شبكة طريق الحرير الإخبارية/
المصدر: جريدة المساء
“الصين والجزائر اليد في اليد لدفع التنمية العالمية”
بقلم: السيد تشيان جين،
القائم بأعمال سفارة جمهورية الصين الشعبية لدى الجزائر
إلى أين يتجه العالم؟ إلى السلام أم إلى الحرب؟ إلى التنمية أم إلى الانكماش؟ إلى الانفتاح أم إلى الانغلاق؟ إلى التعاون أم إلى المواجهة؟ هذا هو سؤال العصر المطروح علينا…
والذي في إطار إيجاد الإجابة الوافية عليه، ترأس الرئيس الصيني شي جينبينغ مساء يوم 24 عام 2022 في بيجينغ، اجتماع الحوار الرفيع المستوى للتنمية العالمية، وألقى خلاله كلمة مهمة، عبر الاتصال المرئي، حيث حضر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مع 17 قائدا لدول ناشئة ودول نامية من أجل التشاور حول خطة التعاون التنموي والتوصل إلى توافقات مهمة واسعة النطاق.
1 – الدفاع عن الإنصاف والمسواة والحفاظ على السلم العالمي بحزم
لقد أثبتت الحربين العالميتين والحرب الباردة والأزمة الأوكرانية الجارية أن الهيمنة وسياسة التكتلات والمواجهة بين المعسكرات، ستؤدي إلى حروب وصراعات، والسعي وراء الأمن الذاتي على حساب أمن الدول الأخرى لأمر سيؤدي حتما إلى مأزق أمني.
إن السلام يمثل قضية مشتركة للبشرية، وهو يتطلب جهودا مشتركة من كافة الأطراف للسعي إليه والحفاظ عليه. وقد طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ مؤخرا مبادرة الأمن العالمي، التي تدعو إلى التمسك بمفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، وإيجاد طريق جديد للأمن يكرّس الحوار والشراكة والكسب المشترك بدلا من المواجهة والتحالف واللعبة الصفرية، وذلك من منطلق أن البشرية تعيش في مجتمع يكون الأمن فيه غير قابل للتجزئة.
من جهته، أشار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى أن التوتر والتأزم الذي تشهده العلاقات الدولية اليوم يستوقفنا جميعا ليس فقط بالنظر لحجم الحوكمة العالمية، بل تحديات الأوضاع الراهنة التي تواجه الجهود الرامية لإحلال السلم وإنهاء النزاعات والدفع بالتنمية المستدامة، وإنما أيضا لما تولد عنها من مخاطر استقطاب. لا أحد منا في أمان حتى نكون جميعا في أمان. وأكد الرئيس تبون أنه حتى نكون جميعا في أمان، ينبغي علينا تعزيز التضامن والتعاون في مواجهة مختلف التحديات الراهنة من أوبئة وتقلبات مناخية وندرة المياه وأزمة التغذية وتهديدات أمنية متجددة لتحقيق الأمن الجماعي والرخاء المشترك.
ويعتقد قادة كافة الدول المشاركة أن التنمية هي أساس للأمن، والأمن هو شرط مسبق للتنمية، وأعربت كافة الدول عن القلق الشديد إزاء التداعيات السلبية الخطيرة الناجمة عن العقوبات الأحادية الجانب والأضرار الخطيرة التي ألحقتها بالدول النامية الهشة. داعية إلى تجسيد التطلعات المشتركة للدول النامية لحب السلام والطمأنينة ومعارضة الهيمنة وسياسة القوة، وبث صوت العدل وصوت السلام وصوت العصر.
2 – التركيز على التنمية ودفع التنمية العالمية بشكل مشترك
طرح الرئيس الصيني شي جينبينغ العام الماضي مبادرة التنمية العالمية، التي تدعو إلى التركيز على تنفيذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة، والدفع بإقامة الشراكة التنموية العالمية المتميزة بالتضامن والمساواة والتوازن والنفع للجميع، والدفع بالتعاون على نحو شامل في مجالات الحد من الفقر والصحة والتعليم والترابط الرقمي وعملية التصنيع. واستجاب المجتمع الدولي بشكل إيجابي، حيث عبرت أكثر من 100 دولة ومنظمة دولية عن دعمها، وتم انضمام أكثر من 50 دولة بما فيها الجزائر إلى مجموعة أصدقاء مبادرة التنمية العالمية. وطرح الرئيس شي جينبينغ اقتراحا من أربع نقاط في اجتماع الحوار الرفيع المستوى للتنمية العالمية:
أولا، بذل جهود مشتركة لبلورة التوافق الدولي حول تعزيز التنمية، ووضع التنمية في مقدمة الأجندات الدولية وتنفيذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة.
ثانيا، بذل جهود مشتركة لتهيئة بيئة دولية مواتية للتنمية، وبناء اقتصاد عالمي منفتح، وإقامة منظومة الحوكمة والبيئة المؤسسية الأكثر إنصافا وعدالة في العالم.
