*الكلمة الرئيسية لرئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي:
فخامة الرئيس ماكي سال المحترم،
الزملاء والضيوف والأصدقاء المحترمون،
يسعدني جدا أن أحضر الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري الثامن لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي. في البداية، يطيب لي أن أتقدم بخالص الشكر لفخامة الرئيس ماكي سال والحكومة السنغالية على التحضير الدقيق لهذا الاجتماع! كما أتقدم بالترحيب الحار لجميع الزملاء والضيوف الكرام على حضور هذا الاجتماع!
يصادف هذا العام الذكرى الـ65 لبدء العلاقات الدبلوماسية بين الصين والدول الإفريقية. وعلى مدى الـ65 سنة الماضية، نشأت الصداقة الأخوية الراسخة التي لا تكسر بين الجانبين الصيني والإفريقي في نضالهما ضد الإمبريالية والاستعمار، وفتح الجانبان طريقا متميزا للتعاون في مسيرتهما الساعية إلى التنمية والنهضة، وكتبا فصولا رائعة من التآزر والتضامن في ظل التغيرات المعقدة، الأمر الذي نصب نموذجا مجيدا لإقامة نوع جديد من العلاقات الدولية.
أيها الأصدقاء،
ما هي الأسباب وراء العلاقات الصينية الإفريقية المتميزة؟ وما هي أسباب عمق الصداقة الصينية الإفريقية؟ السبب الجوهري هو أن الجانبين خلقا روح الصداقة والتعاون بين الصين والدول الإفريقية التي تزداد متانة على مر الزمان، ألا وهي “الإخلاص والصداقة والتعامل مع بعضها البعض على قدم المساواة، والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك والتنمية المشتركة، والوقوف إلى جانب الحق والدفاع عن العدالة، ومواكبة العصر والانفتاح والشمولية”، وهي تعد تجسيدا حيا لتقاسم الجانبين الصيني والإفريقي في السراء والضراء وتكاتفهما في النضال في العقود الماضية، ومنبع القوة لعلاقات الصداقة الصينية الإفريقية في استشراف مستقبل على أساس الإنجازات الماضية.
يصادف هذا العام الذكرى الـ50 لاستعادة الصين مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة. بهذه المناسبة، يطيب لي أن أتقدم بخالص الشكر للأصدقاء من الدول الإفريقية الغفيرة الذين داعموا الصين في ذلك الوقت! وأود أن أؤكد مجددا وبكل جدية أن الصين لن تنسى أبدا المشاعر العميقة التي تكنها الدول الإفريقية تجاهها، وستواصل التمسك بمفهوم الشفافية والعملية والحميمية والصدق والفهم الصحيح للمسؤولية الأخلاقية والمصلحة، وستعمل مع الأصدقاء الأفارقة على توارث روح الصداقة والتعاون القائمة بين الصين والدول الإفريقية جيلا بعد جيل وترسيخها وتطويرها.
أيها الأصدقاء،
لقد طرحت دعوة إلى إقامة مجتمع مستقبل مشترك أوثق بين الصين والدول الإفريقية في قمة بيج ينغ لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي المنعقدة في عام 2018، ولاقت هذه الدعوة تأييدا من القادة الأفارقة بالإجماع. على مدى ثلاث سنوات ونيف، يتكاتف الجانبان الصيني والإفريقي ويبذلان قصارى الجهد في دفع تنفيذ “المبادرات الثماني” وغيرها من مخرجات القمة، وقد تم إنجاز عدد كبير من مشاريع التعاون ذات الأولوية، وازداد حجم التبادل التجاري بين الصين والدول الإفريقية والاستثمار الصيني في الدول الإفريقية بشكل متزن، وانضم تقريبا جميع الأعضاء الأفارقة في المنتدى إلى الأسرة الكبيرة للتعاون في بناء “الحزام والطريق”، مما أضفى قوة دافعة قوية على علاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والدول الإفريقية.
إن رحلة ألف ميل تبدأ بخطوة أولى. وقوفا أمام المنطلق التاريخي لإقامة المجتمع الصيني الإفريقي للمستقبل المشترك في العصر الجديد، أود أن أطرح رؤية من أربع نقاط .
أولا، التمسك بالوحدة في مكافحة الجائحة. المطلوب منا أن نواصل التمسك بمبدأ الشعب أولا والحياة أولا، ونعمل على تكريس الروح العلمية، وندعم رفع حقوق الملكية الفكرية عن اللقاحات، ونتخذ خطوات ملموسة لضمان إتاحة اللقاحات للدول الإفريقية بتكلفة ميسرة وردم “فجوة المناعة”.
