي لليمن ولكثرة اللاعبين المباشرين وغير المباشرين في المشهد اليمني، والصين كدولة محورية تربطها علاقاتها ومصالحها مع كافة الدول الفاعلة في صناعة ذلك المشهد، ولهذا فهي فيما يتعلق بالأزمة في وضع لا تحسد عليه، لكن الحكمة الصينية عندما تحضر تقود للأنسب، فقد حاولت الصين التوفيق بين علاقاتها مع تلك الدول وبين دورها تجاه الشعب اليمني وحفاظها على المبادئ والثوابت الإنسانية فعلا وقولا ومنها: دعمها ومساندتها للشرعية الدستورية المعترف بها دوليا، وكذلك تمسكها بالدعوة للسلام وحقن الدماء باستمرار في مجلس الأمن وكافة المحافل الدولية، والعمل على تقريب وجهات النظر بين كافة الأطراف الداخلية، حيث يجري السفير الصيني في الجمهورية اليمنية كانغ يونغ لقاءات مستمرة لمعرفة وتقريب وجهات النظر مع كل الأطراف والشخصيات الفاعلة في اليمن، كما تدعوا السفارة عبر نوافذها الإعلامية للسلام بشكل مستمر، وتعبر عن ألمها حول الواقع المرير الذي يعانيه الشعب اليمني عامه، وتعتبر نوافذها الإعلامية أبرز نوافذ إعلامية للسفارات وأنشطها وأكثرها شعبية في المنطقة. كما تربط الحزب الشيوعي الصيني علاقات متميزة مع الأحزاب الفاعلة في اليمن، حيث تتلقى تلك الأحزاب اليمنية دعوات للمشاركة في المؤتمرات بين الحزب الشيوعي الصيني والأحزاب العربية ويشارك ممثلوها في كافة تلك المؤتمرات، ونحن كشعب يمني نستبشر بتلك العلاقات على أمل أن تستفيد الأحزاب اليمنية من منظومة الحزب في الحكم الرشيد.

وختاما، تجربة الحزب الشيوعي الصيني تجربة مثيرة للاهتمام، ملهمة للشعوب، جديرة بالتطبيق، تستدعي من الطبقة العمالية في كافة البلدان وخاصة البلدان النامية أن تستفيد منها، وتتحرر من هيمنة الرأسمالية التي تحتكر المال وتستهلك طاقات العمال، كما تستدعي من قيادات الأحزاب الاستفادة من تجربة الحزب الشيوعي الصيني في تطوير وتحديث وسائله وآلياته بما يتناسب وتغيرات العصر، فقد كانت هذه الخصيصة هي السر في صموده وبقائه، والعامل الأهم في قوته ونمائه.

ملاحظة المحرر: يعكس هذا المقال وجهة نظر الكاتب، ولا يعكس رأي القناة CGTN.

*سي جي تي إن العربية.

بواسطة: khelil

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *