Friday 22nd November 2024
شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

النهــر الأصفــر

منذ 5 سنوات في 02/ديسمبر/2019
النهر الأصفر
طاهر قابيل
طـاهـر قـابيـل

عن/يوميات الأخبار/ بوابة أخبار اليوم:

“ورغم عدم معرفتى للغة الصينية المقدمة بها المسرحية فقد استمتعت بالإضاءة والموسيقى واللوحات الفنية التي عرضت بتقنيات عالية”.

الأحد:
كانت الساعة تقترب من الرابعة بعد الظهر عندما هبطت الطائرة الإماراتية فى مطار «بكين» بعد رحلة طيران استغرقت 11 ساعة ونصف الساعة، بالإضافة إلى 3 ساعات «ترنزيت» بمطار «دبى» ومثلها قبل الصعود للطائرة بمبنى الركاب رقم 2 بمطار القاهرة.. استغرق إنهاء الإجراءات والحصول على الحقائب بمطار «بكين» أقل من ساعة.. فكل شيء هنا يعتمد على الأجهزة الحديثة وبصمات الأصابع والعين وليس للتدخل البشرى أي وجود سوى ضباط الأمن الذين يعطون «إذن الدخول» وختم «الجوازات».. فلا وجود لموظفي «علاقات عامة» أو عمال «شنط» داخل الدائرة الجمركية لاستقبال «فلان باشا أو علان بيه» أو للحصول على البقشيش فالكل هنا مواطن أو سائح سواسية.
كنت فى مهمة صحفية لحضور الدورة الثانية لورشة العمل لرابطة «الحزام والطريق» للتعاون الإخباري والإعلامي التي تنظمها صحيفة الشعب اليومية ويشارك فيها 43 من أهم 41 وسيلة إعلامية في 20 دولة ناطقة باللغتين العربية والروسية..

لم يترك المنظمون شيئا للصدفة فأرسلوا لى اللوحة التي سيرفعها أحد العاملين خارج «الدائرة الجمركية» وأسماء وتليفونات من سيكون فى استقبالي مع رسالة بالبريد الإلكتروني لمكان إقامتي وعنوانه وتليفونه بالعربية والصينية فى حالة فشلي فى العثور على أحد المستقبلين.. والحمد لله وجدت في انتظاري «ميساء وسوسن» طالبتي الماجستير بجامعة الصين وتتحدثان العربية وتعملان متطوعتين وآخرين من العاملين بالاتصال الخارجي بصحيفة «الشعب».
لم أستطع مقاومة النوم وأنا فى طريقي للفندق فالصين تتقدم عن مصر بـ 6 ساعات بمعنى أنه عندما يبدأ الصينيون يومهم فى السادسة صباحا يكون المصريون في طريقهم للنوم فى منتصف الليل.. فمازِلتُ أعاني من صدمة تغيير ساعتي البيولوجية وقد مر علىّ مستيقظا ما يقرب من 36 ساعة وكل أحلامي حمام دافئ وسرير للنوم على الأقل 24 ساعة.. ولكن لا تأتى الرياح بما تشتهى السفن فبعد وصولي للفندق أدركت أن الصينيين لا يعرفون الراحة وأن الجملة التي قالها الرئيس «شى جين بينج» فى كلمته مع العمال المثاليين بأن حب الخمول وكره العمل عار هى جينات وراثية في الشعب الصيني.

فنشاطنا يبدأ صباح اليوم التالي مبكرا بحفل لافتتاح الدورة يلقى فيه قادة صحيفة الشعب كلمات حول الرابطة ثم الذهاب إلى الصحيفة وزيارة المركز الإعلامي الجديد والمطبخ المركزي وشركة النشر الرقمي وإقامة ندوة «أون لاين» مع المحررين بصحيفة الشعب يقطعهما وجبة الغداء فالصينيون يتناولون إفطارهم من السادسة والنصف صباحا وحتى الثامنة والنصف والغداء من الثانية عشرة ظهرا لمدة ساعتين والعشاء مثلهما في السادسة مساء وباقي اليوم عمل ونوم للاستيقاظ مبكرا في اليوم التالي.. وهو ما تم حرفيا بعد أن رافقنا «سعيد» طالب الماجستير أيضا بالجامعة الصينية وهو شاب نحيل الجسم عمره 22 عاما والذي تولى الترجمة إلى العربية طوال الرحلة التي استغرقت أسبوعين، وكان يخطف دقائق بالطائرة أو الأوتوبيس أثناء انتقالنا من مكان لآخر للمذاكرة والتحضير لعودته للدراسة بعد انتهاء مهمته التطوعية.
الثلاثاء:
كان اليوم الأول لورشة العمل بداية مبشرة فحفل الافتتاح ضم كلمات من «فانج جيانج شان» نائب رئيس تحرير صحيفة الشعب اليومية والذي دعاني إلى «عشاء عمل» فى اليوم التالي للترحيب وتبادل الأفكار والتعرف على مجلس إدارة «رابطة الحزام والطريق للتعاون الإخباري والإعلامي، كما ألقى كلمات كل من «لى تشى تشيانج» نائب مدير قسم التبادل والتعاون الدولي بالصحيفة و«جيانج شو فان» نائب سكرتير لجنة الحزب الشيوعي بجامعة الصين للإعلام وممثلون عن المجموعتين العربية والروسية.. وتم عرض فيلم للدورة الأولى والتي أقيمت بمشاركة 50 صحفيا من وسائل الإعلام بأمريكا اللاتينية وأفريقيا وأتيحت لهم الفرصة للتعرف على الصين المتنوعة والمنفتحة وفتح آفاق جديدة للتعاون وتعزيز التبادلات بين وسائل الإعلام.. والتأكيد على أن الدورة الثانية التي أشارك فيها ستكون تحت عنوان «عصر جديد وأفكار ووسائط وتكنولوجيا جديدة».
لم يختلف الجهد المبذول في الأيام الثلاثة التالية عن اليوم الأول فتضمن محاضرات بجامعة الإعلام والتكنولوجيا الصينية من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء تناولت النموذج الصيني والوحي منه والإعلام الجديد واتجاهاته وتطوره، وعن نمو الاقتصاد الصيني وإنجازاته وتحدياته والتطور الثقافي والاجتماعي بالصين ومحاربة الفقر وتنمية المناطق الفقيرة، وكيف تغيرت صورة الحياة للصينيين الذين كانوا يعيشون مثل حياتنا في الستينيات من القرن الماضي من وحدات سكنية ضيقة والحصول على الاحتياجات بالبطاقة حتى اجتهدوا وبذلوا مجهودات خارقة لإحداث النهضة التنموية والاجتماعية وتحسين حياة المواطن واحتلال مقدمة الدول النامية وفى طريقهم الآن للقضاء على الفقر نهائيا..

