CGTN العربية/
يتوق الاقتصاد العالمي إلى انتعاش سريع بعد ضربة هائلة تعرض لها جراء جائحة كوفيد-19، فيما تبرز، من بين تلك الجهود المبذولة في دول وسط وشرق أوروبا، مساهمات من جانب مشاريع استثمارية صينية تقام في إطار مبادرة الحزام والطريق.
ومن البحر الأبيض المتوسط وصولا إلى بحر البلطيق، تعود مشاريع مبادرة الحزام والطريق إلى مسارها تدريجيا، رغم التحديات المتعلقة بقيود السفر ووقف الإنتاج في جميع أنحاء العالم.
–قهر الصعاب
لقد ظلت معدات شركة (نورينكو) الصينية المرسلة لبناء مزرعة (Senj Wind Farm)، والتي كانت قد وصلت خلال الموجة الأولى من تفشي كوفيد-19 في أوروبا، ظلت عالقة في ميناء زادار بكرواتيا لمدة ثلاثة أشهر.
وقال ليو تشن، المدير العام لفرع نورينكو في زغرب إنه بفضل التعاون والعمل الجاد للموظفين الصينيين والكرواتيين، تم حتى الآن إنجاز 50 في المائة من قيمة العقد.
وبحلول نهاية هذا العام، ستكون 13 توربينة رياح في المزرعة جاهزة لتوليد الطاقة، وسيتم تشغيل 39 توربينة رياح بحلول إبريل المقبل.
وعند جبل موزورا في جمهورية الجبل الأسود، بدأت توربينات الرياح التي بنتها شركة شانغهاي للطاقة الكهربائية، في الدوران حيث يمتد الطريق السريع الجديد للبلاد نحو الحدود مع صربيا.
ومن المتوقع أن يتم في العام المقبل الانتهاء من جسر بيليساك، وهو جسر يبلغ طوله 2.4 كم بنته الشركة الصينية للطرق والكباري والذي سيربط البر الرئيسي الكرواتي بشبه جزيرة بيليساك. إنه مشروع بنية تحتية أيقوني يموله الاتحاد الأوروبي.
وقال لو شنغ وي، أحد ممثلي الشركة الصينية للطرق والكباري في كرواتيا، إن “جائحة كوفيد-19 أخرت بالطبع مشروعنا، حيث توقف إنتاج عوارض الصناديق الفولاذية، فيما عانينا من نقص الموظفين جراء قيود السفر الدولية”.
“ومن أجل تدارك التأخر الحاصل في الجدول الزمني، طلبت الشركة رحلة طيران مستأجرة مباشرة لعمال اللحام بالشركة” حسبما قال لو.
ومع استئناف إنتاج عوارض الصناديق الفولاذية في الصين بعد السيطرة على تفشي المرض، بدأ المشروع في العودة إلى المسار الطبيعي.
وبمجرد اكتمال الطريق السريع بلغراد – جنوب البحر الأدرياتيكي الذي تشيده الشركة الصينية للطرق والكباري، والذي يسمى أيضا (إي 763)، فإنه سيسهل بشكل كبير نقل الركاب والبضائع بين البلقان والمناطق النائية في أوروبا.
–تجاوز أزمة الجائحة
منذ بداية الجائحة في أوروبا في أوائل الربيع، تبذل الشركات الصينية قصارى جهدها لتقليل الأضرار التي لحقت بأعمالها وتنفيذ مشاريعها.
وقد شهد ميناء بيرايوس في اليونان، وهو رابع أكبر ميناء في أوروبا وتديره شركة (كوسكو) الصينية للشحن، زيادة نسبتها 17.8 في المائة في إيرادات محطات الحاويات، فيما ارتفعت عائدات إصلاح السفن بنسبة 21.8 في المائة في النصف الأول من عام 2020.
وبهذه الطريقة، تمكنت الشركة من موازنة الانخفاض الهائل في إيرادات السفن السياحية والشحن الساحلي، وسجلت انخفاضا نسبته 5.8 في المائة فقط في حجم التداول في هذه الفترة.
