تكاد “اليد الخفية السوداء” للإمبريالية الغربية توجد في كل مكان تقريباً وهي تعبث بالأمم وأوطان الناس أينما حلّت وإلى أي مكان ارتحلت، ويتمحور هدفها على تخليق الوهم الذي يقود بدوره إلى اضطرابات فقلب المجتمعات رأساً على عقب، وها هي اليوم تحط الرحال في “هونغ كونغ” بذريعة “مشروع حقوق الإنسان والديمقراطية 2019″، الذي نعق به الكونغرس الأمريكي مؤخراً بمباركة بريطانية، تسعى من خلاله الولايات المتحدة إلى تسميم المعنى وازدراع الفوضى, عبر تدخلها السافر في شؤون الصين الداخلية، ضاربةً بعرض الحائط القوانين الدولية والمعايير الأساسية للعلاقات الأممية.
إنّ خلق الفوضى عموماً، وما يُسمّى بـ”الفوضى الخلاقة” خصوصاً، هو مشروع أمريكي مُتجدّد، وعقيدة راسخة وفكر ممنهج، يَخدم سياسة الهيمنة الأمريكية اللامتناهية، التي تعمل ليلاً ونهاراً على فرض أجنداتها الدولية، وتحقيق مصالحها ورؤيتها على حساب أمن واستقرار الدول؛ عبر فتح الباب أمام عدم الاستقرار وزعزعة الأمن وخلق بيئة خصبة لشذاذ الآفاق والجماعات الإرهابية واستخدامهم كوسيلة لنشر الفوضى.
فالهدف الأمريكي هو تحويل العالم إلى مستعمرات رقمية، يسودها التآكل لا التكامل، وساحة مشحونة بالثَوْرات والصراعات التي لا تنتهي في مبدأ براجماتي عنوانه “رابح – خاسر”، وفي سعيها كذلك إلى طمس المبدأ الصيني الخلاّق والعادل – “رابح للجميع”، لئلا يسود العلاقات بين الدول والشعوب.
و في ضوء ما سبق، يظهر لنا جلياً، أن السيناريو المتوقع والطبيعي في الفكر الأمريكي – البريطاني، هو تصعيد المظاهرات في هونغ كونغ، ونقلها إلى مناطق أخرى في الصين، رغبةً في إيذاء بكين؛ وعرقلة شراكتها مع الكثير من الدول التي قدمت لها الصين مساعدات ضخمة ودعم ثابت، دون أن تتبنى سياسة فوقية إزاءهم، وبعيداً عن المصالح الأحادية الجانب، بل لربطهم بمجتمع المصير المشترك البشري ومبدأ “رابح رابح”، بالإضافة إلى تقويض الحُلم الصيني الذي لا يُعنى بالشعب الصيني وحده بل بشعوب العالم كافة، ومشروع القرن الاقتصادي المُسمّى “الحزام و الطريق” باعتباره بوابة العالم للأمن والسلام الشاملين.
وهكذا نرى، أن القاسم المشترك بين الحكومتين الأمريكية والبريطانية هو وقف النمو الصيني الاقتصادي والتكنولوجي، وإقامة جدار مانع أمام ثقافة السلام والحرية الحقيقية التي تنادي بها الصين، لصالح شعارات مزيفة بحرية على نمط شعوذة وغوغائية تحمل في طيّاتها الخبث والضلال واستهداف اللحمة الواحدة لأبناء الوطن الواحد بالطعن والهدم. لطالما كان ماضي ومستقبل هونغ كونغ في أيدي الشعب الصيني الواحد والمتحد في البر الرئيسي وفي هونغ كونغ نفسها وفي غيرها من المناطق، وتؤكد تطورات الأوضاع في هونغ كونغ أنه لا يمكن لأية قوة أن توقف مسيرة تطور الأمة الصينية العريقة ومشروعها الحضاري الأممي.
و أخيراً أختم مقالتي بقول مشهور لألبرت أينشتاين: “المشاكل الموجودة في عالم اليوم، لا يمكن أن تحلها عقول خلقتها”، هذه العقول الغربية غير قادرة على إسعاد العالم، بل إتعاسِهِ..
#خالد_الفضلي: أستاذ باحث في الفلسفة، ومتخصص بالشؤون الصينية، وعضو في الفرع الأردني للاتحاد الالكتروني الدولي للقلميين أصدقاء #الصين.
شكر خاص: يشكر رئيس التحرير المسئول والمدير العام لموقع شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية الأخ خالد الفضلي لتجاوبه مع طلبنا بنشر مقالاته في موقعنا هذا.