شبكة طريق الحرير الإخبارية/
الدبلوماسية الصينية وصعود عالم متعدد الأقطاب
بقلم دكتورة كريمة الحفناوى.
*كاتبة مصرية، عضو الاتحاد الدولى للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب أصدقاء وحلفاء الصين.
يتابع العالم باهتمام شديد الاتفاق السعودى الإيرانى الذى تم الإعلان عنه فى العاشر من مارس 2023، من خلال البيان الثلاثى المشترك للسعودية والصين وإيران، ونص الاتفاق على استئناف العلاقات الدبوماسية، بين المملكة العربية السعودية، وجمهورية إيران الإسلامية، مع إعادة فتح السفارات فى غضون شهرين، من أجل تخفيف حدة التوتر فى المنطقة وتعزيز دعائم الاستقرار والحفاظ على مقدرات الأمن القومى العربى، وتطلعات شعوب المنطقة فى الرخاء والتنمية والاستقرار، والاتفاق على حل الخلافات بينهما من خلال الحوار والدبلوماسية فى إطار الروابط الأخوية، مع تفعيل اتفاقية التعاون فى مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والشباب الموقَّعة بينهما عام 1998.كما تضمن الاتفاق السعودى الإيرانى التأكيد على احترام سيادة الدول، وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمنى بينهما الموقَّعة فى عام 2001.
لقد جرت المباحثات فى الصين بمبادرة الرئيس الصينى شى جين بينج لتطوير حسن الجوار بين السعودية وإيران، فى الفترة 6 إلى 10 مارس الحالى بين وفدى الجانبين برئاسة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى على شمخانى، ومستشار الأمن الوطنى السعودى الوزير مساعد بن محمد العيبان وبحضور وزير الخارجية الصينى. وأعربت الدول الثلاث على حرصهما على بذل كافة الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمى والدولى.
ورحب عدد كبير من دول العالم بالاتفاق، ورحبت الأمم المتحدة أيضا بالاتفاق ووصفته بالخطوة البناءة.
إن هذه الخطوة تؤكد نجاح الدبلوماسية الصينية التى تقوم على دعم السلام العالمى ونجاح مبادرة الرئيس شى جين بينج لإقامة العلاقات بين الدول على أساس المنفعة المتبادلة والمصير والمشترك واحترام سيادة الدول، كما أنها تساهم فى إنها الحرب على اليمن التى أدت إلى معاناة الشعب اليمنى، وتؤدى للاستقرار فى المنطقة العربية من أجل التنمية لخير الشعوب.
كما أن من نتائج هذه الاتفاقية إنهاء ماسعت إليه كل من الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيونى إلى تكوين “حلف ناتو عربى إسرائيلى” فى مواجهة إيران لاستمراراستنزاف ثروات المنطقة فى الصراعات والحروب،
ويمهد أيضا الاتفاق الإيرانى السعودى لخروج الدول العربية من التبعية لهيمنة أمريكا وسياساتها النيو ليبرالية التى ساعدت على زيادة الفجوة الطبقية بين قلة من الأغنياء وغالبية من الفقراء داخل دول العالم الثالث، بجانب نهب الثروات وإفقار هذه الدول.
كما تؤكد هذه الاتفاقية على نجاح الصين كقطب مؤثر عالميا فى إطار العلاقات الدبلوماسية والسياسية الدولية، وعلى بزوغ عالم متعدد الأقطاب على المستوى الاقتصادى والاستراتيجى العسكرى، وإنهاء حقبة القطب الواحد الذى شغلته الولايات المتحدة الأمريكية بعد انهيار الاتحاد السوفيتى فى نهاية تسعينات القرن الماضى.
ويؤكد على مكانة الصين وتأثيرها العالمى أيضا ماجاء فى خطاب وزير الخارجية الصينى الجديد تشين جانج فى أول مؤتمرصحفى له منذ توليه المنصب على هامش المؤتمر الوطنى لنواب الشعب عام 2023، حيث قال “تتمسك الصين بسياستها الخارجية السلمية المستقلة المبنية على الانفتاح على دول العالم مع التمسك بالمنفعة المتبادلة والمصير المشترك وحل الأزمات والصراعات بشكل سلمى مما يساهم فى التنمية العالمية”.
وفى فقرة أخرى من خطابه قال وزير خارجية الصين “نرفض سياسة القوة ونرفض عقلية الحرب الباردة والمواجهة بين المعسكرات، والقمع والاحتواء، والعقوبات أحادية الجانب، ونحافظ على سيادة البلاد وأمنها ومصالحها التنموية، ولا نرضى بالحروب أوالاستعمار أو النهب، بل نلتزم بالسلام والتنمية والكسب المشترك”.
إن الشعوب فى منطقتنا العربية من مصلحتها تعزيز التعاون مع الصين ومع كل الدول على أساس المصلحة المشتركة ومن مصلحتها عالم متعدد الأقطاب وإنهاء سيطرة القطب الأمريكى الواحد الذى أدت سياساته الاستعمارية والرأسمالية المتوحشة إلى إفقار الدول والشعوب.