CGTN العربية/
ما زالت الصين تبذل أقصى جهودها لتحقيق القضاء على الفقر نهاية عام 2020. في ديسمبر العام الماضي، ألحق تفشي فيروس كورونا الجديد في الصين ضررا كبيرا في الأنشطة الصناعية خلال الربع الأول، الأمر الذي جلب أيضا تحديات غير مسبوقة لأعمال التخلص من الفقر في الصين.
إن إجراءات احتواء الفيروس حظرت تجول الأشخاص ونقل البضائع، مما يؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد وتجارة المنتجات الزراعية. ومع ذلك، فقد حفزت هذه الصعوبات طرق النمو الجديدة أيضا، والتي جلبتها التكنولوجيا الرقمية بشكل أساسي مثل الإنترنت، والحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، وسلسلة الكتل.
التخلص من الفقر عن طريق البث المباشر
عانى المزارعون في مدينة ميخكو بمقاطعة جيلين شمال شرقي الصين من تأثير الفيروس. وأخبرنا عمدة المدينة أن الوباء يؤخر المزارعين عن الزراعة الربيعية، ويتأخر المزارعون المهاجرون عن العودة إلى العمل، ويتأثر نقل المنتجات الزراعية به، مما أدى إلى زيادة أسعار المستهلكين وانخفاص الدخل لصاحب المزرعة الصغيرة.
مواجهة التأثيرات السلبية في المنطقة الريفية، أجرى عمدة المدينة تسوي يان لي بثا مباشرا لأول مرة في الأسبوع الماضي في منصة التسوق الصينية “بيندوهدوه” لترويج المنتجات الزراعية مثل الأرز والفطر.
في اليوم الأول، جذب تسوي 1.28 مليون مشاهد وباع 44 طنا من الأرز وحوالي 10 آلاف طلب من المكرونات الباردة والمنتجات الزراعية الأخرى. ويبلغ إجمالي المبيعات على “بيندوهدوه” وحده أكثر من مليون يوان.
ليس تسوي عمدة المدينة الوحيد الذي يجري البث المباشر لترويج المنتجات الزراعية المحلية. يتطلع عدد متزايد من رؤساء البلديات والمحافظات والقرى نحو المنصات عبر الإنترنت لتجديد الاقتصاد المحلي في الصين، وتظهر منصات التجارة الإلكترونية اهتماما متزايدا بالتجارة الريفية.
قال تسوي لـCGTN إن “الحكومة اتخذت سلسلة من الإجراءات لمساعدة المزارعين في التخلص من الفقر خاصة عن طريق تعزيز التعاون مع منصة التجارة الإلكترونية ومنصة الفيديو القصيرة مثل تيك توك”، مضيفا “المزيد من مسؤولي المحافظة والقرية سينضمون قريبا إلى منصة البث المباشر، ويخططون للبث المباشر 30 مرة على الأقل سنويا لترويج المنتجات الزراعية المحلية”.
تعاونت “بيندوهدوه” التي تعتبر من أكبر المنصات للتجارة الإلكترونية في الصين من حيث أحجام المبيعات، مع نحو مائة رئيس محافظة لبيع المنتجات الزراعية المحلية من خلال البث المباشر منذ فبراير. إنه جزء كبير من جهودهم لتعزيز نموذج الوصول إلى المستهلك بشكل مباشر، واستبعاد الوسطاء في سلسلة التوريد وفي الوقت نفسه المساعدة في التخلص من الفقر في المناطق الريفية في الصين.
حتى يوم 20 أبريل الماضي، كان يعقد نحو 50 بثا مباشرا وتم بيع أكثر من 600 مليون كيلوغرام من المنتجات الزراعية من نحو 400 منطقة ريفية، بما في ذلك أكثر من 230 محافظة فقيرة على المستوى الوطني، حيث استفاد منها أكثر من 180 ألف مزارع والشركات الصغيرة التي تأثرت بالفيروس.
قال دي لا كه، نائب مدير معهد البحوث الزراعية والريفية الجديدة لمنصة “بيندوهدوه” “إن المنصة التقليدية للتجارة الإلكترونية تشبه غوغل إلى حد كبير، حيث يحتاج المستهلكون إلى البحث عن المنتجات. بيندوهدوه تشبه إلى حد كبير فيسبوك، حيث تروج المنتجات لمستهلكينا بناء على التفضيلات الشخصية على مساعدة تقنية الذكاء الاصطناعي”.
عادة لا يمكن للفواكه والخضروات والمنتجات الزراعية الأخرى للشركات الصغيرة الحصول على نسبة عالية من العرض على منصات التجارة الإلكترونية التقليدية لأن الربح المنخفض يحد من قدرتها على استثمار الأموال في الإعلان عبر الإنترنت.
بالإضافة إلى “بيندوهدوه”، يستفيد تجار التجزئة للتجارة الإلكترونية مثل “جيه.دي” و”تاوباو” التابعة لشركة علي بابا من البث المباشر والذكاء الاصطناعي وسلسلة الكتل لترويج المنتجات الزراعية على منصاتهم والتدريب على مذيعي الإنترنت وتعزيز نظام اللوجستيات المحلي وتوحيد معايير الإنتاج الزراعية في المناطق الريفية. تظهر البيانات الصادرة من معهد علي بابا أن حجم المبيعات عبر الإنترنت للمحافظات الفقيرة على المستوى الوطني على جميع منصات علي بابا تجاوزت 63 مليار يوان في عام 2018، ودفعت ظهور المزارعين المشاهير والمنتجات الزراعية المعروفة، بما في ذلك شراب الكمثرى (لإغاثة السعال) في مقاطعة آنهوي، البرتقال في مقاطعة جيانغشي والأرز في منطقة منغوليا الداخلية ذاتية الحكم.
تهدف تاوباو الريفية، وهي فرع من تاوباو تأسست في عام 2014، إلى تحسين إمكانية الوصول إلى المنتجات في المناطق الريفية من خلال المساعدة في بناء البنية التحتية وتعزيز نظام اللوجستيات. لقد أصبحت دافعا قويا للحكومات المحلية للتخلص من الفقر. غطت شبكتها اللوجستية أكثر من 30 ألف قرية من 212 قرية أولية في عام 2018.
البنية التحتية الرقمية وراء الازدهار
ليس من قبيل الصدفة لهذا الاتجاه. استثمرت الصين في البنية التحتية الرقمية على الصعيد الوطني بالاستمرار. في عام 2018، أعلنت وزارة الصناعة والمعلوماتية في الصين عن خطة لتغطية 98% من المناطق الفقيرة بالإنترنت بحلول عام 2020. وقد حققت الهدف في أغسطس عام 2019.
حتى مارس الماضي، وصل عدد مستخدمي الإنترنت في الصين إلى 904 ملايين، بزيادة 8% مقارنة بشهر ديسمبر الماضي. وتظهر الإحصائيات أنه لا يوجد فرق لسرعات الإنترنت بين المناطق الحضرية والريفية.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل الصين على تعزيز بناء “بنية تحتية جديدة” بنشاط، بما في ذلك تقنية الجيل الخامس للاتصالات، والبيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي، وسلسلة الكتل، والبنية التحتية التي يدعمها التطبيق من هذه التقنيات، بهدف الترقية الصناعية، وتعزيز دافع النمو الجديد، وخلق المزيد من فرص العمل مما يسد الاحتياجات الحالية وخدمة المصالح على المدى الطويل.