تعد مصر أول دولة عربية وإفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية، وأول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقة تعاون إستراتيجية مع الصين. في السنوات الأخيرة، حقق التعاون العملي بين الصين ومصر قفزة تاريخية إلى الأمام، حيث كانت الصين أكبر شريك تجاري لمصر لمدة تسع سنوات متتالية، وهي واحدة من أكثر الدول نشاطًا وأسرعها نموًا في إفريقيا. ويتقدم بشكل سلس مشروع منطقة الأعمال المركزية للعاصمة الإدارية الجديدة ومشروع القطار المكهرب لمدينة العاشر من رمضان وغيرهما من المشاريع التي تنفذها الشركات الصينية، ووفرت منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر (تيدا) أكثر من 40 ألف فرصة عمل للمصريين. وتم إنجاز أول خط إنتاج مشترك للقاح ضد فيروس كورونا المستجد في إفريقيا بالتعاون بين الصين ومصر، وساهمت ورشات لوبان والكلية المصرية الصينية للتكنولوجيا التطبيقية بجامعة قناة السويس في تدريب كثير من المواهب المصرية الشابة. بعد مواجهة تحديات خطيرة مثل وباء كوفيد-١٩ والانتعاش البطيء للاقتصاد العالمي، أصبح التعاون الودي بين الصين ومصر أقوى وأكثر شعبية.
كما سيلتقي وزير الخارجية تشين قانغ خلال زيارته لمصر مع أمين عام جامعة الدول العربية. فقبل أكثر من شهر، عقدت الصين والدول العربية بنجاح القمة الصينية العربية الأولى والقمة الصينية الخليجية الأولى، هذا أكبر عمل دبلوماسي من حيث الحجم والمستوى تجاه العالم العربي منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، حيث اتفقت الصين والدول العربية على “العمل بكل الجهود على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد” والدفع بالاعمال الثمانية المشتركة”، الأمر الذي يرمز إلى الخطوة التاريخية التي خطتها العلاقات الصينية العربية ودخولها إلى العصر الجديد من حيث التطور على نحو معمق وشامل.
يشكل عدد سكان الصين والدول العربية حوالي ربع إجمالي سكان العالم، وكأعضاء مهمين في الدول النامية، وقوى مهمة على الساحة الدولية، وحضارتين كبيرتين، أصبحت العلاقات الصينية العربية أقوى وتعمقت بمرور الوقت، مما دل بوضوح تام على أن المناطق والبلدان المختلفة ذات الثقافات والأنظمة الاجتماعية المختلفة يمكن أن تتناسق تماما وتتعلم من بعضها البعض للتطور والازدهار معا. تحترم الصين والدول العربية بعضها البعض، ولا تتدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض، وتعارض الهيمنة واللجوء للقوة بشكل مشترك، وتعارض المواجهة الأيديولوجية، وهذا هو أهم توافق بين الصين والدول العربية وأهم ما في العلاقات الصينية العربية.
كما وضع التعاون المتبادل المنفعة بين الصين والدول العربية معيارا جديدا للتنمية المشتركة لجميع دول العالم. ووقعت الصين حتى الآن على وثائق التعاون بشأن بناء “الحزام والطريق” مع 21 دولة عربية وجامعة الدول العربية، ونفذ الجانبان أكثر من 200 مشروع تعاوني ضخم في مجالات الطاقة والبنية التحتية. وأصبح عدد من المشاريع الضخمة مثل مسجد الجزائر الأعظم واستاد لوسيل في قطر معالما للصداقة الصينية العربية، واستفاد ما يقرب من ملياري نسمة من الجانبين من التعاون في بناء “الحزام والطريق”. تجمع هذه الإنجازات المثمرة التوافق الإستراتيجي بين الصين والدول العربية حول تطوير العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية الرئيسية، وتشير إلى الإمكانات الهائلة والآفاق الواسعة للتعاون المستقبلي.
لا تنوي الصين التنافس مع أي أحد في الشرق الأوسط، ولا تنوي حل محل أي أحد، ناهيك عن ملء ما يسمى بـ”الفراغ”، بل المضي قدما يدا بيد على أساس المصالح المشتركة. فان زيارة وزير الخارجية تشين قانغ هذه تنقل رسالة إلى العالم: ستواصل الصين توارث الصداقة الممتدة لآلاف السنين مع الدول العربية، والدفع بالتنمية المشتركة، والحفاظ على الاستقرار في المنطقة، والدفاع عن العدالة والإنصاف، ومواصلة جمع قوة الدول النامية عبر التقوية الذاتية.