شبكة طريق الحرير الإخبارية/
العلاقات الأردنية الماليزية.. ثبات الإخوة على الازدهار
جَمع وإعداد: الأكاديمية الكاتبة والمهندسة يلينا ياروسلافوفنا نيدوغينا
الأكاديمي مروان موسى سوداح
تتميز العلاقات بين الأردن وماليزيا بثباتها على الأُخوَّة والتفاهم الكامل والشامل بين الشعبين الشقيقين في القُطرَين، والتركيز على القضايا الرئيسية للشعبين والحكومتين، وهو ما أكد وثبَّت ديمومة التواصل بلا أي انقطاع بينهما طوال السنوات الطويلة السابقة، التي شهدت الكثير من النقلات الواسعة في صِلات كوَالالَمبور وعَمَّان.
كذلك، هو الأمر بالنسبة لعلاقات البلدين حالياً، مع قدوم سعادة السيد محمد نصري بن عبد الرحمن، وهو السفير الماليزي الجديد، ليشغل بنشاط واضح موقع عمله في عَمَّان كسفير جديد – مُقِيم ومُعْتَمَد لدى البلاط الملكي الهاشمي.
السفير محمد نصري بن عبد الرحمن، صَرَّح مؤخراً في عَّمَان، إن الأردن وماليزيا يتمتعان بعلاقات دافئة وودية منذ إقامة العلاقات الثنائية بينهما في العام 1965.. ولأن الأردن شريك تجاري واقتصادي مهم لماليزيا في المنطقة. وأكد السفير أن العلاقات بين الدولتين مُمَيَّزة، وسيعمل سعادته على تعزيزها في المجالات كافةً. ولفت كذلك، إلى أنه من ضمن مسؤولياته التي سيعمل عليها، تعزيز العلاقات بين رجال الأعمال في كلا العاصمتين.. وأسهب سعادته في استعراضه الإمكانات الهائلة لكلا البلدين للتعاون في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك التجارة والاستثمار، والخدمات المصرفية، والتمويل الإسلامي، والصحة، والسياحة، والتعليم العالي، والدفاع، والعلاقات بين الشعبين، لأن هذه الأخيرة مهمة وأولوية برأيي كاتب هذه السطور، لأنها تساهم في تأكيد وتسريع انتشار الترابطات المختلفة بين الشعبين بالذات، كونها الشكل الأنسب للدبلوماسية الناجحة، الشعبية والجماهيرية، التي تعمل إلى جانب الدبلوماسية الرسمية – الحكومية، على مزيدٍ من تأصيل الأخوَّة والتعاون العميق في أوساط الشعبين والمنظمات الشعبية..
وعَبَّر السفير محمد نصري بن عبد الرحمن عن تطلع بلده ماليزيا إلى زيادة صادراتها من السلع الزراعية والمنتجات القائمة على السلع، وخاصة زيت النخيل، والمنتجات القائمة على النخيل إلى الأردن، فماليزيا تشتهر عالمياً بمزارعها الضخمة، إذ تُساهم خصائص الطقس الماليزي في تعزيز مكانة الزراعة ومنتجاتها ماليزياً، التي تنمو فيها أشجار النخيل المُعَمِّرَة، والتي تشكل غابات ضخمة، وهي تُعتبَر بالتالي سنداً ثابتاً لإزدهار الاقتصاد الزراعي الماليزي، فمنتجات النخيل الماليزي مشهورة جداً في رياح العَالم الأربع، وهي شمال وجنوب وصبا ودبور. ولتفسير ذلك، فالصبا من المَشرق، والدبور من المغرب، والشمال من تحت جدي الفرقدين، فالفَرْقدانِ هما نجمان في السماء لا يغرُبانِ، ولكنهما يطوفان بالجدي، وهما كوكبان في بنات نَعْش الصغرى، وفي المَثل: “هما أَطْول صُحْبة من الفَرقدين” والجنوب من تحت جدي سهيل، فالشمال باردة يابسة، وهي ما هَبَّ من ناحية الجربي، وهو الشمال وأشكالها من البروج والكواكب والأمهات وما يُشاكِل ذلك، ويُضَافُ إلى البرد واليبس، والجنوب حارة رطبة وهي التي تهب من القبلة وأشكالها كما وصفت مِمَّا يُضاف إلى الحرارة والرطوبة، والدبور باردة رطبة وهي التي تهب من المغرب وكذلك أشكالها، والصبا حَارَّة يابسة وهي التي تهب من المَشرق، وأشكالها مِمَّا هو مضاف إلى الحرارة واليبوسة، وبالتالي فأن نخيل كوالالمبور شهير – شهير في كل أنحاء المَعمورة، ويُعرفُ ذلك جيداً جميع الخلق في الدنيا، بمختلف لغاتهم ووقائعهم وتوجهاتهم الاجتماعية وغيرها.
ووفقاً لتصريحات السفير الماليزي أيضاً، فقد سجلت التجارة الثنائية بين البلدين ماليزيا و الأردن 53.6 مليون دولار أميركي، مع نمو 152.9 % في عام 2022 مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2021. وتصدر ماليزيا للأردن زيت النخيل والمنتجات الزراعية والمصنعة القائمة على زيت النخيل.
