دكتورة كريمة الحفناوى*
#كريمة_الحفناوى: ناشطة سياسية وقيادية في حركة كفاية، وعضو مؤسس بالحزب #الاشتراكي_المصري وجبهة نساء #مصر، عضو حملة الحريات #النقابية والدفاع عن حقوق العمال، وعضو لجنة #الدفاع عن الحق فى الصحة – مصر، وعضو متقدم ناشط في #الأتحاد_الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب #أصدقاء_وحلفاء #الصين.
“الصين هى الخطر الأمنى الأهم….الصين تشكل التهديد الأمنى هى وروسيا” هذه مقولات يرددها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية منذ مجيئة للحكم فى أوائل 2017 ويبدو ياسادة أن تاجر الصفقات لاينام خوفا من صعود أقطاب تزاحم الولايات المتحدة الأمريكية فى كونها القطب المهيمن على العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتى ومنظومة أوروبا الشرقية فى أواخر ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن الماضى.
حدد الرئيس ترامب خصومه وأعداءه منذ اللحظة الأولى لمجيئه الحكم (كوريا الشمالية وإيران “أعداء” يمثلان خطرا وتهديدا مباشرا ورئيسيا لبلاده أما الصين وروسيا “خصوم” حيث تمثل روسيا خطرا عسكريا استراتيجيا وتمثل الصين خطرا اقتصاديا استراتيجيا).
اعتبر ترامب كوريا الشمالية دولة مارقة تطور الصواريخ وتهدد أمريكا وحلفاءها، وانسحب من الاتفاق النووى الإيرانى وواصل فرض العقوبات الاقتصادية على إيران لتمدد نفوذها فى منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية ومعادتها لأمريكا والكيان الصهيونى. أما روسيا الخصم الاستراتيجى العسكرى قال عنها أحد القادة العسكريين الأمريكيين “إننا فى وضع لم نجد فيه أنفسنا من قبل خلال 15 سنة قامت روسيا بتحديث أكثر من 70% لكل أنواع السلاح ومنها صواريخ فوق صوتية ودقيقة التحكم”.
أما الصين تتجه ياسادة فى أواخر العقد الحالى من القرن الواحد والعشرين لأن تكون ندا للولايات المتحدة الأمريكية وستكون الصين القوى الاقتصادية الأولى عالميا خلال بضعة سنوات وهى تعتبر حاليا القوى الاقتصادية الثانية على العالم بل وتعتبر الأولى عالميا بحساب الناتج القومى الإجمالى وفقا لنظام تعادل القوى الشرائية.
ومع اقتراب المعركة الانتخابية فى نوفمبر القادم ومع أمل ترامب فى ولاية ثانية لرئاسة أمريكا ومع تضاؤل فرص نجاحه ونقص شعبيته بدأ ترامب محموما يردد اسم الصين بكثرة مهددا بعقوبات أشكال وألوان كان آخرها معركته مع تطبيق “التيك توك” وهو تطبيق على مواقع التواصل الاجتماعى عبارة عن مقاطع الفيديو القصيرة يتبع شركة البرمجيات الصينية “بايت دانس”.
ويصرح وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو لشبكة فوكس نيوز التليفزيونية إن تطبيق التيك توك يهدد الأمن القومى الأمريكى. وفى سابقة لم تحدث من قبل تجبر أمريكا شركة أجنبية “تيك توك” على التخارج من السوق لتشتريها شركة وطنية أمريكية (مايكرو سوفت). ألا يعتبر هذا البلطجة بعينها بدلا من احترام قيم العدالة والقانون والترحيب بالاستثمار والانفتاح على العالم؟!.
وردّت الصين على هذه الاتهامات بحقائق مضادة، ضمنها أن الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم مصطلحا فضفاضا للأمن القومى، وعارضت بشدة حظر الولايات المتحدة الأمريكية للتطبيقات الصينية مثل تيك توك بسبب قضايا الأمن القومى.
كما عارضت بكين بشدة على لسان وانغ وين بين المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية عارضت أى تصرفات أمريكية ضد الشركات الصينية الإلكترونية داعيا واشنطن إلى الكف عن سياستها التمييزية.
ولقد وصفت صحيفة تشاينا ديكى اليومية فى تقرير لها فى الثالث من أغسطس شركة بايت دانس المالكة لتطبيق تيك توك بأنها ضحية اضطهاد أمريكى وأن أمريكا لم تقدم أدلة تؤيد مزاعمها بأن تيك توك تمثل خطرا على الأمن الأمريكى.
لم تكن المهزلة والبلطجة الترامبية بحظر تطبيق تيك توك هى الأولى من نوعها فى إطار الهجوم على الصين، فالهجوم مستمر كمحاولة لإلقاء فشله الداخلى عليها. فلقد فشل ترامب فى مواجهة تفشى فيروس كورونا وأصبحت أمريكا الأولى فى العالم فى عدد الإصابات (5 مليون مصاب) من 19 مليون مصاب لحظة كتابة المقال، والأولى فى عدد الوفيات 158 ألف حالة وفاة من 712 ألف حالة وفاة على مستوى العالم. كما فشل فى توفير وظائف لعدد كبير من الذين فقدوا وظائفهم كنتيجة من نتائج محنة كورونا وزاد عدد العاطلين وزادت نسبة البطالة وتشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن الاقتصاد الأمريكى فى الربع الثانى من العام الحالى سجل انكماشا قدره 32,9% وارتفع عدد المتعطلين إلى 54 مليون عاطل.
هذا بجانب تفكيره العنصرى ضد السود الأفارقة وضد العرقيات المختلفة والتمييز ضد النساء مما شجع على العنصرية فى جميع ولايات أمريكا وساهم فى تشجيع رجال الشرطة البيض فى استهداف وقتل السود المشتبه بهم وأشعل ذلك مظاهرات ضد العنصرية منذ أواخر يونيو الماضى خرج فيها مئات الآلاف من الأمريكيين البيض والسود تحت شعار “حياة السود مهمة”.
وبالطبع كل هذه السياسات أدت إلى خفض شعبية ترامب أمام منافسه من الحزب الديمقراطى جو بايدن فما كان منه إلا أن يجد مخرجا لسياساته الفاشلة وهو القاء اللوم على الصين بدءً من الحرب التجارية مع الصين، ومرورا بتحميل الصين ومنظمة الصحة العالمية السبب فى تفشى فيروس كورونا وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية، والتصعيد الدبلوماسى الشهر الماضى بإغلاق القنصلية الصينية فى مدينة هيوستن الأمريكية (وبالطبع ردت الصين بإغلاق القنصلية الأمريكية فى مدينة تشنجدو الصينية)، وتجريم التعاون مع شركة هواوى فى مجال تركيب وتشغيل شبكات الجيل الخامس فى الاتصالات وانتهاءً بحظر استخدام برنامجى تيك توك ووى تشات الصينيتين.
ومن المعروف أن ترامب منذ وصوله للبيت الأبيض وهو يتعامل بعقلية التاجر الذى يعمل لمصلحته ولصالح نجاحه فى اقتناص ولاية أخرى لحكم أمريكا. لذا، فإن هجومه المستمر على الصين هو لخوفه من صعود العملاق الاقتصادى الصينى مما يفقد الولايات المتحدة عرش التربع والهيمنة لنهب ثروات الدول وإفقار الشعوب.