شبكة طريق الحرير الإخبارية/
قالت تقارير مطّلعة، بأن الولايات المتحدة مارست ضغوطا على شركة “آي أس أم أل”، أكبر مصنع لآلات الطباعة الحجرية في العالم، لعدم بيع آلات الطباعة الحجرية فوق البنفسجية العميقة (DUV) شائعة الاستعمال إلى الصين. وجاء هذا الحظر، في إطار توسيع الحظر بعد منع الشركة من بيع آلات الطباعة الحجرية فوق البنفسجية المتقدمة (EUV). وهي خطوة جديدة، تتخذها الولايات المتحدة في إطار ضرب صناعة الرقائق الإلكترونية الصينية التي تشهد تطورا مستمرّا.
على المدى القصير، لا شك أن صناعة الرقائق الإلكترونية الصينية ستتأثر بقرار “آي أس أم أل” حظر مبيعاتها إلى الصين. إذ أن معظم الرقائق التي تستوردها الصين سنويا هي من صنف DUV، وتستخدم على نطاق واسع في العديد من المجالات مثل الاتصالات والسيارات والأجهزة الكهربائية والإنتاج الصناعي. وتُظهر المعلومات ذات الصلة أن الصين تمثل المشتري الرئيسي لـ ASML خلال العامين الماضيين، حيث مثلت الشراءات الصينية، حوالي ثلث مبيعاتها. وبهذا المعنى، فإن الضربة الأمريكية تبدو دقيقة نوعا ما.
ولكن من ناحية أخرى، تخلق الولايات المتحدة مشكلة لهولندا أيضا. فإذا توقفت “آي أس أم أل” عن بيع آلات الطباعة الحجرية DUV إلى الصين، فلن تفقد سوقًا ضخمة فحسب، ولكن المشكلة الأكبر هي أن هذه الخطوة ستشجع على الأرجح تطور الشركات الصينية ذات الصلة في المستقبل، مما سيفرز منافسا مقلقا لشركة الهولندية.
وخلال السنوات الأخيرة، شجعت العقوبات الأمريكية في مجال الرقائق، الصين على الاستثمار في هذه الصناعة. وتولي الصين في الوقت الحالي من المستوى الحكومي إلى الشركات، أهمية استراتيجية كبرى لصناعة الرقائق، وتخصص لها استثمارات مالية كبرى، مما يمنح صناعة الرقائق في الصين فرصة هائلة للتطور.
وفي الواقع، شهدت صناعة الرقائق في الصين تطوّرا سريعا خلال السنوات الأخيرة. وشكلت تدريجيًا مزاياها الخاصة في سلسلة توريد أشباه الموصلات. وبحسب مسح أجرته وكالة أمريكية، امتلكت الصين 19 شركة بين أكثر 20 شركة رقائق إلكترونية الأسرع نموا في العالم في عام 2021.
سوق آلة الطباعة الحجرية هو سوق كثيف التكنولوجيا ورأس المال، لكنه صغير الحجم. وفي الوقت الحالي، بالإضافة إلى “آي أس أم أل” التي تعد أقوى شركة عالمية في هذه الصناعة، تمكن عدد قليل من الشركات، مثل “نيكون” و”كانون” و”شنغهاي ميكرو الترونيكس” التي تأسست في عام 2002، من إجراء عمليات البحث والتطوير والتصنيع لآلات الطباعة الحجرية خلال الـ 20 عامًا الماضية وتحقيق التراكم والتطوير.
مع ذلك، ونظرًا للمزايا التي تمتعت بها شركة “آي أس أم أل” وغيرها من الشركات، في مجال التكنولوجيا والتكلفة خلال السنوات القليلة الماضية، واجهت شركة “شنغهاي ميكرو إلكترونينس” صعوبات نمو عدة. ولم يكن على ذمتها، سوى بضع مئات من موظفي البحث والتطوير في مجال التكنولوجيا الأساسية. لكن ما يجب أخذه في الإعتبار، هو أن آلة الطباعة الحجرية ليست منتجًا لا يمكن للصين التوصل إلى صناعته. فالصين تمتلك قدرات البحث والتطوير والإنتاج في هذا المجال، لكن صغر حجم السوق، هو السبب الذي جعل استثمار المؤسسات في هذه الصناعة غير كافيا، ولم تكن سرعة التطوير بالوتيرة الكافية.
وإذا استسلمت “آي أس أم أل” لضغوط الولايات المتحدة، وامتنعت عن بيع آلات الطباعة الحجرية للصين في المستقبل، فإن العديد من شركات الرقائق التي تتطور بسرعة في الصين ستوجه اهتمامها نحو الشركات المحلية، مما سيمنحها فرصة أكبر للتطور. وبتوفر الطلب، والتراكم السابق للتكنولوجيا وتجارب البحث والتطوير، سيتم تكثيف الاستثمار المالية والبشرية في مجال تطوير الطباعة الحجرية، وتبقى النتيجة مسألة وقت.
وقد أثبتت التجربة، أنه في كل مرة تفرض الولايات المتحدة عقوبات كهذه على الصين، إلا وتحوّلت هذه العقوبات إلى فرصة للصناعات ذات الصلة في الصين. وهذه المرة أيضا، ستجلب الضغوط المسلّطة على صناعة الطباعة الحجرية في الصين فرصا لتطور الصناعة المحلية أيضا. وستولّد الهيمنة التكنولوجية التي تمارسها الولايات المتحدة، عزيمة أقوى لدى الصين من أجل تحقيق الاستقلالية التكنولوجية في المجالات المعنية، ومضاعفة الاستثمارات وجهود التطوير.