تصاعد مخاطر أزمة الغذاء
تعتبر كل من روسيا وأوكرانيا مصدرين رئيسيين للمنتجات الزراعية. قال رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس إن الصراع بين روسيا وأوكرانيا والعقوبات الغربية ضد روسيا أدت إلى نقص في الغذاء والطاقة والأسمدة، مما تسببت في أزمة أمن غذائي عالمي، والأكثر تضررا هم الأشد فقرا.
تعد مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، ويأتي 80% من وارداتها من القمح من روسيا وأوكرانيا، وقد ارتفع سعر كيس الدقيق الذي يبلغ وزنه 40 كيلو جرامًا في مصر من 430 جنيهًا مصريًا (حوالي 23 دولارا أمريكيا) في فبراير هذا العام إلى 560 جنيها مصريا (حوالي 30 دولارا أمريكيا) في ابريل الماضي. وقال المستورد اللبناني للقمح أحمد حطيط إن مخزون البلاد من القمح “يكفي فقط لتلبية الاحتياجات الاستهلاكية للناس لمدة شهر ونصف”.
نظام الطاقة يتعرض للهجوم
بالإضافة إلى الغذاء، تعد روسيا أيضًا مُصدرًا رئيسيًا للطاقة، حيث يأتي حوالي 30% و40% من النفط والغاز الطبيعي الذي تستورده دول الاتحاد الأوروبي من روسيا. منذ تصاعد الصراع بين روسيا وأوكرانيا، المتأثر بالعقوبات الغربية وذعر السوق، ارتفعت أسعار النفط العالمية بشكل حاد، حيث اقتربت في فترة معينة من 140 دولارًا للبرميل.
من المرجح أن يكون تأثير الصراع بين روسيا وأوكرانيا على أسواق الطاقة العالمية مستمرا طويل الأمد. الأمر الذي قد يضطر الدول الأوروبية إلى إيجاد بدائل لتقليل اعتمادها بشكل كبير على النفط والغاز الروسيين، كما تحتاج روسيا أيضًا إلى تطوير سوق أكبر لاستهلاك الطاقة في الاقتصادات النامية، مما سيؤدي إلى تعديل هيكل الطاقة العالمي.
“اختناقات” سلاسل التوريد العالمية
تسبب الصراع الروسي الأوكراني والعقوبات الغربية ضد روسيا في تعطيل سلسلة التوريد العالمية.
تم إغلاق عدد كبير من المصانع في أوكرانيا، ولا يمكن ضمان توفير العديد من قطع الغيار والمكونات، مما تسبب في قيام شركات مثل شركات صناعة السيارات الألمانية بتقليل الإنتاج أو حتى إيقافه. على الجانب الروسي، تؤثر العقوبات الغربية بشكل متزايد على الاقتصاد الحقيقي الروسي، حيث تعتمد “جميع المنتجات” المصنوعة في روسيا تقريبًا على مكونات مستوردة.
كما أدى إعاقة صادرات المواد الخام الروسية إلى تعطيل الاقتصاد العالمي. على سبيل المثال، يمثل إنتاج النيكل في روسيا حوالي 7% من الإجمالي العالمي، وتشعر السوق بالقلق من أنه في حالة تعرض روسيا لمزيد من العقوبات، سيتأثر المعروض من النيكل والمعادن الأخرى أيضًا. على المدى الطويل، فإن “انسداد” سلسلة التوريد العالمية الناجم عن العقوبات الغربية ضد روسيا سيجعلهم يذوق المرّ ممّا جنت يداه. وفقًا للإحصاءات الوطنية، تتعامل أكثر من 2100 شركة أمريكية وحوالي 1200 شركة أوروبية مع مورد مباشر واحد على الأقل من روسيا.
الانتعاش الاقتصادي أكثر صعوبة
قبل تصاعد الصراع بين روسيا وأوكرانيا، كان التضخم العالمي بالفعل عند مستوى مرتفع تحت التأثير المشترك لعوامل مثل “اختناقات” سلاسل التوريد الناجمة عن الوباء، والتقلبات في أسعار السلع، والسياسات النقدية الميسرة للغاية في بعض البلدان. بعد تصاعد الصراع بين روسيا وأوكرانيا، أدت العقوبات الشديدة التي فرضها الغرب على روسيا إلى تغيير علاقة العرض والطلب للطاقة والسلع الأخرى، مما أدى إلى زيادة التضخم في مختلف البلدان. تحت ضغط التضخم المرتفع، يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتسريع تشديد السياسة النقدية، مما سيزيد من مخاطر التخلف عن سداد الديون في بعض البلدان ويجعل التعافي الاقتصادي العالمي يواجه المزيد من المخاطر.
*سي جي تي إن العربية.