و طيلة ثلاثة أيام، كان للرئيس تبون برنامج مكثف، استهله بلقاء مع الجالية الوطنية المقيمة بتركيا، و هو التقليد الذي سنه في زياراته الى الخارج، طمأن من خلاله أبناء الوطن بخصوص وضعية البلاد لاسيما على الصعيد المالي، و حدثهم عن مبادرة “لم الشمل” التي اطلقها من اجل “تكوين جبهة داخلية متماسكة” معلنا، من أنقرة، عن انعقاد لقاء شامل للأحزاب في غضون الاسابيع المقبلة.
و في اليوم الثاني من الزيارة، و بعد استقبال رسمي حار، كانت للرئيس تبون محادثات مع أخيه رجب طيب أردوغان، رئيس جمهورية تركيا الشقيقة، محادثات وصفها ب”الثرية والعميقة” و ب”الايجابية لفائدة البلدين و الشعبين”، و التي جاءت لتعزز علاقات ثنائية استراتيجية متجذرة في التاريخ، في الوقت الذي يحتفل فيه البلدان بالذكرى ال60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
محادثات أظهرت كذلك، حسب السيد تبون، “تطابقا في وجهات النظر” ازاء القضايا ذات الاهتمام المشترك و على راسها القضية الفلسطينية و الازمة الليبية و الاوضاع في منطقة الساحل، و كرست، من جهة اخرى، ارادة البلدين في رفع مستوى المبادلات التجارية و الاستثمار المتبادل.
إقرأ أيضا: زيارة الرئيس تبون الى تركيا: محادثات و اتفاقيات لمزيد من الديناميكية في العلاقات الثنائية
و بدوره، أعرب الرئيس أردوغان عن تقدير بلاده للدور الذي تلعبه الجزائر في شمال القارة الإفريقية و منطقة الساحل، مبرزا أن المحادثات مع الرئيس تبون تطرقت إلى “التحرك المشترك” على الصعيد الدولي و الى سبل تطوير التعاون الثنائي الدبلوماسي و الاقتصادي و في شتى المجالات الى “أعلى المستويات”، مؤكدا أن تركيا “ستقف بجانب الجزائر” فيما يخص مسعى تنويع الاقتصاد.
و في هذا السياق، أعلن السيد أردوغان عن مشروع فتح مدرسة دولية تركية بالجزائر و عن فتح قنصلية لتركيا بولاية وهران.
وكشاهد على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، قدم الرئيس التركي هدية رمزية للرئيس تبون تتمثل في صورة للأمير عبد القادر ورسالة بعث بها الأمير سنة 1841 للسلطان عبد المجيد هنأه فيها بمناسبة اعتلائه العرش.
و بالعاصمة أنقرة، ترأس الرئيسان تبون و أردوغان أشغال الدورة الاولى للمجلس الاعلى للتعاون المشترك بين البلدين و التي توجت بالتوقيع على الاعلان المشترك لاجتماع هذا المجلس.
إقرأ ايضا: حجم الاتفاقيات الجزائرية-التركية الموقعة يدل على وجود تنسيق وتبادل في كل القطاعات
كما تم التوقيع على 16 اتفاقية تعاون و مذكرة تفاهم ثنائية في قطاعات الطاقة و المناجم و المالية والتجارة و الصناعة والاعلام و الاتصال و الأشغال العمومية و الصيد البحري و العلوم والتكنولوجيا و الابتكار والمؤسسات المصغرة و الخدمات الاجتماعية و التكوين المهني و الثقافة و التربية و التعليم والبيئة و كذا مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
== اعتراف بجهود الرئيس تبون في تعزيز التعاون الثنائي==
و من بين المحطات التي وقف عندها الرئيس تبون بالعاصمة التركية ضريح مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك و المتحف المخصص للوثائق والأغراض الشخصية للرئيس الراحل.
و بمدينة اسطنبول، التي كانت اليوم الثلاثاء آخر محطة من زيارته، تقلد الرئيس تبون درجة الدكتوراه الفخرية في العلاقات الدولية، من جامعة اسطنبول، أكبر و أعرق الجامعات التركية- التي تحتل المرتبة الثالثة في الوجهات العلمية التي يختارها الطلاب الجزائريون- و ذلك “تقديرا لجهوده في تعزيز التعاون الدولي و جهوده من أجل احترام قيم الديمقراطية و تعزيز العلاقات العريقة بين الجزائر وتركيا”.
و عبر رئيس الجمهورية عن امتنانه لهذا التكريم معربا عن أمله في أن يتعزز التعاون بين جامعات البلدين، لاسيما من خلال عمليات التوأمة.
إقرأ أيضا: تقليد الرئيس تبون درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة اسطنبول
و بالمناسبة، حيا نائب الرئيس التركي، فؤاد أوكتاي، “التطور الملحوظ جدا” الذي عرفته العلاقات الجزائرية و التركية مؤخرا “بفضل الدور البارز” للرئيس تبون، معتبرا، في سياق آخر، أن العلاقات الثنائية “تمر بمرحلة جديدة” بفضل المجهودات المبذولة من الطرفين لتعزيز التعاون في كل المجالات في اطار”الشراكة الاستراتيجية المستمرة”.
و بعد لقاء جمعه برجال أعمال جزائريين و أتراك، أشرف الرئيس تبون بإسطنبول على انطلاق أشغال منتدى الأعمال و الاستثمار الجزائري-التركي، الذي سجل مشاركة 300 متعامل اقتصادي من البلدين، حيث دعا رجال الأعمال الاتراك الى المزيد من الاستثمار في الجزائر، خاصة و أن الاتفاقيات الموقعة أمس الاثنين تعد “اضافة و ركيزة صلبة” لدفع التعاون الاقتصادي، الى جانب المصادقة قريبا على قانون الاستثمار، الذي سيكون، يضيف السيد تبون،”مواتيا للمستثمرين و يفتح الافاق ويوفر الحماية لهم”.
وكان الرئيس تبون قد حل بأنقرة اول امس الاحد في زيارة دولة دامت ثلاثة أيام، بدعوة من الرئيس التركي، قبل أن يغادر تركيا عائدا الى أرض الوطن مساء اليوم الثلاثاء.