ثانيا، تعميق التعاون العملي. المطلوب منا أن نفتح آفاقا جديدة للتعاون الصيني الإفريقي من خلال توسيع حجم التجارة والاستثمار وتقاسم الخبرات في الحد من الفقر والتخلص منه وتعزيز التعاون في مجال الاقتصاد الرقمي وتشجيع الشباب الأفارقة على ريادة الأعمال وتطوير الشركات الإفريقية الصغيرة والمتوسطة. بما أن مبادرة التنمية العالمية التي طرحتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام الجاري تتطابق بدرجة عالية مع “أجندة 2063” للاتحاد الإفريقي وأجندة التنمية المستدامة 2030 للأمم المتحدة، فأرحب بالدول الإفريقية لدعمها والمشاركة فيها بشكل فعال.
ثالثا، تدعيم التنمية الخضراء. المطلوب منا أن نعمل على تكريس الثقافة الخضراء والمنخفضة الكربون في وجه تغير المناخ كونه تحديا خطيرا للبشرية جمعاء، ونعمل على تطوير الطاقة المتجددة بما فيها الطاقة الشمسية والطاقة الريحية، وندفع بتنفيذ “اتفاق باريس” لمواجهة تغير المناخ على نحو فعال، ومواصلة تعزيز القدرة على التنمية المستدامة.
رابعا، صيانة الإنصاف والعدالة. يحتاج العالم إلى تعددية الأطراف الحقيقية. تعتبر القيم المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية من القيم المشتركة للبشرية جمعاء، كما أنها هدفا مشتركا تسعى إليه الصين وإفريقيا بكل جد وإخلاص. ونحن متفقون على سلك طريق تنموي يتناسب مع ظروفنا الوطنية، ونعمل على صيانة الحقوق والمصالح للدول النامية، ونرفض التدخل في الشؤون الداخلية والتمييز العنصري والعقوبات أحادية الجانب. وعلينا أن نتمسك بكل ثقة بالمطالب العادلة للدول النامية، وأن نحول تطلعاتنا ومصالحنا المشتركة إلى عمل مشترك.
أيها الأصدقاء،
قامت الصين وإفريقيا معا قبل انعقاد هذا الاجتماع بإعداد مشروع “رؤية التعاون الصيني الإفريقي 2035”. ستتعاون الصين مع الدول الإفريقية بشكل وثيق في تنفيذ “البرامج التسعة” وفقا للخطة الثلاثية الأولى من هذه الرؤية:
أولا، برنامج الصحة. من أجل تحقيق الهدف الذي وضعه الاتحاد الإفريقي بشأن تلقي 60% من السكان الأفارقة للقاح ضد فيروس كورونا المستجد بحلول عام 2022، أعلِن أن الصين ستقدم مليار جرعة إضافية من اللقاح إلى الجانب الإفريقي، ستكون 600 مليون جرعة منها كمنحة وسيتم توفير 400 مليون جرعة عن طريق الإنتاج المشترك بين الشركات الصينية والدول الإفريقية المعنية والطرق الأخرى. كما ستنفذ الصين 10 مشاريع طبية وصحية كمنحة للدول الإفريقية، وستبعث إلى إفريقيا أعضاء الأفرقة الطبية والخبراء في مجال الصحة العامة وعددهم 1500 فرد.
ثانيا، برنامج الحد من الفقر وتطوير الزراعة. ستنفذ الصين 10 مشاريع كمنحة لإفريقيا في الحد من الفقر وفي مجال الزراعة، وترسل 500 خبير زراعي إلى إفريقيا، وتنشئ في الصين مجموعة من مراكز صينية إفريقية نموذجية مشتركة لتبادل التقنيات الزراعية الحديثة والتدريب، وتشجع الأجهزة والمؤسسات الصينية على بناء قرى صينية إفريقية نموذجية في إفريقيا لتطوير الزراعة والحد من الفقر، وتدعم حملة “مساعدة ألف قرية من قبل مئة شركة” التي أطلقها تحالف المسؤولية الاجتماعية للشركات الصينية العاملة في إفريقيا.
ثالثا، برنامج تعزيز التجارة. ستفتح الصين “الممر الأخضر” للصادرات الزراعية الإفريقية إلى الصين، والتسريع بإجراءات الفحص والحجر الصحي ومواصلة توسيع نطاق التعريفة الصفرية تجاه منتجات الدول الأقل نموا التي لها العلاقات الدبلوماسية مع الصين، وتسعى إلى وصول القيمة الإجمالية للواردات من إفريقيا إلى 300 مليار دولار في السنوات الثلاث القادمة. وستقدم الصين حصة التمويل التجاري بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الصادرات الإفريقية، وتنشئ في الصين منطقة رائدة للتعاون الاقتصادي والتجاري المعمق بين الصين والدول الإفريقية، وتنشئ حديقة صناعية للتعاون الصيني الإفريقي في إطار “الحزام والطريق”. وستنفذ الصين 10 مشاريع كمنحة لإفريقيا في مجال ترابط المنشآت، وتنشئ فريق الخبراء للتعاون الصيني الإفريقي في المجال الاقتصادي بالتعاون مع الأمانة العامة لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، وتواصل دعم بناء منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية.
