CGTN العربية/
في الآونة الأخيرة، تعاقبت الأزمات والأخبار السيئة على الاقتصاد الأمريكي الذي يشهد في الأصل تراجعا كبيرا متأثرا بوباء كورونا فوفقا لحزمة إغاثة بقيمة 2 تريليون دولار أمريكي للتخفيف من تداعيات فيروس كورونا الجديد أقرها الكونغرس الأمريكي في أواخر مارس، كما وافقت الحكومة الفيدرالية على تقديم إعانات بطالة فيدرالية بقيمة 600 دولار للعاطلين أسبوعيا بالإضافة إلى إعانات البطالة التي تقدمها كل ولاية، والتي انتهت صلاحيتها رسميا في نهاية يوليو الماضي.
ما زال وباء كورونا بعيدا عن السيطرة، فما الذي يمكن القيام به؟ والصراعات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري متاججة في الوقت الراهن، والطرفان لا يزالان بعيدين عن الوصول للتوافق حول حزمة مساعدة مالية جديدة. كما يلوم كلاهما الآخر على الفشل في إحراز تقدم بشأن انقطاع إعانات البطالة.
وفي هذا الصدد، حذر الاقتصاديون من أنه إذا لم يتم تقديم حزمة إغاثة جديدة في الوقت المناسب، فإن الاقتصاد الأمريكي المتكمش سيعاني من ضربة أكثر خطورة.
الجمهوريون والديمقراطيون لم يتوصلوا إلى توافق حول “مبلغ إعانات البطالة”
في الواقع، بدأت الجولة الجديدة من المفاوضات حول حزمة الإغاثة بين الجمهوريين والديمقراطيين في مايو الماضي، لكنهم فشلوا في التوصل إلى توافق “بسلاسة” في الفترة المحددة حيث اتجهت أنظار الشارع الأمريكي بأكمله إلى الكونغرس.
وتوالت الأخبار السيئة في واشنطن يوم السبت. فبعد مناقشات طويلة، أعرب الجانبان عن أنه لا تزال هناك اختلافات كبيرة. وقال تشاك شومر، ممثل الحزب الديمقراطي وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ الأمريكي، إن “مواقف الجانبين ليست متقاربة بعد”.
وقال رئيس أركان البيت الأبيض مارك ميدوز: “ما زال أمامنا مسافة طويلة. لا أريد أن أتنبأ بأنه سيتم التوصل إلى اتفاق، لأن الحقيقة هي أننا لم نصل بعد”.
أولا، فيما يتعلق بالمبلغ الإجمالي لحزمة الإغاثة الجديدة، قد تصل “الفجوة” بين الجانبين إلى تريليوني دولار أمريكي.
الفرق الكبير بين الطرفين هو ما إذا كان سيتم تمديد صرف إعانة البطالة أسبوعيا بمبلغ 600 دولار.
وقد ذكر البيت الأبيض والحزب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي مرارا وتكرارا أن هذا المبلغ كبير، حتى أنه أعلى من رواتب العديد من الذين لديهم عمل، الأمر الذي قد يؤثر على رغبة الكثيرين في العودة إلى العمل. ويأمل الجمهوريون في تخفيض المبلغ إلى 200 دولار. بل يصر الديمقراطيون على أن هذا المبلغ ضروري لضمان متطلبات المعيشة الأساسية ويجب تمديد صرف الإعانة إلى يناير من العام المقبل.
نشرت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، وهي ديمقراطية من ولاية كاليفورنيا، تغريدات على “تويتر”، قالت فيها إن المواطن الأمريكي بحاجة إلى شراء الأطعمة ودفع الإيجارات، ولا ينبغي للجمهوريين المساومة على هذه المتطلبات.
ومع ذلك، يبدو أن بيان ترامب الأخير على وسائل التواصل الاجتماعي دفعها لقول ذلك، ما قد يشير إلى أنه يوافق على تمديد إعانة البطالة البالغة 600 دولار أسبوعيا على المدى القصير، لكنه أكد على أن الجانبين لا تزال لديهما اختلافات كبيرة في جوانب أخرى.
هناك نقطة أخرى من الاختلاف أصبحت موضع متابعة الجميع فقد اقترح الديمقراطيون سابقا تقديم ما يقرب من تريليون دولار أمريكي لحكومات الولايات والحكومات المحلية التي تواجه ضغوطا مالية خلال الوباء في حزمة الإغاثة بقيمة 3 تريليون، في حين لا تحتوي حزمة الجمهوريين على تمويل جديد لحكومات الولايات والحكومات المحلية.
الاقتصاديون يحذرون: يجب “ألا نتوقف” أبدا
في الوقت الذي ينشغل فيه الطرفان في تبادل الاتهامات ويستمر غموض احتمالات صرف حزمة إعانة جديدة بعثت البيانات المتعلقة بالوباء في الولايات المتحدة واقتصادها بعلامات التحذير مرات عديدة.
وفقا لما ذكره مركز علوم وهندسة النظم في جامعة جونز هوبكنز يوم الأحد الماضي، تجاوز العدد التراكمي للحالات المؤكدة في الولايات المتحدة 4.67 مليون حالة، واقترب العدد التراكمي للوفيات من 155 ألف حالة، لتحتل بذلك المرتبة الأولى عالميا.
وأفادت وزارة التجارة الأمريكية في بياناتها يوم الخميس من الأسبوع الماضي أن الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي انكمش بنسبة 32.9% خلال الربع الثاني من هذه السنة بحساب معدل سنوي وهو أكبر انخفاض يشهده منذ أن بدأت الحكومة في الاحتفاظ بالسجلات في عام 1947.
وفي الوقت نفسه، ذكرت وزارة العمل أن عدد طلبات صرف إعانات البطالة ارتفع بشكل غير مسبوق في الأسبوعين الماضيين، ما غير وضع انخفاض هذا العدد في الأشهر الثلاثة السابقة.
وقد حذر مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في وكالة “موديز” للتحليلات، مؤخرا من أنه إذا تم تخفيض مبلغ إعانة البطالة الإضافية إلى 200 دولار أمريكي أسبوعيا، فإن معدل البطالة سيزيد بنسبة 0.6 نقطة مئوية بحلول نهاية العام الجاري.
وفقا لتقديرات الخبراء الاقتصاديين في شركة ((ويلز فارجو)) للأوراق المالية، في ظل عدم وجود إعانات بطالة إضافية، سينخفض إجمالي دخل الأسر في الولايات المتحدة بنحو 72 مليار دولار أمريكي شهريا، ما قد يكون يؤثر بشكل كبير على إنفاق المستهلكين.
صرح رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي جيروم باول مؤخرا بأن مستقبل الاقتصاد الأمريكي يسوده الغموض الشديد، فإنه يعتمد إلى حد كبير على ما إذا كان يمكن السيطرة على الوباء بنجاح. الاقتصاد الأمريكي بحاجة إلى المزيد من دعم السياسة المالية في الوقت الراهن.
قال آدم بوسين، رئيس معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، إنه على الرغم من الجمود الحالي في المفاوضات بين الحزبين، فإنه يعتقد أنه من المتوقع أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق قبل تأجيل جلسات الكونغرس في أغسطس، ومن المتوقع أن تصل قيمة الدفعة الجديدة من سياسات الإغاثة إلى 2 تريليون دولار أمريكي، وتشمل تمديد صرف إعانات البطالة ومساعدة حكومات الولايات والحكومات المحلية. وذكّر أيضا بأن السيطرة على الوباء هي مفتاح تعزيز الانتعاش الاقتصادي.