بقلم: أيمن الأمين
رغم استمرار القطيعة بين غالبية دول العالم، تحديدا أوروبا وأمريكا، ضد الدب الروسي “موسكو” إلا أن في الجزائر شيء آخر، فالعلاقات بين روسيا والجزائر في أحسن حال، لما للجزائر من مكانة كبيرة داخل الكرملين.
فالعلاقات الروسية الجزائرية هي علاقات ثنائية تجمع بين الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وروسيا الإتحادية، كما كان الاتحاد السوفييتي من بين الدول الأبرز التي دعمت وساندت حرب التحرير الجزائرية سياسياً وعسكرياً، وكانت أول دولة في العالم تعترف بالحكومة الجزائرية المؤقتة حينها.
حتى أن التوترات الحاصلة مؤخرا بسبب الحرب الأوكرانية مع موسكو، لم تستطع أن تهز العلاقات بين روسيا والجزائر، لعل أكبر شاهد على ذلك، الزيارة الأخيرة التي جمعت بين وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ووزير خارجيته رمطان لعمامرة في الجزائر العاصمة خلال الساعات الأخيرة.
حيث قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إنه ناقش مع نظيره الجزائري رمطان لعمامرة، في الجزائر العاصمة، التعاون في المجال العسكري، مشيرا إلى تقديره لما وصفه بالثقة الجزائرية في التعاون في هذا المجال.
وأعرب «لافروف» خلال مؤتمر صحفي حينها، عن تقدير بلاده لما وصفه بموقف الجزائر المتزن حيال أزمة أوكرنيا، قائلا إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا نظيره الجزائري عبد المجيد تبون لزيارة موسكو، وهو ما يؤكد متانة العلاقة بين البلدين.
أيضا، ناقش لافروف مع نظيره الجزائرى ملفات دولية عديدة، ومزيدا من التنسيق بين روسيا والجزائر في المحافل الدولية وإطار «أوبك بلس» والدول المصدرة للغاز، كما ناقشا آخر التطورات في العملية العسكرية الروسية مع الأشقاء الجزائريين، موضحا أنه يثمن الموقف الجزائري والعربي المتزن والموضوعي حيال التطورات في أوكرانيا.
لافروف الدبلوماسي المحنك، أكد أيضا خلال تواجده بالعاصمة الجزائر على عمق العلاقات الروسية الجزائرية، والذي أظهر خلالها، أن حجم التبادل بين البلدين وصل لـ3 مليارات دولار، وأن لدى موسكو آفاق أوسع من ذلك وخصوصا مع اهتمام كبير من الشركات الروسية، وأشار لافروف أيضا إلى أنه من المقرر عقد اجتماع للجنة الحكومية المشتركة لروسيا والجزائر حول التعاون الاقتصادي في الجزائر في غضون أشهر قليلة، منوها بأن بلاده مستعدة لتقديم المزيد من المنح للطلاب الجزائريين.
بتلك الزيارة يتضح للجميع أن الجزائر وقياداتها حريصة على استمرار التعاون بين الجزائر وروسيا، وأن تلك الشراكات ستصب في صالح الاقتصاد الجزائري.
بالعودة إلى الوراء وبالنظر إلى عمق العلاقات بين موسكو والجزائر، نجد أن التعاون التجاري والاقتصادي بين روسيا والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بدأ منذ ستينيات القرن الماضي حين منح الاتحاد السوفيتي الجزائر قروضا من أجل التنمية الاقتصادية بمبلغ ملياري دولار، وقدم المساعدة الكبيرة في إنشاء القاعدة الصناعية الوطنية وتطوير فروع الاقتصاد مثل الطاقة والتعدين والصلب والحديد وبناء الماكينات وإنشاء المشاريع المائية. ونفذت بمساعدة الاتحاد السوفيتي مشاريع كبرى في شتى فروع الاقتصاد الجزائري.
ومؤخرا وبعد عام 2000 بدأت الشركات الروسية تدريجيّاً بالعودة إلى الجزائر للاستثمار في مجالات النفط والغاز.
أيضا التعاون التقني والعسكري لم يغب بين الجزائر وموسكو خلال السنوات الأخيرة، خصوصا وأن مثل هذا التعاون أصبح ضرورة ملحة في وقتنا الراهن في ظل الحروب التي تضرب العالم مؤخرا، ولذلك يحرص الجيش الجزائري دائما على تطوير قدراته العسكرية، وهو ما يضعه بين أقوى الجيوش العربية والدولية.
*راية مصر.
ـ ملاحظة: لا يجوز استخدام مفردة (“الدب” الروسي”). هذا التعبير غير علمي وغير موضوعي، بل يُراد به تصوير روسيا على أنها وحش كاسر.. للأسف هذه المفردة انتشرت لكن مَن يستخدمونها، بأغلبيتهم، لم يدققوا في عمق معناها السلبي..
ـ في روسيا مثلًا، إضافة إلى المتخصصين والباحثين، لا يستخدمون هذه المفردة، لكونها ترويج غربي قديم للشخصية الروسية سلباً..
ـ الأكاديمي مروان سوداح: رئيس الاتحاد الدولي ومواطن روسيا الفدرالية.