وكتبت صحيفة (كاثيميريني) اليونانية في أغسطس تقول إن حجم مناولة الحاويات انخفض بنسبة 3 في المائة فقط، وهو أقل بكثير من 10 في المائة في الموانئ الأمريكية والأوروبية، وإن ميناء بيرايوس “يتصدى لجائحة مرض فيروس كورونا الجديد بشكل جيد في الوقت الحالي”.
وعلى الجانب الآخر من القارة، في جنوب شرق بولندا حيث يتم تأكيد الآلاف من حالات الإصابة الجديدة بكوفيد-19 يوميا، تجد شركة (Fabryka Lozysk Tocznych-Krasnik S.A. – FLT-Krasnik)، وهي شركة مصنعة للمحامل اشترتها مجموعة (Tri-Ring) الصينية، طرقا للحفاظ على إنتاج حوالي 1500 نوع من المحامل.
وصرح جرزيجوز جاسينسكى، رئيس شركة (FLT-Krasnik) بأن أزمة كوفيد-19 أصابت الخدمات اللوجستية والمبيعات بالشلل، لكن تم التغلب على ذلك مع قيام الدول الأوروبية برفع قيود النقل.
وقال إن “الشركة شهدت انتعاشا هائلا في المبيعات، بل وحتى زيادة ملحوظة في الربع الثالث مقارنة بعام 2019.”
وعلى الرغم من الخسائر المؤقتة والتشغيل الصعب، احتفظت الشركة بجميع موظفيها البالغ عددهم 1650 موظفا.
–الاهتمام بالناس
تعيش سباسينيجا (93 عاما) مع ابنتها ميليجانا (66 عاما) بالقرب من محطة (Ulog Hydropower) الجديدة التي تقوم شركة (سينوهيدرو) الصينية ببنائها في كالينوفيك، على بعد حوالي 90 كم جنوب سراييفو، عاصمة البوسنة والهرسك.
ولعقود من الزمان، كان دخلهم االوحيد هو المعاش الذي تتقاضاه سباسينيجا حتى وصلت الشركة الصينية وقررت استئجار أرضهم لمدة ثلاث سنوات. كما حصلت سباسينيجا على دخل ثابت من خلال توفير البطاطس والخضراوات لشركة (سينوهيدرو).
لقد وفر المشروع العديد من الوظائف للسكان المحليين، الذين يكسبون من الناحية التقليدية لقمة العيش من العمل في مجالات الزراعة والغابات وصيد الأسماك، كما عزز التجارة والخدمات في الأحياء المحلية.
وقالت:”إن الصينيين الذين يعملون في هذا المشروع لم يساعدوني ماليا فحسب، بل أكدوا لي أيضا أنهم أصدقاء حقيقيون … لقد ساعدوني في حفر الخندق وتجهيز الأخشاب لفصل الشتاء بآلاتهم”.
وبالعودة إلى اليونان، تذكر مانوس تساكيلتزيس، سائق حافلة (54 عاما)، كيف فقد وظيفته عندما أصاب الفيروس صناعة السياحة في وقت سابق من هذا العام.
وقال “الإغلاق والبدء المتأخر لموسم الصيف مع وجود نسبة صغيرة فقط من الوافدين مقارنة بالسنوات الماضية قلب كل شيء رأسا على عقب في حياتي وحياة عائلتي”.
وتغيرت الأمور إلى الأفضل بعدما تم تعيينه سائق شاحنة لمدة قصيرة في ميناء بيرايوس.
ولفت تساكيلتزيس إلى أن الإجراءات الوقائية التي طبقها الميناء كانت ممتازة و”يسعدني كثيرا” العمل مع الزملاء الصينيين.
“إنني أقدر ذلك حقا”، هكذا قال تساكيلتزيس وهو يشير إلى فرصة العمل هذه، مضيفا أنها ساعدته وأسرته على كسب لقمة العيش.
تعود مشاريع الحزام والطريق الأخرى في جميع أنحاء المنطقة بالفائدة على المجتمع المحلي بطرق مماثلة بينما تحاول في الوقت ذاته البقاء مواكبة للجداول الزمنية المقررة لتطورها.