شبكة طريق الحرير الإخبارية/
الأنباط/
“صوت المدفع قعقعة أكياس المال”!
بقلم: الأكاديمي مروان سوداح
في أقسى هجوم صيني إعلامي على الولايات المتحدة، وصفت صحيفة “الشعب” الصينية الشهيرة، في الثاني من أبريل الحالي، بأنها “مصاصة دماء تستخدم الحرب لكسب المال”.
لم تتوقع واشنطن ودول الغرب المتضامنة معها، أن يَقدحها الصينيون هذا القدح الذي لم يسبق له مثيل البتة. “الشعب” الصينية التي تتحدث باسم الشعب الصيني وقيادته الحزبية، تقول أيضاً: لقد مر أكثر من شهر على اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا، وتتحدث المُدن المدمَرة واللاجئون والنازحون جميعاً عن قسوة الحرب، ومع ذلك، نسمع أصوات قعقعة أكياس المال لبعض الناس تصدر من دخان البارود!
ويُشير ما يُسمّى بِ “المَجمَع الصناعي العسكري الأمريكي” إلى مجموعات المصالح التي شكَّلها الجيش الأمريكي والمؤسسات العسكرية والحكومة والكونغرس بالتعاون الوثيق والتواطؤ مع مراكز الفكر ووسائل الإعلام.. “الحرب عمل كبير بالنسبة لأمريكا”.
وتستطرد الصحيفة: أشار بيتر كوزنيك، أستاذ التاريخ بالجامعة الأمريكية، إلى الطبيعة القومية للمَجمَع الصناعي العسكري الأمريكي. وبهذا المعنى، فإن الصراع الروسي الأوكراني هو أحدث “عمل” تم إعداده بعناية من قِبل المَجمع الصناعي العسكري الأمريكي لكسب الأموال بشكل جنوني.
وتحت عنوان، “جني الكثير من المال”، تُضيف الصحيفة التي تنطق باسم الحزب الشيوعي الصيني، الذي هو أكبر وأهم حزب سياسي في العالم على الإطلاق، إذ تجاوز عدد الأعضاء فيه مائة مليون عضو “فقط”!، أن “عمالقة الطاقة الأمريكان سيجنون الكثير من المال.. وأوروبا، التي أجبرتها الولايات المتحدة على “معاقبة” روسيا، تعاني من نقص في النفط والغاز، في حين ارتفعت صادرات النفط الخام الأمريكي بشكل ملحوظ، وقد أظهرت بيانات وزارة الطاقة الأمريكية ارتفاع صادرات النفط الخام الأمريكية إلى 3.8 مليون برميل يوميًا في 18 مارس الماضي، وهو أعلى مستوى منذ يوليو 2021.. كما انتهز “العم سام” الفرصة لبيع الغاز الطبيعي إلى أوروبا.. وأصدر البيت الأبيض في 25 مارس، بيانًا ذكر فيه إنه سيعمل مع شركاء دوليين لتوفير 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المُسَال للشركاء الأوروبيين هذا العام، إذ تُحقِّق الولايات المتحدة مكاسب متكررة في الأسواق المالية أيضاً. وقد أدى الاضطراب إلى تكثيف الذعر في الأسواق المالية العالمية، وتحوَّل مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى تشديد السياسة النقدية، مِمَّا أدى إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، كما تستمر هيمنة الدولار الأمريكي في التماسك وسط ركود سوق رأس المال العالمي. ونتيجة لذلك، تمكنت الولايات المتحدة مرة أخرى من اللعب بالحِيَل القديمة لنهب الأصول العالمية.
من الطبيعي أن تكون المجموعة الصناعية العسكرية الأمريكية مسرورة، حيث تتمكن من بيع آلاف الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات، وتحصل على طلبية مفاجئة لمقاتلات الشبحF-35، وهذا ليس كل شيء. فقد ارتفعت أسعار أسهم الشركات الصناعية العسكرية الكبرى في الولايات المتحدة بشكل حاد مؤخراَ، وزادت الدول الأوروبية مثل ألمانيا والسويد والدنمارك ميزانياتها الدفاعية.
تتهم هذه الصحيفة الصينية المتميزة جداً والأكثر شهرة في مختلف بقاع الدنيا في مقالاتها وأخبارها، الولايات المتحدة بالسعي إلى تحويل تجارة السلاح إلى سوق مزدهرة، إذ تؤكد على أن “صوت المدفع قعقعة أكياس المال”، فهذا هو الوصف الحي لامتصاص الدماء بشكل مَحموم من البلدان المضطربة والحُلفاء والشركاء حتى العالم بأسره بعد صناعة الصراعات الإقليمية عمداً. لقد أصابت الحروب في أفغانستان والعراق بصدمة نفسية على الأخيرتين، لكن الصناعة العسكرية الأمريكية ازدهرت بسبب ذلك! ووفقًا لتقرير “حول اتجاهات مبيعات الأسلحة العالمية”، الصادر عن “معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام” في السويد، من عام 2017 إلى عام 2021، فإن صادرات الأسلحة الأمريكية خالفت اتجاه انخفاض حجم تجارة الأسلحة العالمية بنسبة 4.6 ٪ مقارنة بعام 2012 إلى عام 2016، وتسارعت بمقدار 14٪ خلال نفس الفترة وارتفعت حصتها في العالم من 32٪ إلى 39٪.
تتهم “الشعب” الصينية العريقة الولايات المتحدة بأنها “معتادة على جني أرباح ضخمة ونهب ثروات من الحروب، مُعتمِدة على القوة العسكرية لِمَا يُسمَّى “الهيمنة على العالم”. فحالياً، تواصل الولايات المتحدة التي تمتعت بفوائد الحرب “إطعام” آلة الحرب الهائجة هذه. في 28 مارس، قدَّم الرئيس بايدن ميزانية للسنة المالية 2023 إلى الكونغرس، مع إنفاق دفاعي يصل إلى 813.3 مليار دولا ققط! وهذه هي المرة الأولى التي يتجاوز فيها الإنفاق الدفاعي الأمريكي 800 مليار دولار، وهي أعلى ميزانية عسكرية سنوية في تاريخ تلك الدولة أيضاً، وهناك وراء الإنفاق العسكري القياسي يدان سوداوان تطمعان بثروات البلدان الأخرى، يد تسلِّم السكاكين إلى جبهة المعركة، والأخرى تَعِدُ الأموال خلف ظهورهم، ما ينبغي للعَالم التحذير منه.