رابعا، برنامج تدعيم الاستثمار. ستدفع الصين بشركاتها للاستثمار في إفريقيا بحجم لا يقل عن 10 مليارات دولار في السنوات الثلاث القادمة، وستنشئ “منصة صينية إفريقية لتعزيز الاستثمارات غير الحكومية”. وستنفذ الصين 10 مشاريع كمنحة لإفريقيا في مجالي العملية الصناعية وتدعيم التوظيف، وتفتح خط الائتمان لمؤسسات مالية إفريقية بقيمة 10 مليارات دولار، وتركز الجهود على دعم شركات إفريقية صغيرة ومتوسطة، وتنشئ مركزا صينيا إفريقيا عابرا للحدود للعملة الصينية. وستعفي الدول الإفريقية الأقل نموا من ديونها المستحقة من القروض الحكومية بدون الفوائد التي لم يتم سدادها عند نهاية عام 2021. كما تحرص الصين على تخصيص 10 مليارات دولار من حقوق السحب الخاصة التي وفرها صندوق النقد الدولي للصين بشكل إضافي وإعادة إقراضها إلى إفريقيا.
خامسا، برنامج الابتكار الرقمي. ستنفذ الصين 10 مشاريع كمنحة لإفريقيا في مجال الاقتصاد الرقمي، وتقوم بإنشاء مراكز صينية إفريقية للتعاون في تطبيقات الاستشعار عن بعد بالأقمار الصناعية، وتدعم بناء معامل مشتركة ومعاهد شريكة وقواعد التعاون للابتكار التكنولوجي بين الصين والدول الإفريقية. كما ستعمل الصين مع الدول الإفريقية يدا بيد على توسيع التعاون في إطار “التجارة الإلكترونية عبر طريق الحرير” الذي يشمل إقامة مهرجانات التسوق الإلكتروني لبضائع إفريقية متميزة والأنشطة الترويجية للتجارة الإلكترونية في قطاع السياحة وتنفيذ حملة “عرض مائة محل وألف منتج إفريقي على منصات التجارة الإلكترونية”.
سادسا، برنامج التنمية الخضراء. ستنفذ الصين 10 مشاريع كمنحة لإفريقيا في مجال حماية البيئة ومواجهة تغير المناخ، وتدعم بناء “السور الأخضر العظيم لإفريقيا”، وتنشئ مناطق نموذجية منخفضة الكربون ومناطق نموذجية متكيفة مع تغير المناخ في إفريقيا.
سابعا، برنامج بناء القدرات. ستقوم الصين بإنشاء أو تطوير 10 مدارس لإفريقيا كمنحة، وتدعو 10 آلاف كفء إفريقي متفوق للمشاركة في ورشات العمل والدورات الدراسية، وتنفذ “مستقبل إفريقيا — برنامج التعاون الصيني الإفريقي في التعليم المهني” وحملة “تسهيل توظيف الطلبة الوافدين الأفارقة”. وستواصل الصين التعاون مع الدول الإفريقية لإنشاء ورشات لوبان، وتشجع الشركات الصينية العاملة في إفريقيا على توفير ما لا يقل عن 800 ألف فرصة عمل للسكان المحليين.
ثامنا، برنامج التبادل الثقافي والإنساني. تستعد الصين لدعم جميع الدول الإفريقية التي لها العلاقات الدبلوماسية مع الصين أن تكون مقاصد سياحية لوفود المواطنين الصينيين، وتقيم مهرجانات سينمائية إفريقية في الصين ومهرجانات سينمائية صينية في الدول الإفريقية، وتقيم المنتدى الصيني الإفريقي لخدمة الشباب ومنتدى المرأة الصيني الإفريقي.
تاسعا، برنامج السلم والأمن. ستنفذ الصين 10 مشاريع كمنحة لإفريقيا في مجال السلم والأمن، وتواصل تنفيذ المساعدات العسكرية الموجهة للاتحاد الإفريقي، وتدعم جهود الدول الإفريقية لصيانة الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب بإرادتها المستقلة، وتجري التعاون بين قوات حفظ السلام الصينية والإفريقية في مجالات التمرين المشترك والتدريب الميداني ورقابة الأسلحة الصغيرة والخفيفة.
أيها الأصدقاء،
سبق للرئيس المؤسس السنغالي ليوبولد سيدار سنغور أن كتب جملة “لنعلن حضورنا في عالم جديد”، وأنا على يقين بأن هذا الاجتماع لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي سيتكلل بنجاح تام بفضل الجهود المشتركة من الجانبين الصيني والإفريقي، بما يحشد قوة ضخمة للشعب الصيني والشعوب الإفريقية البالغ عددها 2.7 مليار نسمة، ويدفع بإقامة المجتمع الصيني الإفريقي للمستقبل المشترك على المستوى العالي.
وشكرا لكم.
*سي جي تي إن العربية.