إذاعة الصين الدولية أونلاين*
نشرت صحيفة الجارديان البريطانية مؤخرا مقالا أشارت فيه بلهجة ساخرة إلى أنّ وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو هو شخص متملق لأنّه أدلى تصريحات لا تعبر عما في داخله في مؤتمر ميونيخ للأمن الذي عقد مؤخرا حيث قال إنّ “هناك مبالغة كبيرة في موت التحالف الأطلسي وان العالم الغربي في الوقت الحالي يحقق انتصارا ونحن نحقق انتصارا جماعيا.”
ويرى مقال صحيفة الجارديان البريطانية هذه أنّ الولايات المتحدة وبريطانيا لا تحققان انتصارا جماعيا فحسب بل تتباعدان عن بعضهما البعض وأنّ اختلاف المواقف تجاه قضية تقنية الاتصال للجيل الخامس لشركة هواوي يعد انشقاقا جديدا بين هذين الحليفين الحميمين حيث كشف المقال أنّ لقاء القادة الأمريكيين والبريطانيين المقرر عقده في بداية الشهر المقبل قد تمّ إلغاؤه .
وقد صادقت بريطانيا على مشاركة شركة هواوي في بناء تقنية الاتصال للجيل الخامس بحيث أثبت أمن التقنيات المعنية وكذلك نية بريطانيا القوية لمواصلة التعاون مع الصين ولكن واشنطن تعمل عكس ذلك ولا تعيق التعاون مع الصناعات العالية التكنولوجية الصينية فحسب بل وتجبر الدول الأخرى على متابعتها على حساب مصالح هذه الدول .
من أجل تحقيق “الولايات المتحدة أولا” وجه عصا أحادية واشنطن باستمرار إلى شركائها التجاريين في أوروبا، وفي يوم افتتاح هذه الدورة من مؤتمر ميونيخ للأمن أصدر مكتب ممثلي التجارة الأمريكي بيانا قرر فيه رفع التعريفات الجمركية لطائرات المدنية الكبيرة المستوردة من الاتحاد الأوروبي إلى 15 بالمئة، وفي أكتوبر من العام الماضي قد فرضت الولايات المتحدة 25 بالمئة من التعريفات الجمركية على بعض منتجات الاتحاد الأوروبي بما فيها المنتجات الزراعية.
وتواصل الولايات المحدة قهر الاتحاد الأوروبي من الناحية السياسية، حيث أجاز مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون أمن الطاقة والتعددية في أوروبا في ديسمبر العام الماضي بهدف تأييد مشروعات الطاقة الأمريكية في شرقي أوروبا، وفي نفس الشهر وقع الرئيس الأمريكي قانون التفويض الدفاعي لعام 2020 الميزاني ، وفرض عقوبات على الشركات الروسية والألمانية المشاركة في مشروع أنابيب الغاز الطبيعي “نورث ستريم 2” وفعلت الولايات المتحدة هذا من أجل تخفيف سلطان الاتحاد الأوروبي على أعضائه لوضع أنظمة استيراد الطاقة.
وفي قضية الأمن، تتجاهل الولايات المتحدة المصالح الأوروبية ايضا. ففي فبراير العام الماضي، انسحبت الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ المتوسطة المدى بحجة عدم التزام روسيا بواجبات المعاهدة. وقبل أكثر من 30 سنة، كان التوقيع على هذه المعاهدة يعد إزالة للظلم النووي على القارة الأوروبية. وحاليا، لم يدمر انسحاب واشنطن من المعاهدة حاجز الوقاية من منافسات التسليح النووي فحسب، بل يؤلم عصب الدول الأوروبية أيضا. وبالنسبة للدورة الحالية للحكومة الأمريكية فهي تشعر بأن العالم كله يستغلها لذا فهي تنتهج قانون الغاب ، و تحاول إقامة مايسمى بالنظام السياسي الاقتصادي الدولي، من خلال هذه الإجراءات الأحادية.
في عملية صياغة وتنفيذ السياسات ذات الصلة للولايات المتحدة ،أدى بومبو دورا مهما، لقد احتل وزير الخارجية هذا وسائل الإعلام بخطاب مليء بعقلية الحرب الباردة بدلاً من الإنجازات الدبلوماسية. تحت وباء الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد ، لم يدافع بومبيو عن النزعات العنصرية للمقالات في صحيفة وول ستريت جورنال فحسب ، بل استخدم الوباء “لضرب” الصين وقذف التدابير المضادة المشروعة للصين ضد الصحيفة. بالطبع ، فإن عبارة “نحن نكذب ونخدع ونسرق” التي أطلقها بومبيو في خطاب له ، أظهرت أيضًا صدقًا نادرًا.
قد يتردد بعض السياسيين الأمريكيين المحافظين في الاعتراف بأن الافتراء الذي لا أساس له والاستيلاء على الثروة المادية بشكل غير صحيح لن يخفف بشكل أساسي من التناقضات الأساسية التي يواجهها المجتمع الأمريكي ، بانتهاجه أساليب السيطرة على رأس المال ، والتمايز الاجتماعي ، والفجوة المتسعة بين الأغنياء والفقراء. فعلى العكس من ذلك فإن سلوك القوى العظمى لم يؤد فقط إلى زيادة تكلفة نظام عمل المجتمع الدولي ، بل انسحب على مصداقيتها بشكل خطير.