CGTN العربية/

ملاحظة المحرر: ماتيو جيوفانيني هو خبير مالي في البنك الصناعي والتجاري الصيني في العاصمة الصينية بكين وعضو في فريق الصين في وزارة التنمية الاقتصادية الإيطالية. تعكس المقالة وجهة نظر كاتبها، وليس بالضرورة وجهة نظر شبكة سي جي تي إن العربية.

أدى الوباء والارتفاع المستمر لمستوى عدم اليقين العالمي الناتج عن جائحة كوفيد-19 إلى تسريع وتيرة الابتكارات في مجالات متعددة مثل العمل الذكي والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والجيل الخامس وإنترنت الأشياء، كما أثار الاهتمام بالدور المحوري للصين كقوة ابتكارية وأهمية طريق الحرير الرقمي – “الجانب الرقمي” من مبادرة الحزام والطريق.

من مشروعها الأصلي الذي تبلغ تكلفته 200 مليار دولار أمريكي لتوسيع البنية التحتية الرقمية التي تركز على بناء البنية التحتية للإنترنت، وتكثيف التعاون في الفضاء وتطوير معايير التكنولوجيا المشتركة لدول الحزام والطريق، زادت أهمية طريق الحرير الرقمي بشكل كبير منذ اندلاع جائحة كوفيد-19 مما أدى إلى تسارع وتيرة التطوير التي قد تكون أهم عنصر في مبادرة الحزام والطريق.

ساهمت المعركة ضد كوفيد-19 بلا شك في رفع مستوى أهمية طريق الحرير الرقمي، بينما قللت من أهمية “الحزام والطريق” اللذان تعتمد أنشطتهما التجارية بشكل أساسي على التفاعلات البشرية، ووفرت بديل أفضل للتبادل والتعاون بين البلدان والثقافات من خلال معالجة فجوة البنية التحتية التكنولوجية من خلال الاعتماد على الابتكارات التي تحد من آثار الوباء

في قلب هذا التغيير لنموذج مبادرة الحزام والطريق نجاح الصين في تحويل نفسها إلى مجتمع رقمي من خلال الاعتماد على مجموعة من السياسات المركزية للانتشار الشامل للابتكار الرقمي على الصعيد الوطني وكمية البيانات الضخمة المتاحة في التكنولوجيا الفائقة، والنسبة العالية من استخدام الهواتف الذكية، والتعاون القوي من الصينيين كمستخدمين نهائيين.

كل هذه العوامل جعلت من الصين أكبر تجربة رقمية في تاريخ البشرية، وعززت التنمية عالية الجودة من خلال دمج الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الحقيقي في نموذج أعمال يتم دراسته الآن على نطاق واسع من قبل دول أخرى.

علاوة على ذلك، فخلال مواجهة الوباء، أوضحت التجربة الصينية الشهيرة لاحتواء فيروس كورونا من خلال نهج قائم على التطبيق لتتبع انتشار المرض أهمية البيانات باعتبارها “النفط الجديد” في القرن الحادي والعشرين وألهمت الدول الأخرى لمحاكاة الصين من خلال تقديم حلول رقمية لتحسين حياة شعوبهم.

أدت المعركة ضد كوفيد-19 إلى تسريع سياسة الصين لتكون دولة “عالمية”، تعتمد على إنشاء البنى التحتية الرقمية، حيث تعمل شركة هواوي وشركة زد تي إي على تطوير شبكات الجيل الخامس بشكل متسارع، وتطوير مراكز البيانات، والخدمات السحابية والمدن الذكية لتطوير الإدارة الوطنية، على سبيل المثال نظام “مركز تفكير مدينة هانغتشو” الذكي للحوكمة الرقمية، وتقدم شركة علي بابا وشركة تينسنت خدمات الدفع الرقمية ويكتسبان قطاع متزايد من حصة السوق بشكل متسارع.

تم مشاركة الخبرات التي اكتسبتها الصين في مختلف القطاعات التكنولوجية مع العديد من دول العالم من خلال مشاريع البنية التحتية في إطار طريق الحرير الرقمي وذلك من خلال توقيع مذكرات تفاهم مع العديد من البلدان، مما زاد من تعزيز الفرصة أمام عمالقة التكنولوجيا الصينية لتوسيع أعمالهم على مستوى العالم وتقديم أنفسهم على أنهم سفراء لشعار “صنع في الصين” في مختلف أنحاء العالم. علي بابا، على سبيل المثال، التي قامت بتطوير نظام “مركز تفكير مدينة هانغتشو” في كوالالمبور في ماليزيا.

يعتمد مستقبل طريق الحرير الرقمي على طبيعة بيئة ريادة الأعمال وبيئة الاقتصاد الصيني المتميزة بالتفكير المستقبلي والدعم القوي الذي توفره الحكومة الصينية.

تعتبر الصين طريق الحرير الرقمي إستراتيجية “رفيعة المستوى”، وتتمثل أهميتها في أنها تجعل من الصين الدولة الوحيدة في العالم التي تجعل الرقمنة سياسة صناعية. وفي الوقت نفسه، فإن الصين قادرة على ضمان الاستمرارية في تطوير الخطط طويلة المدى التي تتطلبها المشاريع المبتكرة.

اعتبر الكثيرون أن تنمية الصين على مدى السنوات الأربعين الماضية معجزة اقتصادية، حيث تحولت من الاقتصاد الزراعي إلى اقتصاد يعتمد على التصدير منخفض السعر ومن اقتصاد الإنترنت عبر الهاتف المحمول إلى الاقتصاد الرقمي في شكله الحالي.

سيدون التاريخ مواجهة العالم لكوفيد-19 كحدث أدى إلى الاعتماد العالمي واسع النطاق على الابتكارات وأنها كانت شعلة بداية ثورة الاقتصاد الرقمي مع الصين في مركزها.