قبل أكثر من عام ونصف، كان التطبيع مع وباء كورونا الجديد فعلا غير منطقيا. فهذا الوباء الذي غير العالم وحياة الملايين رأسا على عقب، ترك الناس في حالة ذهول وصدمة في البداية. لكن مع مرور أكثر من عام على الجائحة، أصبح التطبيع مع الوباء ضرورة وإن كان قسريا. نمط الحياة المصحوبة بالوباء لم تعد كما هي في السابق. وحياة البشرية حول العالم تغيرت، بما في ذلك الإعلاميون الذين يفكرون ويناقشون كيفية تعزيز التبادلات بين ثقافات دول العالم من خلال التبادلات الإعلامية في عصر التطبيع مع الوباء، من أجل دعوة البشرية جمعاء إلى تنفيذ تعاون اجتماعي واقتصادي وثقافي على أساس الاحترام والتفاهم المتبادل. بالنسبة للإعلاميين، هذه بلا شك جزء من رسالتهم.
سخرت كل من وسائل الإعلام الصينية والعربية جهودها لتقديم المزيد من خطط الحلول للتبادلات الثقافية الدولية في ظل الوباء. ففي مايو 2021، أطلقت CGTN الصينية نشاط “Media Challengers” حيث قامت بتجنيد الأشخاص من جميع أنحاء العالم المهتمين بالتعاون الدولي في مجال الإعلام من أجل تطوير دور أكبر لوسائل الإعلام في التواصل بين الثقافات في عصر التطبيع مع الوباء.
أقيمت الانتخابات العامة من مايو إلى يوليو عام 2021، وتم اختيار أكثر من 200 متحد من جميع أنحاء العالم. واستمرت الدورة الثانية من المسابقة في الفترة من أغسطس إلى سبتمبر، حيث اجتاز ما مجموعه 20 من النخبة الإعلامية الاختبار ووقفوا أمام باب نصف النهائي. وفي مسابقة نصف النهائية، عرض “Media Challengers” مهاراتهم في التقرير المصور ومدونة الفيديو والبث المباشر من خلال البرامج الواقعية، وشارك الفائزون في حفلة “ليلة الذروة” لنهائيات المسابقة في نهاية سبتمبر. يهدف نشاط “Media Challengers” إلى زيادة التبادل والتفاعل بين الإعلاميين من خلال هذا التجنيد العالمي، وبالتالي تعزيز التفاهم المتبادل بين الأشخاص القادمين من خلفيات ثقافية مختلفة. وتؤدي هذه الخطوة إلى إزالة الحواجز في التفاهم، من أجل توفير أساسا متينا من الثقة المتبادلة للتعاون الاقتصادي والثقافي والاجتماعي بين شعوب مختلف البلدان.
على غرار “Media Challengers”، هناك محاولات دعوة من أصوات متنوعة للتواصل والتبادل في العديد من وسائل الإعلام المعروفة عالميا. وخاصة في حالة الوباء العالمي، يتم تحقيق العديد من التبادلات من خلال وسائل الشبكة. في 29 سبتمبر 2021، عقد مخرجون من الأردن والجزائر ومصر إضافة إلى قناة CGTN الصينية، منتدى بعنوان “كيفية تعزيز التبادل الإعلامي الدولي لتعزيز الازدهار الثقافي العالمي في عصر التطبيع مع الوباء”. ناقش المنتدى بشكل رئيسي كيف يجب على الإعلاميين أن ينجزوا رسالتهم في سياق هذه الفترة الخاصة وإضفاء المزيد من الحيوية على السلام والتنمية العالميين.
وفقا للأستاذ مروان موسى سالم، كاتب صحفي وباحث في الشؤون الصينية والأردنية وغيرها، فإنه يعتقد أنه ممكن تعزيز هذا اللقاء وتعزيز هذا التعاون في المستقبل بدعوة وسائل الإعلام والإعلاميين للتأثير على المستمعين والمشاهدين من أجل الاجتماع على مبادئ ومصفوفة واحدة ونتقدم بالاقتراحات التي يمكن أن تجوه البشرية.
