CGTN العربية/
نظرا لانكماش الاقتصاد العالمي بشكل كبير بسبب التداعيات السلبية لجائحة فيروس كورونا الجديد، استقرت التجارة الخارجية للصين بشكل كبير وشهدت زخما كبيرا، الأمر الذي أثار اهتمام العالم. وفقا للبيانات الصادرة عن الهيئة العامة للجمارك الصينية يوم الثلاثاء الماضي، بلغت القيمة الإجمالية لواردات الصين وصادرتها من السلع 23.12 تريليون يوان (نحو 3.4 تريليون دولار أمريكي) خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجاري، بزيادة قدرها 0.7% عن نفس الفترة من العام الماضي، ونتيجة لذلك، تجاوز معدل نمو التجارة الخارجية والواردات والصادرات الصفر لهذا العام. بلغت الصادرات12.71 تريليون يوان، بزيادة 1.8%، والواردات 10.41 تريليون يوان، بانخفاض 0.6%، وهو ما كان أفضل بكثير من التوقعات المسبقة.
الجدير بالذكر أن قيمة الواردات الشهرية حققت أرقاما تاريخية في سبتمبر الماضي. وأشارت “فاينانشيال تايمز” البريطانية إلى أن هذه هي الزيادة الثانية في واردات الصين منذ يونيو الماضي، وهي بادرة تدل على انتعاش الفعاليات التجارية الصينية بشكل تدريجي. كما أشارت “وول ستريت جورنال” الأمريكية إلى أن بيانات التجارة القوية تشير إلى اتجاه انتعاش الاقتصاد الصيني. يرى بعض المحللين أن الاقتصاد الصيني قد نما عكس الاتجاه السائد في الانكماش العالمي، مما زاد من أهميته للاقتصاد العالمي.
الواردات والصادرات تشهد نموا معا
تظهر بيانات الجمارك نموا إيجابيا في الصادرات الصينية لمدة ستة أشهر متتالية منذ أبريل الماضي. حيث بلغ معدل النمو التراكمي في الأرباع الثلاثة الأولى 1.8%، وهو ما فاق توقعات السوق. وفقا لوكالة رويترز للأنباء، ونظرا للطلبات القوية على الإمدادات الطبية والمنتجات الإلكترونية عالميا، لم يتأثر حجم صادرات الصين بشدة بالتباطؤ الاقتصادي العالمي.
نظرا للتقدم المنظم لاستئناف حركة العمل والإنتاج في الصين، شهدت العديد من الشركات للقطاع الخاص زيادة مستمرة في صادراتها. بالإضافة إلى ذلك، أثار نمو معدل كل من الواردات والصادرات الصينية اهتماما واسعا على الصعيد العالمي. وأشار الخبراء إلى أن التجارة الخارجية الصينية انتعشت إلى مستوى الفترة نفسها من العام الماضي، في ظل تقلص الطلب العالمي وإجراءات الوقاية من جائحة كورونا الجديد والوضع الاقتصادي العالمي، شهدت التجارة الخارجية للصين تحسننا ملحوظا شهرا بعد الآخر، مما يدل على مرونة حركة الصادرات.
يرى مقال نُشر على موقع الجزيرة أنه مع السيطرة على الوباء في الصين، فإن سلسلة من إجراءات الدعم الاقتصادي التي أصدرتها الحكومة الصينية ستعزز الطلب المحلي بشكل فعال. كما أدى الارتفاع في قيمة الرنمينبي في الآونة الأخيرة إلى زيادة الطاقة الاستهلاكية للشعب ودفع نمو الواردات أيضا.
الانتعاش الاقتصادي يستمر في النمو
إن نمو التجارة الخارجية للصين عكس الاتجاه لا يقتصر على هذه الفترة القصيرة. حيث توقع الاقتصاديون في بنك جولدمان ساكس في تقرير صدر يوم الثلاثاء الماضي أن النمو القوي لسوق العقارات العالمي في الأشهر القليلة المقبلة سيوفر دعما لتصدير الأثاث والأجهزة الكهربائية للصين. في الوقت نفسه، مع استمرار انتعاش الفعاليات الاقتصادية المحلية، قد تواصل الواردات نموها. حيث أشارت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية إلى أن العديد من الاقتصاديين يتوقعون أنه عند إعلان بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث من العام الجاري، سيرى الكثيرون أن الاقتصاد الصيني قد عاد إلى اتجاه النمو بنسبة 5% – 6% قبل وباء “كوفيد-19″، وسيستمر هذا الاتجاه حتى نهاية العام.
أعلن صندوق النقد الدولي عن أحدث “آفاق الاقتصاد العالمي” يوم الثلاثاء الماضي، متوقعا أن الاقتصاد العالمي سينكمش بنسبة 4.4% هذا العام، أما الصين، فستكون الدولة الوحيدة في الاقتصادات الكبرى عالميا التي تحافظ على نمو إيجابي، بنمو يقدر بـ 1.9% لهذا العام.
فقد شهدت عطلة “الأسبوع الذهبي الصينية”، زخما واضحا في صناعة الخدمات في الصين. وأشارت شبكة “سي إن إن” إلى أن الاقتصاد الصيني أظهر زخما للانتعاش قبل العطلة، وتشير البيانات إلى أن فعالية صناعة الخدمات بلغت أعلى مستوى لها خلال السنوات السبع الماضية.
بالإضافة إلى ذلك، لاحظ بعض الخبراء المحللين أن الاقتصاد الصيني ينتعش بطريقة أكثر توازنا، مع تقدم قطاعا التصنيع والخدمات والاستهلاك معا. قال لويس كويجس، مدير بحوث اقتصادات آسيا لدى “أكسفورد إيكونوميكس”، إن قدرة الصين على تخلصها من الوباء بنجاح والحفاظ على عمليات التصنيع والإنتاج، تمكنها من لعب دور أكثر أهمية في سلسلة القيمة العالمية.
توجه الأداء الاقتصادي الصيني نحو آفاق التطور
لماذا استطاعت الصين تحقيق انتعاش اقتصادي سريع؟ لاحظت شبكة “سي إن إن” أن هذا لا ينفصل عن العديد من تدابير الوقاية من الوباء والإغاثة، بما في ذلك الإغلاق الصارم ومراقبة الوباء وتخصيص مئات المليارات من الدولارات لمشاريع البنية التحتية واسعة النطاق وتوفير الحوافز النقدية لتحفيز الاستهلاك وغيرها.
ذكرت العديد من وسائل الإعلام الأجنبية، بما في ذلك شبكة “سي إن إن، أن اقتصاد الصين يتصدر دول العالم في الانتعاش الاقتصادي، وأنه سيتم توسيع تأثيراتها عالميا. وفقا لبيانات شهرية عن تجارة سلع الاقتصادات الكبرى التي أعلنت عنها منظمة التجارة العالمية، من يناير إلى يوليو من العام الجاري، كانت حصة السوق الدولي للصين من وارداتها وصادراتها 12.6%، تضم 13.8% من الصادرات، 11.3%من الواردات، بزيادة نقطة مئوية و1.1 نقطة مئوية و0.8 نقطة مئوية على التوالي مما كان عليه في نفس الفترة من العام الماضي. حيث حققت حصة السوق الدولي من الواردات والصادرات رقما قياسيا.
يتوقع اقتصاديون في البنك الدولي أنه بحلول نهاية عام 2020، ستزيد حصة الصين من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار 1.1 نقطة مئوية. في المقابل، ستنخفض حصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وفي هذا الصدد، أشارت “الصحيفة الروسية” في تقرير لها إلى أنه في ظل جائحة كورونا الجديد لتي لا تزال تعصف بالعديد من الدول وتضرب الاقتصاد العالمي بشكل خطير، ستصبح الصين قادرة على أن تكون عمادا مستقرا للاقتصاد العالمي.
الانتعاش الاقتصادي الذي يستمر في النمو هو صورة ناجحة في مواجهة كورونا وما يُسمّى مناعة القطيع الموهومة والمعادية لانسانية الانسان….