شبكة طريق الحرير الإخبارية/ (شينخوا)/
أثناء قيامها بتقليب ألبوم صور قديم، عرضت تشانغ يو مينغ (90 عاما)، على المراسل صورة لنفسها اُلتقطت في مدينة سعيدة الجزائرية وهي تحتضن فيها طفلة جزائرية ذات عينين واسعتين. وذكرت “لقد قالت لي هذه الطفلة إنها تريدني أن أكون أمها”.
في عام 1963، أرسلت الصين أول فريق طبي لها إلى الخارج لمساعدة الجزائر بعد الحرب في إعادة بناء الخدمات الطبية وخدمات الرعاية الصحية. فبعد حصولها على الاستقلال في عام 1962، وجدت الجزائر نفسها في وضع صعب: غادر جميع الأطباء الفرنسيين تقريبا، وافتقر الشعب الجزائري إلى الرعاية الطبية والأدوية. ولم يكن أمام البلاد خيار سوى التماس المساعدة من المجتمع الدولي. كانت الصين أول دولة تستجيب للنداء.
في 6 أبريل 1963، غادر أول فريق طبي صيني من بكين. استغرق الأمر عشرة أيام حتى وصل الفريق إلى ولاية سعيدة في شمال غرب الجزائر، حيث سافر بالطائرة والقطار والبر عبر موسكو وبلغراد والرباط. وكانت تشانغ، وهي طبيبة من مستشفى شيانغيا في مقاطعة هونان بوسط الصين، عضوا في الفريق.
خلال إقامتها التي استمرت عامين ونصف في الجزائر، أجرت تشانغ بنجاح الآلاف من العمليات الجراحية ووُلد على يديها العديد من الأطفال الجزائريين. كتبت ذات مرة في مذكراتها اليومية تقول “باعتباري عضوا في أول فريق طبي أرسلته الصين الجديدة لدعم أفريقيا، تركت عائلتي ورائي لتخفيف آلام شعب بلد أجنبي. يشعر قلبي بالرضا والسعادة، وقد شعرت بقيمة مختلفة للحياة”.
في أواخر عام 1963، عالجت تشانغ امرأة حامل تعاني من نزيف. من خلال إجراء عملية جراحية لها بنجاح، أنقذت تشانغ حياتها وأنجبت طفلها بسلام. ثم أطلقت الأم على طفلها اسما “صينيا” باللغة العربية. وقالت “إنها تريد أن يتذكر الطفل أن الصينيين هم الذين أنقذوا حياتهم”.
عندما حان وقت مغادرتها سعيدة في نوفمبر 1965، أمسك العديد من المرضى بيديها وطلبوا منها البقاء. وودعتهم وهي تمسح دموعها قائلة “إن الفريق الطبي الصيني القادم سيعتني بكم كما فعلنا نحن. لا تقلقوا!”
حتى مايو 2023، أرسلت الصين 27 فريقا طبيا تضم إجمالي 3522 عضوا لمساعدة الجزائر، حيث عالجوا ما يقرب من 27.41 مليون مريض وأشرفوا على عمليات ولادة 2.08 مليون طفل. واليوم، 90 في المائة من عمليات التوليد في ولاية سعيدة يجريها أطباء صينيون، وحتى المرضى من الولايات المجاورة يأتون إلى سعيدة لطلب المساعدة.
وقد قال جيلالي فرتوت، مدير قسم أمراض النساء والولادة في مستشفى التوليد وأمراض النساء في سعيدة، الذي يعمل مع الأطباء الصينيين منذ 16 عاما، إن “الأطباء الصينيين مهمون للغاية بالنسبة لسعيدة”.
إن الفرق الطبية الصينية لم تنقذ الأرواح وتعالج الجرحى فحسب بل جلبت أيضا المعرفة والتقنيات الطبية إلى هذا البلد الواقع في شمال أفريقيا، الأمر الذي ساعد على تدريب عدد كبير من المهنيين الطبيين المحليين.
من جانبها ذكرت نجاة أخناق، مديرة مستشفى الأم والطفل بسطيف شمال شرقي الجزائر، أن “الفرق الطبية الصينية متفانية ومتعاونة للغاية. إنهم يشاركون خبراتهم ومهاراتهم مع الأطباء والطلاب الجزائريين”.
وفقا للجنة الصحة الوطنية الصينية، في السنوات الستين الماضية، أرسلت الصين إجمالي 30 ألف من العاملين في المجال الطبي إلى 76 دولة ومنطقة في جميع أنحاء العالم، تسنى من خلالهم علاج 290 مليون مريض. وقد حظي ما قدمته الصين من مساعدة ودعم طبيين يتسمان بنكران الذات بتقدير كبير من جانب البلدان المتلقية.