صحيفة الدستور الأردنية/
الأكاديمي مروان سوداح*
يتزامن احتفالنا هذه الأيام بالذكرى(52) لنصرنا المؤزّر على العدو الصهيوني – الفاشي في معركة الكرامة، مع معركة أخرى لا تقل أخطارها التوسّعية وأهدافها القتّالة عن أخطار الصهيونية الاستيطانية ومراميها، وضمنها اليوم صفقة القرن الصهيوترامبية.
عدونا الجديد الذي يتقدّم مليكنا المفدى عبدالله الثاني وجيشنا العربي الصفوف لقتاله، هو فيروس كورونا المَصنعي، وقد اتخذت الحكومة إجراءات شاملة رادعة لضمان تحقيق النصر في المعركة الضروس لاجتثاث الشيطان المُستحدَث، ولتسييد الطمأنينة والآمان في ديارنا الغالية.
أذكر، أنه وبعدما انتهت ملحمة (قرية الكرامة) بتحقيقنا النصر الكامل الشامل على فلول يهوذا الاسخريوطي- برغم حرّمان قوّات الأردنية من الحصول على الغطاء الجوي- اصطحبني والدي المرحوم موسى إلى وسط عمّان، لأُشاهد الدبابات الصهيونية مُحترقة في ساحة أمانة العاصمة، بجانب المدرج الروماني.
وطلب مني أبي أن أصعد إلى إحداها، وألقي نظرة إلى داخلها، لأجد وضعاً مُرعباً لم يتجلَ لي في المنام حتى، فقد شاهدت أنذاك بقايا لصوص صهاينة مُكبلين إلى الدبابة وأجسادهم أكلتها النيران تماماً، وتبيّن أن قادتهم العسكريين قذفوا بهم إلى نارٍ جهنمية بعدما اعتقدوا أن احتلال الأردن سيَغدو نزهة ربيعية لبني صهيون، ككل نزهة أُخرى كانت مدعومة لوجستياً وعَملانياً واستخبارياً من ركائزهم في الغرب الاستعماري. كانت أهداف العدو الصهيودولية جلية لنا: القضاء على حُلم العودة للشعب الفلسطيني. القضاء تماماً على المقاومة الفلسطينية. استحداث سياج أمني جديد لدويلة صهيون.
احتلال مرتفعات السلط، وتحويلها إلى «منطقة أمنية إسرائيلية». استعراض قوة الجيش الإسرائيلي وقدرته على «التغلب على جميع الجيوش العربية.. وأنه الجيش الذي لا يُقهر»، لكننا قُهِرَ وأُذلَّ ولقنّاهُ درساً سيشهد عليه تاريخ شراذم صهاينة هتلر/شيكلغروبر وموسوليني. كان جلالة الملك الحسين رحمه الله في الصف الأول المُتصدي بشجاعة وعنفوان للعدوان، فحقّق نصراً تاريخياً ومؤزراً على دويلة لقيطة، زُرعت دولياً على حدود الأُردن الغربية، هَدّدت العالم العربي برمته، وقطّعت سُبل التواصل بين جناحيه الآسيوي والأفريقي. وعرقلت التواصل العربي مع آسيا الغربية وأوروبا. وبرغم المُعيقات الدولية والأوسطية، حقّق الملك والأُردن نصراً ضخماً بكل المقاييس، ناله بإردته الملكية الوطنية، وشجاعة وتضحيات كوادر جيشنا العربي قادة وأفراداً.
آنذاك، رفض الملك أي هدنة مع الغزاة، وأصر أولاً على رحيلهم عن ترابنا الطهور قبل النظر بتطبيق أي قرار لوقف إطلاق النار، إذ كان الملك يُدرك بعمق خُبث اللعبة الصهيودولية، ورغبات المماطلة والتسويف المتجذرة في طبائع التوسّع الصهيوني والغربي الإمبريالي في المنطقة والاردن الذي كان ويبقى هدفاً استعمارياً واستيطانياً رئيسياً في ما يُسمّى وعد بلفور، وفي أيديولوجية المدارس الصهيونية المختلفة، التي تتجلّى في الأحزاب الدينية والمنظمات العسكرية والسياسية والعُمّالية والثقافية.. منطقة الكرامة عريقة في تاريخنا، فهي مهد لحضارات أدومية، ومؤابية، وعمونيّة، وآرمية، وآشورية، وشهدت الممالك الأنباطية، واليونانية، والرومانية، والبيزنطية، وتحتضن في تُرّبتها مقامات الصحابة رضوان الله عليهم.
اليوم، كما نستذكر النصر الضخم في (الكرامة) التي ثأرنا فيها لكرامتنا المُستهدفة صهيونياً، سننتصر ملكاً وشعباً بهزيمة كورونا، وبالتعاون مع أصدقائنا الدوليين، وأولهم الصين التي أكد سفيرها بان ويفانغ لـِ»الدستور»: «يَتبّنى الأردن بالقيادة القوية لجلالة الملك عبد الله الثاني تدابير فعّالة للتغلب على كورونا، فجلالته يولي أهمية لصحة وسلامة الشعب، الذي رأينا وحدته». وأكد السفير: «قدّمت الصين للأُردن (بروتوكول التشخيص والعلاج لفيروس كورونا)، وشاركت الجانب الأردني بتجربتها ومعلوماتها في مكافحته، وتبرّعت الشركات الصينية المتواجدة في الأردن لدعم الشعب الأردني».
*كاتب وصحفي أردني
شششكرا جزيلا استاذ خليل رئيس التحرير المسؤول ورئيس هيئة المديرين في شبكة طريق الحرير الصيني الاخبارية، لاعادة نشر مقالتي من جريدة” الدستور” الاردنية في “الشبكة”.