شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
الأرمن فقدوا بشريتهم بمجزرة خوجالي
بقلم: بهاء مانع شياع
*كاتب وصحفي عراقي معروف ومتخصص في شؤون الدول الصديقة للأمة العربية.
إقليم ناغورني قرة باغ أرض أذرية تاريخيًا، مُعترف بأذريتها الخالصة دوليًا وعلى مدار التاريخ البشري. وبرغم ذلك، احتلتها القوات الأرمينية بطريقة بشعة، وفي الضد من القانونين الدولي والإنساني. وفي شرعية تبعية الإقليم لجمهورية أذربيجان، تبنّى مجلس الأمن الدولي 4 قرارات تطالب القوات الأرمينية بالانسحاب من الإقليم، و7 مناطق أخرى. مدينة خوجالي هي إحدى بلدات الإقليم والتي حدثت فيها أبشع مجزرة بحق الإنسانية برمتها.
التدميريان غورباتشوف ويلتسين نظّما عملية ضرب القوميات والشعوب السوفييتية بعضها ببعض، من خلال تفتيت الإتحاد السوفييتي إلى قطعٍ متناثرة وضعيفة ومهترئة قابلة لمناهج الصراع الذاتي والجماعي! فقد كانت هذه العملية “مثالية” لهما لبث المجازر والتدمير في تلك الشعوب، في محاولة ليس فقط لإضعافها وسحقها، بل ولتحقيق مكاسب أخرى عليها، منها، محاصرة عملية وجودها البشري والحكومي، ولإلغاء أية محاولة لتأكيد الكيانية القومية لها في دولة تتمتع بملامح ووقائع وطنية قومية وذات إنسانية.
بعد الانسحاب المبرمج للقوات السوفييتية عام 1992 من المنطقة الأذرية، نشر هؤلاء القادة السوفييت توترات على مساحة القوقاز التي تقع فيها دولة أذربيجان، فتكاثرت الحركات والجماعات الأرمينية المسلحة بدعم من القيادة السوفييتية الإنقلابية، وتزايدت بتسارع أعداد ما يُسمّى بالمتطوعين الأرمن مِمَن عملوا على تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية الفظيعة بحق الأذربيجانيين المسالمين وغير المسلحين، كالقتل الشامل والجماعي، والهجوم على المدنيين في بيوتهم وفي الأماكن العامة، وقطع الطرق بالقوى المسلحة، وتدمير المشافي والمدارس ومختلف المؤسسات المدنية، وغيرها الكثير. وقد تناقلت بعض وسائل الإعلام أن أحد الأفواج العسكرية السوفييتية قد حارب فعليًا إلى جانب القوات الأرمينية في بدايات عام 1991، وانتهك القانون الدولي ومثيله الإنساني بسحل كثيرين من الأذريين والتمثيل الجسدي بهم بدون أي سبب منطقي أو عسكري، في محاولة مُستنكَرة دوليًا لضرب كيان أذربيجان القومي والثقافي والحضاري نهائيًا!
ونتيجة للأطماع الأرمينية التاريخية في أراضي أذربيجان، وبالخصوص في إقليم قرة باغ، قامت قوة عسكرية أرمينية بدباباتها ومدرعاتها بدعم من غوربي، باقتحام بلدة خوجالي، بعد قصفها الكثيف بالمدفعية والصواريخ، وبسيطرتها على هذه البلدة الآمنة ارتكبت القوات الغازية، ومن معها من المتطرفين والإرهابيين الدوليين، أبشع جريمة بحق الإنسانية، مجزرة وحشية يَندى لها جبين البشرية جمعاء.. إنها ليلة 25 _26 شباط عام 1992، ليلة الغزو الأسود لخوجالي. ففي صبيحة 26 منه سقط شهيدًا 613 مدني أذري أعزل ضحية إجرام قل نظيره وبشاعته عبر التاريخ، بين طفل وامرأة ورجل.. شكّل ذلك إبادة جماعية في واحدة من مآسي القرن العشرين.. جريمة أدانتها العديد من منظمات حقوق الإنسان واعتبرتها الأكثر وحشية ودناءة تجاه المدنيين العُزّل، إذ ارتُكبت فيها أبشع صور القتل والتعذيب والتمثيل بحثث الضحايا المقتولين!
خوجالي البلدة ذات ال 936 كيلومتر مربع، ويسكنها 7000 نسمة، فقدت 63 طفلاً و 106 من النساء و 70 من الرجال كبار السن و8 عائلات بأكملها، وجرح 487 منهم، وأُسر 1275، مازال 150 منهم مفقودًا حتى وقتنا الراهن..، لم يَسلم من أذى الأرمينيين حتى الآثار والمقابر، فقد دُمرت وجُرّفت.. جرائم تنم عن حقد وكراهية لم يحملها إنسان من قبل.
بشاعة في التنفيذ بحق كل مَن طالتهم يد الأرمينيين، وقد تحدث ناجون من المجزرة عن وحشيتها.. وحشية فاقت كل التصورات والتوصيفات.. إحدى السيدات وتُدعى درودانة أنماييفا وصفت تلك الأيام واللحظات بأنها لا تُنسى..، أيام أسرٍ فظيع.. وما تعرض له المدنيين من تعذيب وصرخات النساء وبكاء الأطفال الجياع والتعذيب وحشي بالغ.. حيث تم قتل العديد من العائلات ببرودة أعصاب، فقد الأقارب والعائلات بعضهم البعض وتفرقوا خوفًا من التمثيل بهم.. إنها جريمة ارتكبها الأرمن دون تمييز بين طفل وامرأة ورجل.. كانوا يعتبرون غيرهم حيوانات لهم الحق بقتلها….
لقد فقد المجرمون إنسانيتهم ببشاعاتهم وشناعة أفعالهم التي لا مُبرر لها سوى التوغل في طول وعرض الإجرام، والحقد بحق البشرية جمعاء، وقد نزعت الرحمة والمودة من قلوبهم السوداء..، هذه الأفعال لن تُنسى مهما طال عليها الزمن، لأنها بقع سوداء في موقع أذربيجاني تاريخي ناصع البياض..، الرحمة والسلام لأرواح مَن سقطوا في هذه الجريمة النكراء.. والمجرمون سيلقون عقابهم لا محالة ومهما طال الزمن دوليًا وقانونيًا وربانيًا.