وتخللت أيام المحاضرات زيارتان لوكالة أنباء الصين «شينخوا» والمتحف التاريخي لتطور وسائل الإعلام… وشاهدت بالمتحف كيف بدأت الإذاعة الصينية والمواقف التي عاصرتها وتطور التليفزيون والاستوديوهات ومختلف الوسائل الإعلامية، واختتمت الأيام الخمسة التي قضيناها في العاصمة «بكين» بزيارة رائعة للتاريخ، وصعدت لإحدى عجائب الدنيا السبع «سور الصين العظيم» بالتليفريك وتجولت بين أحجاره التي لو نطقت لتحدثت عن حضارة وتاريخ عظيم للأجداد وجدية في العمل للأحفاد… وعدت للفندق بعد أن تناولت وجبة الغداء فى أحد المطاعم بين الحضارة الصينية القديمة لأسرع إلى «المول» القريب لشراء «آيس كاب وجونتى» وملابس ثقيلة فغدا سنكمل ورشة العمل بالسفر إلى مقاطعة «قانسو» في شمال غرب الصين والتي تنخفض بها درجات الحرارة إلى أقل من الصفر ليلا.
الخميس:
مشهد السحب الممطرة من الطائرة في سماء مدينة «لانتشو» عاصمة مقاطعة «قانسو» ينذرني بأننا مقبلون على جو قارص البرودة.. قضيت ثلاثة أيام في مقاطعة «النهر الأصفر» والتي تعد أهم ممر تجارى على طريق الحرير في الشمال الصيني..

 المكان هنا بين الجبال الملونة رائع الجمال والطريق من المطار إلى قلب العاصمة «لانتشو» يبشر أن من خططه ينظر للمستقبل.. فقد اختار مساحات وحارات مرور تستوعب الزيادة في السيارات كما يحدث لدينا الآن في شبكة الطرق الجديدة.. ورغم رغبتي بالذهاب للفندق للراحة آنستني الجولة الرائعة التي قضيتها في المتحف الذي يحكى التطور التاريخي والحضاري للعاصمة والمقاطعة.. والسير على ضفاف «النهر الأصفر» والوصول إلى ساحة التنزه التي تضم «ساقية عملاقة» كانت تستخدم قديما لنقل مياه إلى السكان لري الأراضي وتحويلها إلى مزار سياحي وممشى للسكان والزائرين مع تجميل وزراعة الأشجار على جوانب النهر وتزين كل مكان باللون الأخضر والإضاءة ولم تشعرني بأي رغبة لدى في الراحة.. فالمشهد عند الغروب في منتهى الروعة ومياه النهر الأصفر تتدفق متسارعة والسكان يتنزهون بحرية ويرقصون ويلتقطون الصور التذكارية.. وعندما سألت لماذا سمى النهر بهذا الاسم قيل لي إن مياهه تأتى من الجبال محملة بالطمي بلونه الأصفر.
رغم الهدوء وجمال مشهد «النهر» من غرفتي بالدور الثاني عشر بالفندق والإضاءة الملونة المعلقة على الكباري والأشجار كان نومي متقطعا لأستيقظ في اليوم التالي مبكرا لنذهب إلى منطقة الميناء الجاف الدولية، وتتنقل عيني طوال الطريق الذي استغرق أكثر من ساعة بين مشاهد الخضرة والجبال والتي هذبت أحجارها الملاصقة للطريق.. وأتجول في الميناء البرى وأشاهد خطوط القطارات العملاقة السريعة التي تنقل الصناعات الصينية داخل وخارج الصين وأصعد في قافلة من سيارات الدفع الرباعي إلى منطقة جبلية كانت في الماضي البعيد ممرا لغزوات من الدول المجاورة تم تحويلها وتمهيد الطريق بها لتكون مزارا سياحيا جذابا وسط الجبال الملونة بفعل المعادن بها.. وبعد هبوطنا من الجبل أتجول في القرية القديمة على نهر «اليانجستي» التي تم تطويرها مع الحفاظ على أصالتها، وأدخل مباني تحكى تاريخها الأصيل مع وجود متحف صغير وأشاهد الكباري العملاقة والمعلقة لمرور خطوط القطارات السريعة والتقط بعض الأطعمة من الصناعات الريفية التي تبيعها السيدات مع أنواع من الخضراوات التي نجد بجوارها المأكولات والمشروبات المصنعة حديثا.

