شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية/
بقلم: شياو جون تشينغ
وزير مفوض بسفارة الصين بالقاهرة
في عالم اليوم، يعمل جيل جديد من التكنولوجيا الرقمية على تسريع التنمية، وقيادة تغييرات جديدة في الإنتاج الاجتماعي، وخلق مساحات جديدة للحياة البشرية، وتوسيع مجالات جديدة للحوكمة الوطنية. أثناء جائحة فيروس كورونا المستجد، خالف الاقتصاد الرقمي الاتجاه وأصبح قوة دافعة مهمة للانتعاش الاقتصادي العالمي. أفريقيا هي المنطقة الأكثر تركيزًا في الدول النامية، وهي المهمة الأكثر صعوبة في مكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد وتحقيق الانتعاش الاقتصادي، وهي أيضًا القارة التي تتمتع بأكبر إمكانات تنموية. خلال فترة الوقاية من الوباء ومكافحته، تطورت التجارة الإلكترونية في إفريقيا بسرعة وتسارعت عملية التحول الرقمي الإقليمي. وأصبح التعاون في الابتكار الرقمي مجالًا ناشئًا للتعاون العملي بين الصين وأفريقيا.
في عام 2020، ترأس الرئيس شي جين بينغ قمة خاصة بشأن الوحدة بين الصين وأفريقيا لمكافحة الوباء، مؤكدا أن الصين مستعدة للعمل مع إفريقيا لتوسيع التعاون المشترك في أشكال الأعمال الجديدة مثل الاقتصاد الرقمي والمدن الذكية والجيل الخامس. في بداية هذا العام، طرح مستشار الدولة ووزير الخارجية وانغ يي مبادرة الصين وأفريقيا لإنشاء “إفريقيا الرقمية” بشكل مشترك خلال زيارته لإفريقيا.
لم تتوقف مبادرة الصين أبدًا عند “الرؤية” وعلى الورق. ففي “منتدى تنمية وتعاون الإنترنت بين الصين وأفريقيا” الذي عقد في 24 أغسطس، أعلن دينغ لي مساعد وزير الخارجية الصيني، عن الافتراضات ذات الصلة لبرنامج شراكة الابتكار الرقمي بين الصين وأفريقيا:
أولاً، تعزيز البنية التحتية الرقمية وفتح شريان المعلومات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ستشارك الصين في إنجازات التكنولوجيا الرقمية مع إفريقيا وستعزز الترابط بين البنية التحتية الرقمية.
وتشجيع الشركات الصينية على التعاون مع الأطراف الأفريقية للمشاركة في البنية التحتية الرقمية (شبكات العمود الفقري) للألياف الضوئية، والترابط عبر الحدود، وشبكات الاتصالات المتنقلة من الجيل الجديد. وتسهيل وتعميم الشبكات في المناطق النائية من إفريقيا وفتح “الميل الأخير” من توصيل المعلومات.
ثانياً، تطوير الاقتصاد الرقمي وتعزيز التنمية المتكاملة للتكنولوجيا الرقمية والاقتصاد الحقيقي. فالصين على استعداد لدعم أفريقيا في تحسين رقمنة القطاعات العامة والمؤسسات، وتطبيق التقنيات الجديدة مثل الحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والدفع عبر الهاتف المحمول لتعزيز عملية التصنيع في أفريقيا. تعزيز التعاون في التجارة الإلكترونية لمساعدة المنتجات الأفريقية عالية الجودة على دخول السوق الصينية. وتسريع تكامل المعلومات والسلاسل الصناعية الأفريقية من خلال التجارة الإلكترونية عبر الحدود.
ثالثاً، إجراء تعليم رقمي لكسر “عنق زجاجة المواهب” للابتكار الرقمي. حيث ستنفذ الصين سلسلة من المشاريع مثل “البرنامج الدولي المتميز للشباب” و “برنامج Vine” لتعزيز التعاون في مجال التعليم عن بعد بين الصين وأفريقيا، وزيادة دعم أفريقيا في تدريب الشباب المتميزين في المجال الرقمي، وتشجيع الشركات الصينية على تعزيز التبادلات. والتعاون مع المواهب الأفريقية في مجال الابتكار الرقمي.
رابعاً، تعزيز الشمول الرقمي وخدمة الناس العاديين في أفريقيا. الصين مستعدة لدعم الدول الأفريقية في تطبيق التكنولوجيا الرقمية على النقل والطب والتمويل وغيرها من مجالات المعيشة، وبناء “مدن ذكية” واستخدام التكنولوجيا الرقمية لتعزيز الحوكمة الوطنية والوقاية من الأوبئة ومكافحتها. تشجيع الشركات الصينية للمشاركة في بناء منصات الخدمة العامة مثل الحكومة الإلكترونية والدفع الإلكتروني والعملة الرقمية في إفريقيا.
