و في هذا الصدد، أوضح السيد العرباوي أنه، تنفيذا لبرنامج رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, باشرت الجزائر إصلاحات واسعة شملت كافة مناحي الحياة الاقتصادية بهدف إرساء نموذج اقتصادي منفتح ومتنوع، ومحصن بإطار تشريعي وقانوني، باعث على الثقة ومحفز للاستثمار يتيح لكل فاعل اقتصادي العمل في ظل ظروف عادلة والاستفادة من نفس الحقوق والفرص، وهو ما كرسه بالفعل قانون الاستثمار الصادر في جويلية 2022، مع نصوصه التطبيقية.
و يشكل هذا القانون، يضيف الوزير الأول، “نظاما قانونيا متكاملا يكرس حرية الاستثمار والمساواة بين المستثمرين دون تمييز بين المستثمر المحلي أو الأجنبي، ويضمن مرافقتهم في تنفيذ مشاريعهم والاستفادة من التحفيزات اللازمة، ويحمي استثماراتهم، ويكفل حقهم في تحويل رأس المال المستثمر وعائداته”.
كما أضاف قائلا بأن القانون الجديد للاستثمار يجسد مبدأ الاستقرار القانوني بحيث لا يمكن أن يتأثر بأي تغيير لمدة 10 سنوات على الأقل، ويعزز معايير الشفافية ورقمنة الإجراءات المتصلة بالعمل الاستثماري، مع استحداث شباك وحيد باختصاص وطني لصالح المشاريع الكبرى والاستثمارات الأجنبية، لافتا النظر إلى وجود جملة من التسهيلات لتوفير العقار الموجه لإنجاز المشاريع الاستثمارية في مختلف المجالات.
و أشار الوزير الأول أيضا إلى القرار الجوهري الذي اتخذه السيد رئيس الجمهورية القاضي بإلغاء القاعدة المسماة 51/49، باستثناء بعض القطاعات الاستراتيجية، وذلك بهدف توفير بيئة أكثر انفتاحا وأكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.
و استعرض في ذات السياق، الإصلاح العميق للقانون النقدي والمصرفي الرامي إلى مرافقة التحولات الاقتصادية، والذي سمح بتوسيع صلاحيات مجلس النقد والقرض في مجال اعتماد البنوك التجارية، والبنوك الرقمية والشكل الرقمي للعملة النقدية، وتطوير وسائل الدفع الكتابية ومتابعة تنفيذها، وتنويع مصادر التمويل بما فيها التمويل الإسلامي.
و بعد عرض أبرز محاور الإطار الجديد المتعلق بترقية الاستثمار الذي سيتم العمل به بحزم من أجل ضمان استدامة بيئة قانونية عصرية وشفافة وجذابة، أكد على أن الرؤية الاستراتيجية لرئيس الجمهورية مكنت الجزائر من الاستغلال الأمثل لهذه المزايا التي تضعها في قلب الحركية الاقتصادية في افريقيا.
و عند تطرقه لعلاقات التعاون بين الجزائر وتركيا، أبرز بشكل خاص القفزة النوعية المحققة في السنوات القليلة الأخيرة، خاصة بعد الزيارات الرئاسية المتبادلة والتي تمخضت عنها نتائج معتبرة وتوصيات سديدة سامية، لتعزيز الحوار السياسي وترقية التعاون الاقتصادي بين البلدين، مشيرا للمحادثات الهامة التي جمعت رئيسي البلدين، والتي سمحت بالتأكيد مجددا على الإرادة السياسية المشتركة لبناء شراكة متكاملة، وتجسدت بالتوقيع على العديد من الاتفاقيات التي شملت مجالات وقطاعات واعدة للتعاون الثنائي.
و أشاد في هذا الصدد، بالمستوى الذي بلغه التعاون الاقتصادي بين البلدين، حيث تعد الجزائر ثاني شريك تجاري لتركيا في إفريقيا بمبادلات تجارية تفوق 5 مليار دولار، ومبينا أن المقومات الهائلة للبلدين والفرص المواتية تشكل عاملا نوعيا لإضفاء قدر متزايد لحجم الشراكة والتجارة البينية، بصفة متكافئة ومتوازنة، وتجسيد الهدف الذي سطره قائدا البلدين، والمتمثل في بلوغ مبادلات تجارية بقيمة 10 مليار دولار في الأمد المتوسط.
و في الختام، أعرب الوزير الأول عن تطلع الجزائر إلى مساهمة المستثمرين الأتراك في إرساء شراكة اقتصادية مثمرة مع رجال الأعمال الجزائريين وتجسيد نموذج اقتصادي قائم على التنويع الاقتصادي وتحقيق المنافع المشتركة ومد جسور التعاون وفق قاعدة رابح-رابح، وذلك بغية تحقيق الطموحات المشتركة لرئيسي البلدين من أجل الدفع بعلاقات التعاون الثنائي إلى مستوى العلاقات النموذجية المتميزة بين الجزائر وتركيا، اعتبارا لمقدراتهما الهائلة، وفي ظل دورهما المحوري في فضاءات انتمائهما.