قامت الصين مؤخرا بتحسين وتعديل سياسة الوقاية من الوباء ومكافحته، ولقيت السياسة الجديدة اهتماما واسع النطاق من المجتمع الدولي، لاسيما بعد أن أصدرت الصين الإجراءات المؤقتة بشأن تسهيل تبادل الأفراد بين الصين والدول الأجنبية، وتتطلع العديد من الدول إلى زيارة السياح الصينيين، وفي المقابل نجد أن هناك اتهامات تنطلق بدافع تشويه سمعة الصين بذريعة فيروس كورونا، ونأمل أن يتمكن الأصدقاء الكويتيون من إلقاء نظرة إيجابية على الوضع الوبائي وتعديلات السياسة في الصين.
ويعتمد تحسين وتعديل إجراءات الوقاية والسيطرة على الوباء في الصين على موقف حكيم ويستند إلى التحليل العلمي والعقلاني، وفي الوقت الحالي، تحول تركيز الوقاية من الوباء والسيطرة عليه في الصين من الوقاية من العدوى إلى مرحلة جديدة من حماية الصحة والوقاية من الأمراض الشديدة.
إن تعديل سياسة الوقاية من الوباء في الصين يرتكز على ظروف وأسس أفضل: أولا، من منظور طفرة الفيروس، فإن السلالة السائدة في الصين هي متحور «أوميكرون»، والتي أضعفت بشكل كبير من ضراوة الوباء وقدرته الإمراضية، ثانيا، من منظور حالة الوباء، فإنه على الرغم من أن عدد المصابين كبير، إلا أن الغالبية العظمى من المصابين يمكن أن يتعافوا في غضون فترة زمنية قصيرة نسبيا، وقد انخفضت معدلات الإصابة الشديدة والوفيات بشكل كبير، ثالثا، من منظور أسس الوقاية والسيطرة، قد اكتسبت الصين خبرة غنية في الوقاية من الأوبئة ومكافحتها والتعامل معها، واستمرت في تحسين قدراتها في العلاج الطبي واكتشاف مسببات الأمراض والتطعيم.
ولقد وصلت الطاقة الإنتاجية السنوية للقاحات في الصين إلى أكثر من 7 مليارات جرعة، وهناك أكثر من 10 لقاحات، والتي تغطي مجموعة متنوعة من الوسائل التقنية وطرق التطعيم، وتم تطعيم 1.4 مليار نسمة بأكثر من 3.4 مليارات جرعة من لقاحات فيروس كورونا.
وتلتزم الصين بوضع الشعب وحياته في المقام الأول ثابتة بعد ظهور الجائحة، وتتمسك الحكومة الصينية بالوقاية من الجائحة والسيطرة عليها بشكل علمي ودقيق، وتقوم بتحسين وتعديل إجراءات الوقاية والسيطرة، وذلك وفقا لمتطلبات وظروف المرحلة، حيث صاغت سياسات الوقاية التي تصب في مصلحة الغالبية العظمى من الناس.
وعلى مدى السنوات الـ 3 الماضية، استجابت الصين بشكل فعال لـ 5 موجات عالمية من الجائحة، وتجنبت انتشار العدوى بالسلالة الأصلية ومتحور دلتا، وهما أكثر مسببات للمرض نسبيا مقارنة بالمتحورات الأخرى، مما أسهم في حماية صحة وسلامة أبناء الشعب بأكبر قدر ممكن، كما خففت الصين من تأثيرات الجائحة السلبية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما ان معدل الإصابة الشديدة ومعدل الوفيات في الصين هي الأدنى من بين دول العالم، ولا تهتم الصين بحماية حياة شعبها وصحته وسلامته فحسب، بل تقدم أيضا مساهمات مهمة في المعركة العالمية ضد الجائحة، كما دعت إلى جعل اللقاح المضاد لكوفيد-19 منفعة عامة عالمية، كما قدمت حتى الآن ملياري جرعة من اللقاحات وكمية كبيرة من المواد اللازمة لمكافحة الوباء للعالم، وقدمت تبرعات لمنظمة الصحة العالمية.
ولدينا كامل القدرات والثقة بالانتصار على الجائحة، وتمر سياسة الوقاية من الجائحة في الصين بمرحلة تسمى «تغير المسار»، فمن الطبيعي أن تستغرق بعض الأوقات للتكيف، كما شهدت البلدان الأخرى هذه العملية أيضا عند تعديل سياسات الوقاية من الجائحة، ومع ذلك، فإن تعديل تدابير الوقاية والسيطرة في الصين أمر علمي واستباقي، فمع التوفير التدريجي للموارد الطبية، وتحسين نظام التشخيص والعلاج الهرمي، والزيادة المستمرة في قدرة إنتاج الأدوية وإمداداتها، يبقى الوضع الوبائي في الصين ضمن المتوقع ولايزال تحت السيطرة.
اجتازت بعض المدن الكبرى مثل بكين ذروة الوباء أولا وبدأت تتعافى من الموجة الحالية للوباء، حيث تشهد عودة الحياة والإنتاج إلى طبيعتها تدريجيا، وتعج الشوارع والأزقة بالصخب والضجيج مرة أخرى، وقد شاركت الصين البيانات الوراثية للفيروس لحالات الإصابة الأخيرة بفيروس كورونا الجديد في الصين من خلال قاعدة بيانات تسمى «المبادرة العالمية لمشاركة جميع بيانات الإنفلونزا» وستواصل الصين مراقبة تحور الفيروس عن كثب، وإصدار المعلومات الوبائية في الوقت المناسب وبطريقة مفتوحة وشفافة وفقا للقانون، والعمل مع المجتمع الدولي للتغلب على تحديات الجائحة معا.
في مواجهة التفشي المفاجئ للجائحة، ظلت الصين والكويت على الدوام تتفاهمان وتتعاونان، ويدعم شعبا البلدين ويساعدان بعضهما البعض، مما خلق قصة جميلة من الوحدة والتضامن في مكافحة الجائحة. وعلى وجه الخصوص، أرسلت الصين فريقا من الخبراء الطبيين إلى الكويت لتقديم المساعدات في مكافحتها الجائحة.
واعتبارا من 8 يناير هذا العام، ستلغي الصين اختبار الحمض النووي والعزل في مواقع الحجر المركزي بعد دخولها لجميع الأفراد القادمين إلى الصين، وستستأنف ترتيبات وصول الأجانب إلى الصين مثل استئناف العمل والإنتاج والأعمال التجارية والدراسة. ويعتقد أنه مع استمرار تحسن الوضع الوبائي في الصين وظهور التأثير الإيجابي لسياسة استقرار النمو، سيشهد الاقتصاد الصيني زخما قويا وسط الانتعاش وارتفاع وتيرة النمو، مما سيحافظ إلى حد كبير على استقرار سلسلة التوريد الصناعية العالمية، وتعزيز الانتعاش الاقتصادي العالمي، وسيجلب المزيد من الفوائد لتعزيز التعاون متبادل المنفعة، ويسهل الزيارات المتبادلة بين الدول.
ومع هذا النور الذي يلوح في الأفق، آمل أن يواصل الجانب الكويتي العمل مع الجانب الصيني للتغلب على تحدي الجائحة يدا بيد، والمساهمة في تسريع تعافي الاقتصاد العالمي وتنميته.