 وأختتم يومى بمشاهدة مسرحية «رحلة الراهب الصيني “شوان تسنج” إلى الغرب» على المسرح الكبير فى لانتشو.. ورغم عدم معرفتى للغة الصينية المقدمة بها المسرحية فقد استمتعت بالإضاءة والموسيقى واللوحات الفنية التى عرضت بتقنيات عالية..

كما تناولت فى صباح اليوم التالي المقرونة المصنوعة يدويا والتي تشتهر بها مقاطعة «قانصو».. وحضرت حفلة زفاف صيني لأتعرف على العادات والتقاليد الصينية. كما زرت منطقة الزراعات الحديثة النموذجية بالمنطقة الجديدة وتعرفت كيف نفضت المقاطعة سنوات الفقر وامتدت لها يد الإصلاح والتنمية فأصبحت من المقاطعات المبهرة.
السبت:
لقد زرت أماكن كثيرة فى «قانسو» لا تسعفني الذاكرة لتذكرها لأغادر بعد ثلاثة أيام، في صباح اليوم التالي بالطائرة إلى مدينة «تشنغدو» بمقاطعة «ستيشوان» وأشاهد مدى التقدم الذي وصلت إليه، وأزور معرض التخطيط الحضاري وميناء «تشينغ باى جيانغ» الدولى للسكك الحديدية وأسافر في رحلة بقطار شحن إلى أوروبا باستخدام تقنية «الفايف دى».. وأتجول في المتحف الوطني والتخطيط العمراني وأماكن للحفريات والآثار وأتعرف على مدى اهتمام الصين بتأهيل طلاب التعليم الفني بمركز للتدريب المهني والذي يضم أحدث المعدات، وأتجول في مصنع للمعدات الثقيلة وخاصة المستخدمة في البحث عن البترول والغاز وآخر للألبان له مزارع في نيوزلاندا..

وأختتم زيارتى للمقاطعة بزيارة مهد «الباندا» وأتعرف على تربيتها وما تبذله الصين لحمايتها من الانقراض وهى حديقة رائعة الجمال تحاكى حياة الباندا الطبيعية.. وأتجول فى منطقة ترفيهية وأثرية مثل «خان الخليلى» وأشاهد صناعات تاريخية، وأزور إحدى الحدائق على نهر تكون من مياه السيول وحولته الأيدي الصينية إلى متحف طبيعي ممتع وخاصة عندما تعبر على الكباري الخشبية ذات الحبال وهى تتحرك بك يمينا ويسارا وترى أسفل منك مياهه النقية تجرى مسرعة وأشاهد صناعة الورق والطباعة بالطرق القديمة، وأتناول طعام العشاء في مطعم تاريخي أمامه مسجد وسط محلات تبيع الملابس والصناعات اليدوية، لأعود في الواحدة والنصف بعد منتصف الليل إلى العاصمة الصينية «بكين» لأحضر في الصباح حفل الختام بالجامعة الصينية وأتجول لسويعات قليلة بين البضائع ذات الجودة العالية داخل أحد المولات القريبة من الفندق لأبدأ في الثالثة فجرا رحلة العودة للقاهرة بعد قضائي أسبوعين في بلاد «التنين» التي تنطلق بسرعة الصاروخ نحو التقدم والرخاء.

*الكاتب الصحفي طاهر قابيل _مدير تحرير صحيفة الأخبار المصرية

مسرحية موسيقية صينية “رحلة الراهب الصيني شوان تسنغ إلى الغرب”

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

الجزائر والصين.. علاقات وتميز

إقتباسات كلاسيكية للرئيس شي جين بينغ

في مئوية تأسيس الحزب الشيوعي الصيني

أخبار أذربيجان

الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكُتاب العرب أصدقاء الصين

أنا سفير لبلدي لدى جمهورية الصين الشعبية

مبادرة الحزام والطريق

حقائق تايوان

حقائق شينجيانغ

حقائق هونغ كونغ

سياحة وثقافة

هيا نتعرف على الصين

أولمبياد بكين 2022

الدورتان السنويتان 2020-2024

النشر في شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية

الإحصائيات


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *