*صحيفة الدستور الأردنية/
الأكاديمي مروان سوداح*
لَم يَكن احتلال فلسطين الكنعانية العربية وتأسيس كيان لصوصي على أرضها؛ بعد نهاية الحرب الكونية الثانية كهدية من الحُلفاء الغربيين لقادة الحركة الصهيونية الدولية؛ «مَحض صُدفة» كما يَحلو للبعض أن يُصَّوِر الأمر ليتهرّب من مسؤولياته الإنسانية والقانونية، إنما شَكّل انعكاساً جلياً لطبيعة الصهيونية التوسّعية على مساحة المَعمورة بالقول والفِعل، ولتأكيد اندغامها التام والشامل في طبيعتها وبُيَتِها مع نظام الامبريالية العالمي ومصالِحه الحيوية في المنطقة العربية، وعلى مُفترق الطُرق الدولي للقارات القديمة الثلاث.
كان الكيان الصهيوني وما زال يُمثِل المَخفر الدولي الأمامي لنظام الامبريالية العالمي في المنطقة العربية؛ التي يُسمّيها الغرب التوسعي استضعافاً لها واستكباراً عليها بـِ»الشرق الأوسط من الأرض الأوروبية»؛ ولئلا يَعترف أن منطقتنا كنعانية عربية منذ الأزل، وليَسهل عليه قضمها ثم هضمها، بعد استرقاق الغرب والصهيونية لتاريخها وإدراك جزء من شعوبها، بُغية استعبادها لألف سنة جديدة مناصفة بين عواصم (المتربول الدولي) التقليدية، التي لم تتخل عن طبيعتها وأداتها الصهيونية في منطقتنا الوفيرة بالخيرات والمطمورات، والغزيرة بينابيع حضارتها وثقافتها ورسالات السماء التي تحتضنها، ويُراد لها صهيوغربياً النهاية من خلال تجييرها للصهيونيتين السياسية والدينية وشعارها المشترك «الضفة الغربية لنا والشرقية أيضاً!».
جلالة الملك عبدالله الثاني لم يتوقف يوماً عن مناشدة العالم ضرورة الضغط على الكيان الصهيوني الغاصب، لإجباره على احترام القرارت الدولية التي لم يطبِّق هذا الكيان إي منها، فلم تُجبره الدول الغربية على تطبيقها!، وها هو يَتحدّى العالم أجمع بشعوبه ودولِه وحكوماتِه ورؤسائه
ولا يَحفل بأحد سوى بالمقاومة الفاعلة التي تُعرّي بطلان إدّعاءاته بمحاربة الصهاينة للنازية والفاشية في الحرب العالمية الأخيرة.. حينها استخدمت الصهيونية «الغوييم» ويهود أوروبا الغربية والشرقية طُعْمَاً وطعاماً لتوسّعيّتها وتحالفاتها مع هتلر وموسوليني.
والمُضحك المُبكي هو أن الغرب بقادته ومؤرخيه يَعرفون الحقيقة، لكنه يَتغاضى عنها إمعاناً في مزيدٍ من الاحتلال لاوطاننا وفلسطين أولاً، وما دعوات الغرب والشرق والشمال والجنوب الأرضي للكيان وقادته بضرورة الانسحاب من دولة فلسطين المحتلة (دون اتخاذ أيّة آلية فعلية وواقعية لإرغامه على ذلك)؛ سوى تمريراً فعلياً للمشروع الصهيوني باستكمال عمليته التوسّعية (الجيوبشرية) في الضفة وغور الأُردن، وهو ما يَعني استهزاءً بالأُمتين العربية والإسلامية وشعوب وقوى العالم المُنادية بتفعيل المبادىء الدولية وإحقاق الحق بالقوة حين تعجز الدبلوماسية عن ذلك.
قبل أيام ناشد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته لدولة فلسطين المحتلة، بالحفاظ على هوية الحي المسيحي للبلدة القديمة في القدس، ومنع تحويل ملكية عِقارات بطريركية «الروم» الأرثوذكس المقدسية في باب الخليل إلى جمعية عطيريت كوهانيم الاستعمارية، وقبلها كان بوتين وروسيا يُطالبان بالحفاظ على القدس الشرقية عاصمةً لدولة فلسطين، ويرفضان ضمّها للكيان، مع تأكيد موسكو على الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية وهوية القدس، إلا أن الصهيونية التي لم ولن تُصغي لبوتين، لأنها هي التي أسقطت عن سابق إصرار وتَرصّد طائرة روسية وقتلت عدداً كبيراً من المدنيين والعسكريين الروس الكبار كانوا على متنها، لن تتورع عن إلحاق ضربات جديدة بروسيا على مختلف الصُّعد، وهدفها واحد أحد، وهو الانتقام مِن كل مَن يقف إلى جانب الحقوق الفلسطينية والعربية في كل مكان وزمان.
وهنا أجدني مضطراً للتساؤل: لماذا لا يُوظِّف الغرب قواه المادية الكفيلة بانسحاب الكيان الصهيوني من أراضي الضفة ووقف تهويدها؟! ولماذا لا تُطبَّق العقوبات الدولية سوى على البلدان العربية والإسلامية دون حكومات الإحتلال الصهيوني؟!.
*صحفي وكاتب أردني متابع للشؤون الصهيونية.
شكرا استاذ عبد القادر خليل مدير عام الموقع في الجزائر لمتابعتك المثابرة لمقالاتي وإعادة نشرها بالموقع.. للإفادة الشاملة ضمن الأحداث الحالية/ المأساوية بخاصة.. ما يهمنا هو ان نفضح أمام العالم طبيعة الصهيونية المعادية الإنسانية..
تسقط الصهيونية و كل خدمها في المنطقة و البقاء لفلسطين و النصر للقضية الفلسطينية