خامساً، خلق الأمن الرقمي معاً وتعزيز قدرات الحوكمة الرقمية. فالصين ترحب بمشاركة أفريقيا في “التكاتف لبناء مجتمع مصير مشترك في الفضاء الإلكتروني” و “مبادرة أمن البيانات العالمية”، ونحن على استعداد لتعزيز الحوار والتواصل مع الجانب الأفريقي بشأن الاستجابة لحالات الطوارئ للأمن السيبراني، وقوانين ولوائح الإنترنت، والعمل معًا لخلق بيئة تطوير رقمية مفتوحة وعادلة وغير تمييزية، ومناقشة قواعد الحوكمة الرقمية العالمية وصياغتها بشكل مشترك.
سادساً، بناء منصة تعاون لتعزيز التقدم الرقمي من خلال التبادلات. ترغب الصين في مناقشة إنشاء منصة حوار رفيعة المستوى مع إفريقيا للتعاون الرقمي بين الصين وأفريقيا، وتعزيز التواصل مع الحكومات الأفريقية ومنظمات “إفريقيا الذكيةالاستمرار في تنظيم أنشطة مثل “العلماء الشباب الأفارقة يبتكرون في الصين” لدعم بناء مركز التعاون الابتكاري الصيني الأفريقي. “العمل يتحدث بصوت أعلى من الكلمات “.
في نفس الوقت الذي أعلنت فيه الصين عن خطة الشراكة المذكورة أعلاه، بدأت الالتزامات ذات الصلة تصبح حقيقة واقعة. وفي المستقبل القريب، سيتم إطلاق بعض مشاريع شبكة العمود الفقري للألياف البصرية للتعاون بين الصين وأفريقيا. وابتداء من سبتمبر، ستُعقد أنشطة مثل موسم الترويج للتجارة الإلكترونية للمنتجات الأفريقية منتدى التعاون بين الصين وأفريقيا وأنشطة أخرى. كما ستعمل الصين بشكل مشترك على تصميم تدابير تعاون عملية في المجال الرقمي مع الجانب الأفريقي في السنوات الثلاث المقبلة، وتعزيز التعاون الرقمي بين الصين وأفريقيا إلى مستوى جديد.
يرتبط الاقتصاد الرقمي بمستقبل البشرية، وهو أيضًا اتجاه إنمائي تعلق عليه الدول الأفريقية أهمية بشكل عام. وتتوقع البيانات الصادرة عن العديد من المنظمات الدولية أنه بحلول عام 2025، سيساهم الاقتصاد الرقمي بما يقرب من 180 مليار دولار أمريكي في الناتج المحلي الإجمالي للقارة الأفريقية و 712 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2050. وتم إطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية رسميًا في 1 يناير من هذا العام، وتعمل حاليًا على تسريع عملية الترويج للتجارة الإلكترونية والمفاوضات المتعلقة بالتجارة الرقمية.
ويوصي البنك الدولي بأن تغتنم الدول الأفريقية فرص تنمية الاقتصاد الرقمي وجعله قوة دافعة رئيسية للابتكار والتنمية في المستقبل. في الوقت الراهن، دخلت مصر عصر الاتصالات السلكية واللاسلكية بشكل مستقر، ويولي الرئيس السيسي أهمية كبيرة على الإمكانات الهائلة للاقتصاد الرقمي، وشدد مرارًا وتكرارًا على إنشاء مدن ذكية لتعزيز التحول الرقمي للحكومة والصناعات المصرية. قامت شركة Huawei، التي بدأت أعمالها في مصر عام 1999، ببناء أول مختبر OpenLab في شمال إفريقيا في القاهرة بمصر.
ولأكثر من 20 عامًا، واصلت Huawei تعزيز تطوير النظام البيئي للمواهب المصرية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال مشروع “Huawei ICT Academy”، ومشروع “Future Seeds”، ومشروع التدريب الصيفي، ومسابقة مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وجاء أكثر من 5000 متخصص مصري في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من هواوي، استفادوا من مشروع التدريب على كفاءة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. يقترح منتدى التعاون الصيني الأفريقي وخطة عمل بكين (2019-2021) أن الصين وأفريقيا يجب أن “يتبادلا الخبرات في تطوير المعلومات والاتصالات، واغتنام الفرص بشكل مشترك لتنمية الاقتصاد الرقمي، وتشجيع الشركات على التعاون في مجالات البنية التحتية للمعلومات والاتصالات ، والإنترنت ، والاقتصاد الرقمي”.
الصين على استعداد لمواصلة تبادل تكنولوجيا الاقتصاد الرقمي والخبرة مع الدول الأفريقية بما في ذلك مصر، ودعم الدول الأفريقية في اللحاق بالموجة الرابعة من الثورة الصناعية. كما أن الصين مستعدة للعمل مع إفريقيا لبناء اقتصاد أخضر، وممارسة أساليب التنمية الخضراء منخفضة الكربون والتعميم المستدامة. كما إني أعتقد أن التعاون الرقمي بين الصين وأفريقيا سيضخ دفعة قوية لتنمية الاقتصاد الرقمي لأفريقيا. فالصين وإفريقيا يعملو سوياً لإنشاء “إفريقيا الرقمية”، والتي لن تعزز فقط رفاهية شعوب الصين وأفريقيا، بل ستفيد العالم أيضًا وستضخ زخمًا جديدًا في انتعاش الاقتصاد العالمي.