شبكة طريق الحرير الإخبارية/ CGTN/
بقلم الدكتور روبرت لورانس كون، الحائز على وسام الصداقة للإصلاح الصيني
إن الديمقراطية الشعبية الكاملة العملية في الصين تعتبر كلمة غامضة بالنسبة للغربيين، الذين يفترضون أن النظام السياسي في البلاد، الذي لا يضم أحزابا متعددة ولا انتخابات عامة، من غير الممكن أن يكون ديمقراطياً بأي حال من الأحوال.
ومع ذلك، فعندما شرح الرئيس الصيني شي جين بينغ هدف الصين المئوي الثاني المتمثل في بناء “دولة اشتراكية حديثة” بحلول عام 2049، أستخدم ست صفات أساسية وهي: ــ مزدهرة وقوية وديمقراطية ومتقدمة ثقافيا ومتناغمة وجميلة وكانت الصفة الثالثة هي “ديمقراطية”. وقال الرئيس شي إن الديمقراطية هي قيمة مشتركة للبشرية جمعاء وهي عقيدة أساسية يلتزم بها الحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني في حل المشكلات.
ويدعو الحزب إلى توسيع المشاركة السياسية المنظمة للشعب، وتعزيز حماية حقوق الإنسان وسيادة القانون، وضمان تمتع الشعب بحقوق وحريات واسعة وفقا للقانون.
وتنطوي الديمقراطية في النظام الذي يقوده الحزب على استيعاب الرأي العام من خلال آليات ردود الفعل، مثل استطلاعات الرأي، للتعرف على رأي الشعب في السياسات الجديدة المقترحة، وهي العملية التي يطلق عليها الحزب تجميع حكمة الشعب. وعلى الرغم من عدم وجود انتخابات بالمعنى الغربي، إلا أن هناك قدرا كبيرا من المشاركة مع مختلف الدوائر الانتخابية.
ومن أجل تعزيز الديمقراطية الشعبية الكاملة العملية، تدعم الصين نظام مجلس نواب الشعب وتحسنه لممارسة سلطتها الرقابية بشكل صحيح وفعال. علاوة على ذلك، فإن تقارير عمل قيادة الحزب في مؤتمرات الحزب كل خمس سنوات، وتقارير عمل الحكومة في المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني كل عام، تعكس قدرا كبيرا من المدخلات والاقتراحات من جميع المسؤولين والخبراء والدوائر الانتخابية ذات الصلة.
وبالنسبة لأولئك الأجانب الذين يتعجبون من الكيفية التي فازت بها الصين في حرب القضاء على الفقر المدقع، فإنني أشير إلى أن الجذر المشترك هو قيادة الحزب الشيوعي الصيني وقدرته التنظيمية. لقد أتيت إلى الصين منذ أكثر من 30 عاما. وسافرت عبر الصين، وقمت بزيارة أكثر من 100 مدينة. ومع ذلك، فبقدر ما كنت أعتقد أنني أعرف الصين، لم أكن أقدر كل ما هو مطلوب لتخفيف حدة الفقر إلى أن قمت بزيارة المناطق الفقيرة، وخاصة القرى الجبلية النائية وتحدثت مع القرويين الفقراء.
وفي عام 2013، اقترحت الصين مفهوم التخفيف المستهدف من الفقر. “المستهدف” يعني الإجراءات الموحدة والبرامج الفردية لإخراج كل أسرة فقيرة من الفقر. وتقوم المستويات الخمسة للمقاطعة والمدينة والمحافظة والبلدة والقرية من أمناء الحزب المحليين بتنسيق أدوارهم، ويتم إجراء التقييمات من الطرف الثالث بشكل منتظم وعشوائي لضمان الدقة والصدق.
وأذهلني عندما اكتشفت أن كل أسرة فقيرة في الصين لديها ملف خاص بها – أي ملايين الأسر الفقيرة، ولكل منها خطتها المخصصة التي يتم فحصها كل شهر ورقمنتها للتجميع والتحليل المركزي. ومن المذهل بنفس القدر أن يتم إرسال المسؤولين المحليين إلى القرى الفقيرة لإدارة جهود تخفيف الفقر، لمدة عامين أو أكثر في بعض الأحيان.
ويتساءل أصدقائي في الصين: لماذا يسيء العالم فهم الحزب؟
أعتقد أن المشكلة دلالية جزئيا، لأنه في الأنظمة السياسية الديمقراطية تعني الكلمة الإنجليزية “حزب” حزبا سياسيا يتنافس في انتخابات حرة ومفتوحة متعددة الأحزاب. إذا لم يشارك الحزب الحاكم في انتخابات حرة ومفتوحة متعددة الأحزاب، يعتبر هذا النظام السياسي غير ديمقراطي.
وهذه الصورة تسيء رسم النظام الصيني، الذي تأسس على مبدأ مختلف، حيث الحزب هو المنظمة الحاكمة، وليس حزبا سياسيا منافسا. إنه حزب يتكون من نخب مكرسة من كافة قطاعات المجتمع، ويتكون من حوالي 7% من سكان الصين، ولكنه مكلف بتمثيل المصالح الأساسية لجميع سكانها. كيومن ثم فإن الحزب باعتباره الحزب الحاكم ليس معادلا للحزب السياسي الحاكم في الأنظمة الغربية، حيث لا تمثل الأحزاب السياسية سوى مجموعة معينة من الناخبين وهي مقيدة بالدورات الانتخابية.
ولهذا السبب، فإن الحزب الشيوعي الصيني لديه التزام أعلى وأوسع نطاقا بتحسين مستويات المعيشة والرفاهية الشخصية لجميع المواطنين الصينيين. ويشمل ذلك الإصلاحات وسيادة القانون والشفافية في الحكومة والمشاركة العامة في الحكم وزيادة الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان.
هذه تحديات حقيقية. إن المقايضات موجودة في جميع الأنظمة السياسية وفي جميع الأحزاب السياسية. وفي تحقيق الأهداف الوطنية مثل القضاء على الفقر، فإن النظام السياسي الصيني تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني يتمتع بمزايا. ومع ذلك، فهو ليس المعيار الوحيد لتقييم الأنظمة. ولهذا السبب، تحتاج الصين إلى مواصلة الإصلاح والانفتاح وتحسين نظامها السياسي.
وبالنسبة للصين، فإن تخفيف حدة الفقر يشكل مثالا لحقوق الإنسان. وبالنسبة للحزب، فإن تطوير الديمقراطية والحكم يمثل مهمة وتحديا في الوقت نفسه.
*ملاحظة المحرر: يعكس هذا المقال وجهة نظر الكاتب، ولا يعكس بالضرورة رأي قناة CGTN العربية.