واتساقاً مع ذلك، نوَّه السفير إلى إن ماليزيا تأمل في أن تتمكن الشركات الأردنية من الاستفادة من موقع ماليزيا الاستراتيجي، كبوابة لسوق دول جنوب شرق آسيا(آسيان) التي تضم أكثر من 600 مليون شخص.
وفي حديثه عن التعليم العالي قال السفير، إنه اعتباراً من التقويم الأكاديمي لعام 2022، كان هناك 1387 طالباً ماليزياً يدرسون في الأردن، منتشرين في جامعات مختلفة في المملكة، وأشاد السفير بجودة التعليم في الأردن، من ناحية أخرى، تحدث السفير عن وجود 616 طالباً أردنياً درسوا في ماليزيا في العام الأكاديمي 2022. وأكد إنه منذ عام 1986، شارك ما مجموعه 426 مسؤولاً من الأردن في العديد من الدورات التدريبية قصيرة المدى، في إطار برنامج التعاون الفني الماليزي المعروف باسمMTCP.
وهنا، من المهم استحضار تصريحات السفير الأسبق لماليزيا في الأردن، السيد زاكري بن جعفر، التي أدلى بها في أوائل شهر ديسمبر 2014، بأن التعاون القائم بين بلاده والمملكة الأردنية الهاشمية في المجال التعليمي، إنَّمَا يُعدُ من أنجح مجالات التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين، إذ إن 3200 طالب ماليزي كانوا آنذاك موزعين في عَمَّان والكرك والمفرق وإربد، يدرسون تخصصات اللغة العربية، والشريعة الإسلامية، وطب الأسنان، والطب العام، إضافة إلى المصارف الإسلامية، مُبيناً أن هناك في المقابل ما يزيد عن الألف طالب أردني يتابعون دراساتهم العليا في الجامعات الماليزية في بعض التخصصات التقنية كتخصص تقنية المعلومات.
وفي شأن الاستثمارات الماليزية، كان بن جعفر قد أوضح أن هناك، آنذاك، بعض الاستثمارات في مجال الأغذية، وهو مشروع ماليزي – أردني مشترك، إضافة إلى استثمار ماليزي آخر من خلال إحدى الشركات الماليزية الكبرى والمتخصصة في مجال استغلال الصخر الزيتي، بالتعاون مع شركة استونية، وأخرى أردنية، مُشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين والذي يميل لصالح ماليزيا، بلغ ـ آنذاك – حتى شهر آب من ذلك العام 149 مليون دولار، مقارنة بــ 220 مليون عن نفس الفترة من العام 2013م.
من ناحية أخرى، جاء في ندوة علمية تناولت بالحث “العلاقات الأردنية الماليزية وسُبل تطوير آفاقها خدمة للبلدين الصديقين”، عقدتها جامعة اليرموك، بخصوص العلاقات الأردنية الماليزية، كان نظَّمَهَا كرسي “باهانج” الماليزي للدراسات الإسلامية والبحث العلمي في جامعة اليرموك، بتاريخ الأحد 28/أغسطس/2022، أكد رئيس الجامعة ـ آنذاك ـ الدكتور إسلام مساد، إن الأردن وماليزيا يتمتعان بعلاقات متميزة قائمة على الصداقة، وتقارب وجهات النظر والاعتدال إزاء القضايا العالمية، أرست دعائمها القيادتين السياسيتين في البلدين، وتعددت مجالاتها على الصُعد كافة، خصوصاً التعليمية والثقافية والاقتصادية، وأشار إلى أن الندوة تأتي لبحث “سُبل تطوير الشراكة الإستراتيجية”، بما يرقى بمؤسساتنا ومُجتمعاتنا، ويعزِّز نمائها واستدامة تطوّرها، منوها بدور جامعة اليرموك في بناء العلاقات الإقليمية والدولية.
ولفت مساد، إلى إن كُرسي “باهانج” من الكراسي العلمية الساعية نحو التميُّزِ والابتكار، من خلال عَقدِ الفعاليات والأنشطة العِلمية المُتنوعة في تُخصص الدراسات الإسلامية. بينما أشادت القائم بأعمال السفارة الماليزية في عمان “وان فايزاتول أفزان اسماياتيم”، من جهتها، بدور الكرسي في تعزيز وتنشيط العلاقات العلمية والبحثية بين الأردن وماليزيا، خصوصاً في الشؤون الإسلامية، وأشارت إلى أن السياحة الإسلامية يمكن أن تشكل ركيزة قوية لعلاقات البلدين الاقتصادية، لافتة إلى أن نحو 200 مليار دولار، تنفق على السياحة الدينية سنوياً على المستوى العالمي، وهو ما يتطلب تعاون أكبر في تطوير المواقع السياحية الإسلامية وتبادل الخبرات في هذا المجال.
وناقشت الندوة وبحثت أيضاً في تحديات البحث العلمي، والتعاون بين الجامعات الأردنية والماليزية، والحل التنموي الماليزي في مواجهة التحديات الاقتصادية، والموقف الماليزي من القضية الفلسطينية، ودور التبادل الثقافي في نشر السلم العالمي.
.. يتبع …