أكد أنه ما يسيل في العالم يتطلب منا العمل الإعلامي توعية الناس بما يجري. والصين بكل ما تملكه من الامكانيات المادية والمعنوية المؤهلة لأجل أن تدعو البشرية من خلال الإعلام إلى رؤية واضحة. هناك اتفاقيات ممكن أن نقوم بتوقيعها سويا مع الإعلاميين والوسائل الإعلامية المهمة، وهناك إمكانية تأسيس مثلا موقع شبك أخبار متخصص مهم جدا بهذا المجال أيضا.
وأضاف السيد عبد القادر خليل مدير ورئيس تحرير شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية في الجزائر أننا الآن في وقت أجبرنا فيه على التعايش مع فيروس كورونا الذي هدم المجتمعات وآثر على العمل الإعلامي بشكل عام، فنحن كإعلاميين، لا بد أن نتعايش مع هذا الوباء رغم أنه عدونا، من خلال تعزيز التبادلات الثقافية مع توافر وسائل الإعلام مثل المواقع الإلكترونية مثلا فيسبوك ويوتيوب وانستغرام، فإنه فرصة من أجل تعزيز التبادل واللقاءات مثل هذا اللقاء الذي نقوم به الآن.
وشرح أنه من خلال التواصل، يجب أن تكون اتفاقيات بين وسائل الإعلام لتعزيز التبادلات الافتراضي والكتروني، لكن ذلك لا يمنع أن تكون هناك تبادلات مثل الزيارات، لا بد أن تكون هناك الزيارات والتعرف عن قرب عن الثقافات والتبادلات. ربما كل ما نتفق به افتراضيا، نطبقه واقعيا.
وأشار السيد محمد عبد العظيم أحمد، مخرج بالتليفزيون المصري القناة التعليمية، أنه في الفترة الجارية، نحتاج إلى إنتاج كبير، ممكن إنتاج برنامج مشترك بين الصين وبين كل دول العربية، يقوم به الإعلاميون العرب بالتعاون بين المخرج الصيني والمخرج العربي، والمذيع الصيني مع المذيع العربي، حتى يكون المخرجات بإحساس العربي. إذا يوجد برنامج مشترك كبير بين الدول العربية وبين قناة CGTN، سيكون له برنامج جيد.
وأضاف أن المشروع الأكبر، هو إنشاء قناة تبث من الدول العربية، يكون محتواها الصين والعرب، حول الثقافة الصينية والثقافة العربية وتفاصيل المجتمع الجميلة، تبث من مصر مثلا، سيكون شيئا جميلا، ولكنه حلم كبßير.
وتوافقت أو شياو لان مخرجة ومذيعة من CGTN العربية مع أراء زملائها العرب، وأكدت أن هناك طرق كثيرة أمام الإعلاميين الصينيين والعرب لتعزيز التبادلات الثقافية من خلال التعاون الوثيق بيننا، ويجب للإعلاميين أن يلعبوا دورا أكبر في دعم التعاون الاجتماعي والاقتصادي والثقافي على أساس الاحترام والتفاهم المتبادل.
يمكن القول بأن أهمية التبادل الإعلامي باعتباره قسما هاما من التبادلات الثقافية، يوضح جمال التعددية، وفي حين أنه يجعلنا نتمكن من رؤية جوانب التشابه بين الثقافات بشكل أكثر وضوحا، إلا أن ذلك لا يدل على أن تميزنا سوف يوضع على جانب الطريق، ولكن بواسطة التبادل الإعلامي سوف نستطيع الاحتفال بجوانب اختلافاتنا وأن نستخدم التعرف على ثقافات بعضنا البعض حتى نمضي قدما ونصبح قادة عالميين فعالين
*سي جي تي إن العربية.