خاص بشبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
مروان طويلة*
تسارعت الأحداث منذ بداية العام تاركةً تأثيراً فريداً قاسياً على المجتمع الدولي، منها إنتكاسات طالت الأقتصاد والعلاقات الدولية ومنها خذلان دول لبعضها البعض في التعاون الدولي تحت وطأة الأزمة. كما تكشفت الكثير من حقائق الإقتصاديات الهشه في بعض الدول العظمى ، والتي أيضاً خسرت رهانها على وعي حكوماتها ومواطنيها ، بل وأيضاً أحدثت شرخاً كبيراً في الأنظمة الدولية و ما بينها في إتفاقيات تجارية عكست على إقتصادياتها
. في هذه الإحداث ومجريات الجائحة الفايروسية الكورونية تقدمت وبرزت عدة دول نامية لتواجه الوباء بنجاح، وتعددت الآراء والدراسات حول من يفعل وماذا يفعل؟ هل إغلاق البلاد وتجميد الاقتصاد هو الحل ؟ أم جعل عجلة الاقتصاد جارية وإبقاء البلاد على حالها هو الأنسب؟
في خضم هذا الجدل، وتحت وطأة إنتشار وباء الكوفيد-19، تعرضت الصين لهجمات غير متوقعة وغير عادية من وابل الشائعات والإتهامات الباطلة، ومع ذلك إستمرت هذه الدولة النامية الصاعدة محاربتها للوباء وحد انتشاره، بل ومع وطأة الخسارة الإقتصادية التي تحملتها الصين قامت بأخذ مكانها الدولي وقدمت الدعم للعديد من الدول مادياً ومعنوياً من خلال تزويد هذه الدول بكل سبل مكافحة الفايروس، الحديث يطول ولكن سأركز على مذهب واحدٍ نَجَحَ وكان فعالاً جداً في مكافحة انتشار المرض -هو العِلم- ؛ العِلم لا يقتصر فقط على الأدوات بل وما يحتويه من فِكرٍ و وعيٍ شعبي وأيضاً ثقافة التعاون وإنتشارها.
بالأخذِ بمقولة ” الحاجةُ أم الإختراع ” وبما هو معهود عليه بأن الأزمات والحروب توَلِّدُ الإبتكارات، فالصين قدمت العديد من الاختراعات والصناعات التي لا تعد ولا تحصى والتي لا يخلو بيت منها والتي أجزم بأنها من يَسَّرتْ مجرياتٍ كثيرةٍ في حياتنا ومنها ما كان له أثر في تغير فكر النظام العالمي، كاختراع الورق والطابعة والذي جعل العملة النقدية الورقية هي المتداولة، ومنها ما سطر التاريخ كاختراع البارود الذي غير مجريات الحروب.
ولغايةِ هذهِ اللحظة لا تزال متفانية بأبتكاراتها ومنها تكنولوجيا رقمية بسرعة فائقة تسمى بتكنولوجيا الجيل الخامس. بما يخص الأحداث السابقة وبمكافحتها من إنتشار فسادٍ سواءَ أكان فايروسياً بمسمى الكورونا أو على هيئةِ إنسان يغوى التمرد و نشر خبثهِ بالإشاعات، كان دائماً وما زال الحل الذي بيد الصين هو ترابط الشعب الذي يتمثل بالإنضباط والتكاتف مع حكومته، والذي بدوره يؤتي بنتائج فعّاله جداً، فتَمَثَّل نجاح الصين بمكافحة إنتشار الفايروس بأنه كان مقروناً بحجم توفر البيانات المستخلصه من أنظمة الرقابة وسرعةِ معالجتها.
تكنولوجيا الجيل الخامس أو بمختصر الشرح، عندما تتوفر بيانات ضخمه من شتى الوسائل الرقابية والخدمية والاجتماعية، فهي أيضاً بحاجة لتكنولوجيا رقمية سريعة لمعالجة هذا القدر من البيانات لإستخلاص معلومات مفيدة تذهب إلى يد متخذين القرارات، فالرجل المناسب هو من يحصل على المعلومة المناسبة في الوقت المناسب. ولذلك وظفت الصين هذه التكنولوجيا في جميع أرجاء الدولة، بدايةً في تحليل الكَم الضخم من البيانات لمعرفة الأشخاص الذين خالطوا المصابين في الترحال والسفر، وأيضاً بحصر أعداد الأشخاص الذين غادروا المدن الموبوءة ومعرفة أماكن إقامتهم بل ومن خالطو أيضاً، كُل ذاك في ظروف ساعات قليلة لتصل رسائل نصيه الى جميع هؤلاء بأخذ الحيطة والحذر والتوجه الى أقرب مستوصف والتعاون المطلق مع الإجراءات.
فثقافة الوعي المنتشره وثقة الشعب الصيني في حكومته، كانو من أهم عوامل النجاح في مكافحة هذا الوباء. على عكس بعض البلدان الأخرى التي ما فتئت سوا بالمناداة بحقوق الإنسان والخصوصية ، وفي وقت الشدة نجدها فشلت فشلاً ذريعاً بإنقاذ مواطنيها، بل ولم تجد سوا أن تمطر الصين بوابلٍ من الشائعات والإنتقادات، ومع ذلك ما خلت من الصين إلا أن تمد يد العون لكل العالم، سواءً بنشر المعلومات عن الخريطة التكوينيه للفايروس أو بالدعم الطبي. جائحة فايروس كورونا لم تكسر وتهدم الأنظمة، بل هي فقط قامت على فضح وكشف الأنظمة الركيكة المتهالكة، وأثبتت بأن أكثر الدول أمناً وإستقراراً وقدرة على مكافحة الوباء لا يقاس بالقوة العسكرية أو الاقتصادية، بل يقاس بتماسك الشعب وثقته بقيادته، وأيضاً هي الدول التي تمتلك أنظمة الرقابة والوسائل وتكنولوجيا الربط بينها وبين شعوبها، فالنظام العالمي المتماسك القوي هو القادر على أخذ القرار الصحيح من خلال المعلومة المناسبة في الوقت المناسب.
تكنولوجيا الجيل الخامس لها أثر في توفير تلك المعلومة، ومن يَسطُر النظام العالمي هو من لديه القدرة والإمكانيات بتحليل وجمع أكبر قدر من البيانات وتحويلها لمعلومات ومن ثم لقرار. لمن يهاجم هذا الفكر أقولها، الأمر ليس مقايضة بين الأمن لقاء الخصوصية بل هما معا مترابطين، الأمن والخصوصية معاً، الأمن والإستقرار في شتى المجالات إقتصادياً ومعيشياً وإجتماعياً يعود في المصلحة العامة، و وَحدَهُ الحاسوب والتكنولوجيا هم القادرون على تحليل جميع البيانات الضخمة خلال أجزاء الثانية وتخزينها لتوظيف المعلومات المناسبة في الوقت المناسب.
سيصعب على بعض من يعارضون هذه الأنظمة وترعرعوا خارجه من السيطرة على أنفسهم و توظيف هذه المعلومات، بإختصار “ان لم تتقدم ستتقادم” وسوف تضبط مع الجميع بجرم ركوك وتهالك أنظمتهم بالجرم المشهود، وهذا ما تم ضبطه متلبساً موثقاً ومنتشراً على جميع النوافذ, في وتيرة الأحداث المؤسفة الأخيرة من عنصريةٍ وتنمرٍ في أمريكا.
مروان طويلة: خريج ماجستير ادارة عامة وإقتصاد – جامعة بكين.
طالب دكتوراة – إقتصاد دولي – جامعة الإقتصاد والأعمال الدولية – بكين.