ثالثا، بذل جهود مشتركة لإيجاد طاقة جديدة للتنمية العالمية، ودفع بالابتكار التكنولوجي والمؤسسي، ودفع بتحقيق تنمية عالمية أكثر قوة وخضرة وصحة.
رابعا، بذل جهود مشتركة لبناء علاقات الشراكة للتنمية العالمية، وعلى الجنوب والشمال التوجه نحو نفس الاتجاه، بغية التعاون في إقامة شراكة التنمية العالمية التي تتسم بالتضامن والمساواة والتوازن والنفع للجميع، وعدم ترك أي دولة أو أي أحد خلف الركب.
وأشار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى أنه تخلف النمو الاقتصادي في العديد من الدول النامية يستمد جذوره من اختلال فاضح في بنية العلاقات الاقتصادية الدولية والهيمنة القائمة لفائدة مجموعة من الدول، معتبرا أن الحل هو التمسك بروح ومبادئ وأهداف القرارات لإقامة النظام الاقتصادي الدولي الجديد التي طرحتها الجزائر نيابة عن مجموعة دول عدم الانحياز في عام 1973. وفي الوقت الراهن، تسعى الجزائر إلى بناء “الجزائر الجديدة”، وتهدف إلى ترسيخ الاستقلال السياسي من خلال تحقيق الاستقلال الاقتصادي.
اتفق قادة كافة الدول على أنّه يجب على الأسواق الناشئة والدول النامية تعزيز الوحدة والتعاون ودفع المجتمع الدولي لوضع قضية التنمية في المقام الأول، معتقدين أنّ المبادرات الصينية تتفق مع هموم واحتياجات الدول النامية الغفيرة، وتسهم في بلورة التوافق الدولي وتعبئة الموارد التنموية وتسريع وتيرة تنفيذ أجندة الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة، وينبغي على تعزيز المواءمة بين مبادرة التنمية العالمية مع الخطط التنموية في الأقاليم المختلفة، وبذل جهود مشتركة في مواجهة التحديات مثل الفقر وعدم المساواة ونقص التنمية. وذلك يجسد تمسك كافة الدول بوضع تطلعات الشعوب والمصالح العامة في المقام الأول، للدفع بالتنمية العالمية إلى العصر الجديد، بما يعود بالخير على شعوب العالم.
3 – ترقية التعاون والمنفعة المتبادلة والعمل سويا لاستكمال الحوكمة العالمية
أشار الرئيس الصيني شي جينبينغ في اجتماع ”بريكس“ إلى أن الذي يعاكس تيار التاريخ ويحاول قطع طريق الآخرين، سيجد طريقه مسدودا في نهاية المطاف، لأنه لا يمكن تجاوز الأزمة الاقتصادية إلاّ بالتضامن والتعاون بروح الفريق الواحد، ولا يمكن إنجاز مهمة كبيرة ومستدامة تخدم الجميع إلا من خلال التعاون.
وقد أبرز الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن انعدام التوازن على الساحة الدولية واستمرار تهميش الدول النامية ضمن مختلف مؤسسات الحوكمة العالمية يشكل مصدرا مؤكدا لعدم الاستقرار وغياب التكافؤ والتنمية. وتقدمت الجزائر بالطرح منذ ما يقرب 50 عاما، يتضمن ضرورة السعي نحو إقامة نظام اقتصادي جديد يضمن التكافؤ والمساواة بين مختلف الدول.
وأعرب القادة المشاركون أن الأسواق الناشئة والدول النامية هي قوة حاسمة لإقامة نظام دولي أكثر عدالة وتوازنا وتدعيم السلام والأمن والمساواة والتنمية، حيث ينبغي عليها تعزيز الوحدة والتعاون ودفع المجتمع الدولي لوضع قضية التنمية في المقام الأول، والدفع ببناء عالم أجمل يتفق مع الاحتياجات والتطلعات لمعظم الدول النامية، وأكدوا على ضرورة تطبيق تعددية الأطراف الحقيقية والحفاظ على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وضرورة الالتزام بالإنصاف والعدالة والدفع بإصلاح منظومة الحوكمة العالمية، معربين عن أملهم في تعزيز التعاون في المجالات الهادفة إلى الحد من الفقر ومكافحة الجائحة وتحقيقي الأمن الغذائي والأمن الطاقوي، حيث يجسد ذلك تطلعات شعوب جميع البلدان للتعاون المشترك في مواجهة التحديات، ويتفق مع دعوة الشعوب إلى إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
إنه عصر محفوف بالتحديات، كما أنه عصر مليء بالآمال. وقد ظلت الصين عضوا في العائلة الكبيرة للدول النامية، والجزائر دولة نامية ذات تأثير دولي كبير، إن الصين والجزائر شريكان استيراتيجيان شاملان حقيقيان، حيث تستعد الصين لتعزيز التضامن والتعاون مع الجزائر في العصر الجديد لترقية التنمية الوطنية ودفع التنمية العالمية والإسهام أكثر في دفع إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.