CGTN العربية/

أعلنت وسائل الإعلام الأميركية السبت الماضي، فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالانتخابات الأميركية. كما قال بايدن في تغريدة له على “تويتر” إنه سيكون رئيسا لكل الأمريكيين، لمن صوت أو لم يصوت له. من المؤكد أن الفوز بالمعركة الانتخابية جعل بايدن والحزب الديمقراطي يشعرون بنشوة الانتصار، لكن بايدن يعلم جيدا أنه مقدم على مهمة مليئة بالتحديات.

أولا، ترامب لا يعتزم الاعتراف بالهزيمة ومستعد لخوض معركة قانونية

أعلنت وسائل الإعلام الأميركية فوز بايدن وهنأ قادة دول مختلفة بايدن بالفوز، لكن ترامب قال عبر حسابه على تويتر إنه فاز بالانتخابات الأميركية وحصل على أكثر من 71 مليون صوت صحيح. وفقا لوكالة رويترز للأنباء، طلبت حملة ترامب والجمهوريون مساعدة من المانحين، على أمل جمع 60 مليون دولار على الأقل لخوض معركة قانونية. كما هدد ترامب برفع الأمر إلى المحكمة الفيدرالية العليا.

ومع ذلك، وفقا لتقارير وسائل الإعلام الأمريكية، لا يوجد لدى حملة ترامب دليل يثبت وجود مشكلة أو تزوير واسع النطاق في أعمال فرز الأصوات في الوقت الراهن. لذا، تعتبر هذه المعركة القانونية تحديا سهلا نسبيا، بالنسبة لبايدن.

ثانيا، مؤيدون من كلا الجانبين يتوجهون إلى الشوارع لإثارة النزاعات

أرسل فريق حملة ترامب الملايين من رسائل البريد الإلكتروني والرسائل القصيرة إلى مؤيديه، تنص على أن نتائج الانتخابات قد سرقها بايدن. بعد أن أعلنت وسائل الإعلام الأمريكية فوز بايدن بالانتخابات الأميركية، قام أنصار ترامب باحتجاجات في عواصم العديد من الولايات، رافضين قبول الهزيمة، بدعوى فوز الديمقراطيين بالانتخابات عن طريق التزوير.

لم تتوقف الاحتجاجات تماما بعد انتهاء الانتخابات. حيث إن المعسكر الجمهوري يتهم المعسكر الديمقراطي بمحاولة “سرقة ثمار الانتخابات”، أما المعسكر الديمقراطي، فيتهم المعسكر الجمهوري بمحاولة “تخريب الانتخابات” …

إذا خرج الوضع عن السيطرة وتطور إلى أعمال شغب سيمثل ذلك مشكلة كبيرة بالنسبة لبايدن. على كل حال، سيبقى ترامب في البيت الأبيض حتى 20 يناير 2021، وسوف تشهد السحابة السوداء التي تغطي سماء البيض الأبيض انتقال للسلطة بين الجانبين وسط حالة من عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية.

ثالثا، هناك صعوبات في رأب الانقسامات التي يعاني منها المجتمع الأمريكي

والأهم أن هذه الانتخابات لم تفشل في تحقيق وحدة الولايات المتحدة فحسب، بل وعمقت انقسام المجتمع الأمريكي. قالت صحيفة “الجارديان” البريطانية إنه بغض النظر عمن سيفوز بالانتخابات الرئاسية هذا العام، فإن الولايات المتحدة ستظل دولة منقسمة بشدة. وذكرت صحيفة “ماينيتشي شيمبون” اليابانية أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي اكتنفها مثل هذه الفوضى والانقسام لم يسبق لها مثيل، وحقيقة الولايات المتحدة، التي كانت دائما “كتابا للديمقراطية”، صادمة حقا.

يمكن أن نرى من خلال هذه الانتخابات أن معظم أنصار بايدن هم من الليبراليين الذين يعيشون في المدن الكبرى، بما في ذلك الشبان وأبناء الطبقة المتوسطة المثقفة وجزء كبير من “غير البيض”؛ أما أنصار ترامب فمعظمهم من البيض أبناء الطبقة المتوسطة أو الطبقة الدنيا الذين يعيشون في الضواحي والقرى. حيث إن أفكارهم معارضة بشدة وخلافاتهم غير قابلة للتوفيق، لذا فكل من ترامب وبايدن يستطيعان قيادة نصف الولايات المتحدة فقط. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الناخبين الذين صوتوا لصالح بايدن، وكان الدافع الحقيقي لذلك هو معارضة ترامب.

ما يكمن بين المعسكرين ليس صدعا بل فجوة ضخمة. إن كيفية رأب هذه الفجوة الضخمة وكيفية سدها يبدو أمرا ليس بالسهل.

رابعا، مهمة شاقة لتنمية الاقتصاد والسيطرة على جائحة فيروس كورونا الجديد

لا تزال جائحة فيروس كورونا الجديد تنتشر في الولايات المتحدة، حيث يقترب عدد الإصابات المؤكدة بـ “كوفيد-19” من 10 ملايين شخص مع تجاوز عدد الوفيات 240 ألف شخص، وهو الأعلى عالميا. المصائب لا تأتي فرادة .. حذر كبير الاقتصاديين في تحليلات موديز يوم الجمعة الماضي من أنه وبسبب الانتشار السريع لفيروس كورونا الجديد في الولايات المتحدة ونقص تدابير الدعم المالي الإضافية، قد يتراجع الاقتصاد الأمريكي الذي أظهر بعض علامات الانتعاش، مرة أخرى. في مواجهة هذه القضايا الشائكة، حتى ولو نجح بايدن في دخول البيت الأبيض، فإنه لا يزال بحاجة إلى اتخاذ سياسات جديدة سريعا للتعامل مع جائحة كورونا وتطوير الاقتصاد.

المشكلة الحقيقية التي ستواجه هي أن الكونغرس المنقسم سيزيد من صعوبة إدارته. لا يمكن للنزاعات “عميقة الجذور” بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري إلا أن تتفاقم وسط البيئة السياسية الحالية، وستكون قدرة بايدن على الحكم في المستقبل مقيدة بشكل كبير.

على الرغم من احتفال أنصار بايدن بالفوز، بالنسبة لبايدن، وفي مواجهة المعارك الصعبة المقبلة، حان وقت اختبار حكمته.